توافد المريدين والمحبين من كل مكان.. الحياة تعود لأضرحة الإسكندرية بعد عامين من الحرمان

عادت الحياة من جديد إلى أضرحة ومقامات الصالحين من أولياء الله وآل البيت فى الإسكندرية، بعد أكثر من عامين من الحرمان والغلق، بعد صدور قرار الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، للعودة بنظام فتح المساجد إلى حالتها الطبيعية وعمارتها بالدروس والمقارئ القرآنية والسماح بزيارة المقامات والأضرحة فى غير أوقات الصلاة، لتكون بمثابة انفراجة لمريدى أولياء الله ومقامات الأولياء والأضرحة.
«المصرى اليوم»، أجرت جولة ميدانية لعدد من المقامات والأضرحة بميدان المساجد فى منطقة بحرى فى الإسكندرية، والذى يضم قرابة 18 مقاما وضريحا و4 من أولياء الله الصالحين، أبرزهم أبوالعباس المرسى، والإمام البوصيرى، وأبوالإخلاص الزرقانى، وتم رصد الإقبال على المقامات وفرحة المريدين بقرار السماح بالزيارة فى غير أوقات الصلاة.
بدأت الجولة بمقام أبى العباس المرسى، حيث يعد المقام الأشهر فى الإسكندرية، وقال أحمد درويش، إمام وخطيب مسجد أبى العباس المرسى، التابع لوزارة الأوقاف، إن القرار يعتبر منّة من الله بفتح المقامات والأضرحة والسماح للمصريين بزيارتها وفتحها أمام المريدين، حيث قابله المصريون بترحاب شديد وفرحة غامرة لأنهم أهل دين وتقوى، وتوافد المئات يوميًا لزيارة المقام من المصريين والأجانب لما له من مكانة خاصة فى قلوب المريدين ويتمتع بمكانة عالية وعمارة راقية وزخرفة إبداع هندسى فريد.
وأوضح أن أبا العباس المرسى توفى قبل أكثر من 800 سنة، وكان منذ صغره محبا للقرآن والذكر ولديه شىء روحى يريد أن يشبعه، مشيرًا إلى أن المقام استقبل منذ فتح الزيارة أكثر من وفد أجنبى للزيارة بالإضافة إلى المصريين وأهل الإسكندرية.
وأوضح أن الشيخ أبا العباس المرسى، عالم دين صوفى، وأحد أبرز رجالات الصوفية فى سلسلة الطريقة الشاذلية، والده كان يعمل فى التجارة مما مكنه من إرسال ابنه إلى معلم لتعلم القرآن الكريم والتفقه فى أمور الدين وقد حفظ القرآن الكريم كله فى سنة واحدة، وتعلم بالأندلس أصول الفقه والقراءة والكتابة، وكان والده من تجار مرسيه فشارك معه فى تجارته، وكان المال الذى يتدفق إلى سيدى المرسى من تجارته، يذهب إلى جيوب الفقراء والمساكين وأبناء السبيل، وكان يكتفى من أرباح تجارته بما يقيم أوَدَه ويحفظ حياته، وكان مستغرقا بقلبه فى ذكر الله فكان شغله الشاغل أن يتقدم كل يوم خطوة فى طريق الحق.
وأشار إلى أنه اشتهر بالصدق والأمانة والعفة والنزاهة فى تجارته وكان يربح مئات الآلاف، ويتصدق بها، وكان قدوة لتجار عصره فى التأدب بأدب الدين الحنيف وكان قدوة للشباب فى التمسك بالعروة الوثقى ورعاية حقوق الله، فهو يصوم أياماً كثيرة من كل شهر، ويقوم الليل إلا أقله، ويمسك لسانه عن اللغو واللمم، حيث نشأ فى بيئة صالحة أعدته للتصوف.
وتوالت الجولات لمقام الإمام البوصيرى، واسمه شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله، أبوعبد الله الصِنْهَاجِى البُوْصَيْرِى المصرى، شاعر بارع فى النظم، أصله من المغرب، وُلِد فى بنى سويف فى مصر، سنة 608ه، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة والدته بُوْصَيْر، ونُسِب إليها، وهى من قرى بنى سويف بمصر، وعرف شرف الدين البوصيرى بأنه شاعر حسن الديباجة، مليح المعانى، له ديوان شعر، برع بالخط والإنشاء والنظم، والتصوف، وأخذ التصوف على الطريقة الشاذلية عن الشيخ أبى العباس المرسى الشاذلى، كما تتلمذ عليه عدد كبير من العلماء المعروفين، كما حفظ القرآن الكريم فى الكتاتيب، ثم انتظم فى حلقات الشيوخ يأخذ عنهم علوم الشريعة واللغة.
وأعقب ذلك زيارة مقام «مندرة»، التى تقع فى الخلف من مقام ومسجد أبى العباس المرسى، حيث جرى إنشاؤه على مسطح لا يتعدى 10 أمتار فى 10 أمتار، وهناك رصدنا تجمع العشرات من المريدين والغلابة يتناولون وجبات غذائية مجاناً، وبدون طلب وبمجرد أن تلقى السلام على من يقومون على طهى الطعام وتقديمه للمريدين، يبادرون بتقديم وجبة غذائية تشتمل على كوسة وأرز ولحوم ودواجن وأسماك وخضار وأرز بلبن وخبز لتختار ما تريده.
والتقينا بزوار ومريدى مقام «أبوالإخلاص الزرقانى»، الذى جرى نقله من منطقة غيط العنب إلى ميدان المساجد، حيث يشهد إقبالا كبيرا من جانب الزوار بعد قرار الفتح مرة أخرى.
من جانبه قال محمد صفوت فودة، وكيل عام مشيخة الطرق الصوفية فى الإسكندرية وضواحيها، ل«المصرى اليوم»، إن الإسكندرية، تضم العديد من الأضرحة التى نالت شهرة واسعة مثل أبى العباس المرسى والإمام البوصيرى وأبى الدرداء الخزرجى وسيدى بشر ومحمد شاهر روحه، وغيرهم من الأولياء، فضلاً عن ساحة الأولياء فى ميدان المساجد بالمنشية، التى يطلق عليها بقيع الإسكندرية الجديد نظراً لتجمع العشرات من الأضرحة فى الميدان، بالإضافة للأضرحة الجديدة المندثرة وغير المشهورة المطلوب نقلها إليها والبالغ عددها قرابة 15 ضريحا آخر.
وأضاف أنه يوجد فى المحافظة نحو 200 ضريح ما بين أضرحة ظاهرة ومعروفة وأصبحت مزارات لمريدى الأولياء، مشيرا إلى أنه سيتم بدء الموالد الصوفية يونيو المقبل.
وأشار إلى أن تنظيم الحضرات يتطلب موافقة المشيخة، حيث يذهب المسؤول عن إقامة حضرة إلى المشيخة للحصول على موافقة رسمية منها للتنفيذ، موضحا أنه تلقى 3 طلبات هاتفية من طرق الرفاعية والشاذلية والزعامة المحمدية السمانية لإقامة حضرة.