قصص كثيرة وكرامات نسجها أهالي محافظة لإسكندرية عن أولياء الله الصالحين.. يرددونها كلما ذهبوا إلى مقام أحدهم للتبرّك والدعاء بصلاح أحوالهم وقضاء حوائجهم، بعضها قصص لا يصدقها عقل، لكنها تبقى في مخيّلتهم يقين لا يقبل الجدال. تشتهر مدينة الإسكندرية بوجود العديد من مقامات آل البيت وأولياء الله الصالحين، الذين جاءوا إلى المدينة الساحلية في فترات تاريخية متفرّقة، وماتوا ودُفنوا بها، ولعل أبرزهم مقام الشيخ العارف بالله أبو العباس المرسي بميدان المساجد في منطقة بحري، حيث ترصد "التحرير" أهم الأضرحة الموجودة داخلها والتي يتوافد عليها المواطنون من مختلف محافظات الجمهورية. ميدان الأضرحة هكذا يطلق السكندريون على ميدان المساجد بمنطقة بحري، خاصة أنه يضم عدد كبير من الأضرحةومنها أضرحة الأربعة عشر محمدًا، وهم أولاد سيدنا على زين العابدين ابن الإمام الحسين، الذين نزحوا إلى الإسكندرية عقب استشهاد الحسين، وعاشوا فيها وماتوا هناك، وتم اكتشاف مدافنهم في عهد محمد علي باشا، الذي أمر بجمعهم بجوار بعضهم في مكان واحد بين مسجدى أبو العباس والبوصيري، ومنهم ضريح سيدي محمد بركة، وضريح سيدي محمد غريب اليمني، وضريح سيدي محمد الشريف، وضريح سيدي محمد إجابة، وضريح سيدي محمد الحلواني، وضريح سيدي محمد الطرودي. كما تضم الساحة أضرحة عدة، مثل أضرحة أبناء أبو العباس الاثنين أحمد ومحمد، وضريح السيدة عارفة الخير ابنه أبو الحسن الشاذلي، وضريح السيدة مندرة أبو المجد، ومقام سيدي على أبو الفتوح شقيق أبو الحسن الشاذلي، وكذلك ضريح سيدي محمد شمس الدين اللبان، وسيدي محمد الفكهاني، وضريح السيدة فاطة، وسيدي مكين الأسمر وولديه، وضريح سيدي محمد نصر الدين الذي كان قاضيًا لأهل مصر. أبو العباس المرسي ويعد ضريح أبو العباس المرسي، الأبرز والأشهر بمدينة الإسكندرية، ويُنسب لشهاب الدين أبو العباس الأنصاري المرسي - الذي ولد بالأندلس عام 626 ه، وخلال عام 1242، عزم الحج إلى بيت الله الحرام عن طريق البحر وخلال رحلته هبّت رياح في البحر المتوسط أغرقت المركب ولم ينج أحد سوى أبو العباس وأخيه، واستقر بتونس إلى أن تعرّف على الشيخ أبو الحسن الشاذلي وسافر معه إلى مصر وعاش فيها حتى دفن بالإسكندرية عام 706 ه بمقبرة باب البحر، حتى بنى عليه الشيخ زين الدين بن القطان كبير تجار الإسكندرية مسجدًا. ياقوت العرش وبساحة المساجد كذلك يقع مقام ومسجد سيدي ياقوت العرش، وهو من طلبة أبي العباس المرسي وزوّجه "المرسي" بابنته لما رأى فيه من تقوى وورع، ويُعد العارف بالله ابن عطاء السكندري من أبرز تلامذته. ولد الشيخ ياقوت في الحبشة، وهو مشهور بين الطائفة الشاذلية، وتوفى عام 707 ه، ودُفن بمسجده في الإسكندرية، وقبره مشهور كمزار وله مولد في رمضان من كل عام. أعيد بناء مسجده وتوسعته مؤخرًا في بناء شامخ بجوار مسجد شيخه أبي العباس المرسي ويرتاد إليه المئات سنويًا من جميع الجنسيات لزيارته وقراءة الفاتحة والتبارك به، فهو سيدي ياقوت العرشي الحبشي، وهو إمام عارف عابد زوج ابنه المرسي أبو العباس وتوفي عام 707 ه. سيدي البوصيري وفي الجهة المقابلة لمسجد المرسي أبو العباس، يقع مسجد الإمام البوصيري، صاحب القصيدة الأشهر في مدح الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وهي قصيدة "البردة". ولد الإمام البوصيرى عام 1213م بمحافظة بني سويف، وغادر إلى الإسكندرية، وسكن بها إلى أن مات عام 1295م، وهو أحد أبرز تلاميذ الشيخ المرسي أبو العباس، واشتهر بمدح النبي وتصوّفه الذي كان سببًا في ذيع صيته بعد مماته. مسجد الإمام البوصيري - مصمم بنفس طريقة مسجد أبو العباس، لكن له 5 قباب، القبة الأولى تجاور المئذنة بالواجهة الجنوبية الغربية وهي قبة ضريح الإمام البوصيري، والقبة الثانية تتوسط بيت الصلاة، أمّا الثلاث قباب الأخرى تقع بالواجهة الشمالية الشرقية - وهي عبارة عن ثلاث قباب متجاورة تغطي سقف المكتبة الإسلامية الملحقة بالجامع. مكين الأسمر وهو محمد عبدالله بن منصور - والشهير بمكين الأسمر، وولد بالإسكندرية عام 610، وحفظ القرآن، فكان شيخ القراءات في عموم الشرق، وشُدّت إليه الرحال، كما انه أحد تلاميذ الشيخ أبو العباس المرسي. أخذ علم القراءات عن الشيخ أبي القاسم الصفراوي – وصحب الشيخ مكين الأسمر سيدي أبي الحسن الشاذلي وحضر معه معركة المنصورة ضد الصليبيين سنة 648ه، حتى توفى عام 692ه، ودُفن بجوار ضريح شيخه المرسي أبو العباس.