يسعى القادة الأفارقة لطرح صيغة تسوية سلمية بين الجانبين الروسي والأوكراني لإنهاء الحرب التي تستمر في إنهاك اقتصادات العالم مع دخولها شهرها السادس عشر؛ إذ عقدوا اجتماعًا رئاسي حضره 6 قادة عبر تقنية «فيديو كونفرانس» مساء أمس، من أجل بحث مبادرة أفريقية للوساطة بين موسكو وكييف. وجاء في بيان للرئاسة المصرية، بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي، شارك عبر تقنية الفيديو كونفرانس، في اجتماع مع عدد من الرؤساء الأفارقة، للتباحث حول تفاصيل المبادرة الأفريقية للوساطة في الأزمة الروسية الأوكرانية. وفقا للبيان المصري شارك في الاجتماع، رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي، ورئيس جزر القمر، عثمان غزالي، ونظراؤه الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، والسنغالي، ماكي سال، والأوغندي، يوري موسيفيني، والزامبي، هاكايندي هيتشيليما«. كذلك، أكد القادة أنّ «لأفريقيا مصلحة أكيدة في العمل على إنهاء هذا النزاع، بالنظر لآثاره السلبية الهائلة على دولها والعالم، في قطاعات منها أمن الغذاء والطاقة والتمويل الدولي»، وفق البيان المصري. من جانبه، أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الاجتماع عن «تطلّع مصر لأن تُسهم المبادرة الأفريقية في تسوية النزاع الروسي الأوكراني، في ضوء ما يربط دول القارة الأفريقية عبر علاقات ممتدة مع الدولتين». وشهد الاجتماع «التوافق على استمرار العمل المكثّف على دفع المبادرة الأفريقية من خلال بلورة الآليات اللازمة لتشجيع الجانبين الروسي والأوكراني على الانخراط فيها، بشكل إيجابي خلال الفترة المقبلة»، من دون تفاصيل أكثر. وتُعتبر روسياوأوكرانيا من كبار منتجي ومصدري الغذاء العالميين، وتُعد روسيا أكبر مصدر للقمح عالميًا، وتأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة، وتعتمد عليهما غالبية دول القارة الأفريقية. بدوره، أعلن رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامابوسا، في السادس عشر من مايو، أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وافقا على استقبال بعثة من زعماء أفارقة لبحث خطة سلام محتملة لحل الصراع. وقال رامابوسا، خلال إفادة صحافية مقتضبة مع رئيس وزراء سنغافورة: «أظهرت مناقشاتي مع الزعيمين استعدادهما لاستقبال الزعماء الأفارقة، وإجراء مناقشة بشأن سبل إنهاء هذا الصراع، مؤكّدًا أنّ فرص نجاح هذه الخطوة ستتوقّف على المناقشات التي ستُجرى. يذكر أنّ جنوب أفريقيا تواجه انتقادات غربية منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لقربها من موسكو، علمًا أنها تؤكد تبنّيها موقفًا محايدًا، رافضةً الانضمام إلى الدعوات الغربية لإدانة روسيا. بينما تعد الحرب الروسية الاوكرانية ضربة قوية للاقتصاد العالمي نظرا لتباطؤ النمو وارتفاع معدلات التضخم.، بعدما ارتفعت أسعار المعادن والحبوب بشكل مضطرد. أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تداعيات كارثية على القارة الأفريقية، عقب توقف معظم الصادرات الروسية بفعل الحصار الغربي، والصادرات الأوكرانية بفعل الحصار الروسي، إضافة إلى معاناة بلدانها نقصا حادا في القمح إذ تزود أوكرانياوروسيا أفريقيا بأكثر من 40 بالمئة من احتياجاتها من تلك السلعة الحيوية. أدت الحرب الروسيبة الأوكرانية إلى نقص بواقع 30 مليون طن من الغذاء في إفريقيا كما زادت الأسعار بنسبة 40 بالمئة بأسعار الغذاء في القارة، إضافة إلى نقص شديد في إمدادات الغذاء إلى دول القارة، إلى جانب انخفاض المساحة المحصولية بنسبة 25 %، وانخفاض حجم الإنتاج بنسبة 37 % فاقم أزمة الغذاء في عدة دول، ووضع بعضها على حافة المجاعة، وذلك وفق تقديراتن أممية. ونقصت القدرة التصديرية للقارة الأفريقية جراء الحرب الروسية الأوكرانية عن العام السابق على الحرب، فيما ارتفعت تكاليف سداد قيمة المواد الغذائية نتيجة لارتفاع أسعار الحبوب والأرز والقمح، وذلك إضافة لمعاناة معظم بلدان القارة من ارتفاع تكلفة الدين. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آثارا فادحة من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وضيق الأوضاع المالية العالمية، مكما يفرض ضغوطا على حسابات الموازنات العامة الضعيفة بالفعل. وإضافة إلى ذلك، فإن تفاقم الأوضاع المالية الخارجية قد يحفز تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج ويضيف إلى التأثيرات المعاكسة على النمو في بلدان المنطقة ذات مستويات الدين المرتفعة والاحتياجات التمويلية الكبيرة. ووسط القارة الأفريقية، أدى الارتفاع المضطرد للأسعار إلى زيادة التوترات الاجتماعية والسياسية في بعض البلدان، في ظل وجود حكومات تفتقر إلى الشعبية. أما أفريقيا جنوب الصحراء وبعدما كادت المنطقة تقترب من التعافي التديجي من تداعيات جائحة كوفيد 19أدت الحرب الروسيبة الأوكرانية إلى تراجع مستويات الامن الغذائي، نتاج ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة مما يدفع المنطقة لمزيد من التوترات السياسية والاجتماعية في تلك المنطقة التي تستورد نحو 85% من إمداداتها من هذه السلعة، والتي يأتي ثلثها إما من روسيا أو أوكرانيا.
