قتل 4 متظاهرين سودانيين، وأصيب 296 آخرون، فضلًا عن إصابة 49 من قوات الشرطة السودانية، فى التظاهرات التى شهدتها العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من المدن الأخرى، أمس الأول، للمطالبة بحكم مدنى، ورفضًا للاتفاق السياسى الموقع بين الفريق عبدالفتاح البرهان والدكتور عبدالله حمدوك. وشهدت التظاهرات اعتداءات من جانب قوات الأمن السودانية على عدد من المكاتب الإعلامية للقنوات الفضائية، مثل قنوات «العربية» و«العربية الحدث» و«الشرق» الإخبارية. وقالت الشرطة السودانية، فى بيان بثته وكالة الأنباء السودانية، أمس، إنه فى إطار تأمين تظاهرات ال30 من ديسمبر 2021، التى خرجت بعدد من الولايات، تم تنفيذ خطة التأمين للذين يشكلون خطورة وتهديدا على الحراك السلمى، وتم ضبط مروجى مخدرات حبوب نيرفاكس وايس كرستال. وأشارت إلى مشاركة المتفلتين وأصحاب الغرض وسط المتظاهرين، والذين جنحوا للتخريب والاعتداء على القوات بشكل منظم يدل على مشاركة محترفين بقيادات تضمر العداء الواضح للقوات، واستغلوا الحراك السلمى للانحراف به نحو المواجهة مع القوات، ما أخرج الحراك عن مساره للعنف. ولفتت الشرطة إلى وفاة 4 متظاهرين فى ولاية أم درمان، وإصابة 297 متظاهرًا، و49 من قوات الشرطة، منهم ضابطان، وحرق 3 مركبات شرطية. وأبدت رئاسة قوات الشرطة السودانية أسفها واستنكارها أى تجاوزات حدثت وأدت لخسائر بشرية وإتلاف للممتلكات العامة والخاصة، ودعت للالتزام بالسلمية والتعاون مع قادة الحراك للتنسيق والعمل سويًا لفضح أصحاب الغرض ومعتادى الإجرام الذين يسعون للوقيعة بين الشرطة والشعب، لتحقيق أجندتهم، وعلى رأسها الفوضى وعدم الاستقرار، مؤكدة قدرتها على إنفاذ القانون وتطبيقه على الجميع دون تعسف أو تهاون أو محاباة لطرف دون الآخر، تحقيقًا للعدالة وبسطًا لهيبة الدولة. من جانب آخر، أوضح تجمّع المهنيين السودانيين - الطرف الرئيس الداعى للتظاهرات- أنه على القوات النظامية أن تدرك مسؤوليتها عن وقف العنف والقتل والانتهاكات، فيما أشار المكتب التنفيذى لقوى الحرية والتغيير إلى أن السلطات الأمنية قطعت الطرقات والجسور وشبكات الاتصالات والإنترنت، وتصدت للتظاهرات السلمية واستخدمت القمع المفرط، وأنزلت إصابات مباشرة بالثوار السلميين، فضلا عن اعتقال عدد من المتظاهرين. ودعا المكتب التنفيذى لقوى الحرية والتغيير، الممثل المقيم للأمين العام للأمم المتحدة، لمطالبة مجلس الأمن بتكوين لجنة دولية مستقلة للتحقيق فى قتل ما يزيد على 50 من الثوار السلميين بالرصاص الحى، والعمل على حماية المدنيين وسط الانتهاكات الواسعة التى يشهدها إقليما دارفور وجنوب كردفان/ جبال النوبة. وأدان حزب الأمة القومى الانتهاكات ضد المتظاهرين السلميين، وحذر من مغبة المواصلة فيها، كما أدان اقتحام قوات الأمن لمكتب قناتى العربية والحدث، وطالب بالتحقيق الفورى فى مثل هذه الاعتداءات واحترام حرية العمل الإعلامى وحماية الصحفيين. وشدد الحزب على أن استمرار إغلاق الطرق والكبارى وقطع خدمة الاتصالات والإنترنت أمر يخالف الدستور والقانون، ويعرّض الأوضاع فى البلاد لمزيد من التردى الاقتصادى والخدمى، ويفاقم من معاناة المواطنين.. وعلى السلطة احترام حق الشعب السودانى فى تقرير مصيره، والعمل على إعادة الشرعية الدستورية لاستكمال الفترة الانتقالية. وقالت مريم الصادق المهدى، وزير الخارجية السابق، إنه ليس ثمة مبرر لشن هذا الهجوم العنيف فى مواجهة متظاهرين عزل سلميين تصدح حناجرهم بالحرية والديمقراطية. وأضافت أن هذا يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والحريات العامة، ويتعارض مع القانون الدولى لحقوق الإنسان والتزامات السودان الدولية والإقليمية واحترام وحماية الحق فى حرية التعبير والتجمع السلمى، ما يتعارض مع العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لحق التجمع السلمى وحق التظاهر الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويهشم ما جاء فى بند الحريات بالوثيقة الدستورية. وأوضح العميد الطاهر أبوهاجة، مستشار الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالى والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، أن استمرار التظاهرات بطريقتها الحالية ما هى إلا استنزاف مادى ونفسى وذهنى للبلاد وإهدار للطاقات والوقت فيما لا جدوى منه، مضيفًا أن هذه التظاهرات لن توصل البلاد إلى حل سياسى. وأشار «أبوهاجة» إلى أن التوافق الوطنى والالتفاف حول قضايا البلاد العليا والحوار هو الطريق الأوحد نحو استقرار السودان، لافتًا إلى أن هناك أيادٍ خفية تحاول جرّ البلاد نحو الفوضى، وهى لا تريد انتخابات ولا ديمقراطية، وإنما تريد فترة انتقالية إلى ما لا نهاية، وهذه الجهات مرصودة ومعروفة، ولن يُسمح لها بأن تجر البلاد إلى الهاوية وتطبق مخططات الخراب التى نفذت فى دول أخرى وذلك لتقسيم السودان وتفتيته. وبعث رئيس مجلس السيادة الانتقالى فى السودان، عبدالفتاح البرهان، موفدًا من مكتبه إلى مكتبى العربية والحدث بعد اقتحامهما من قبل قوات الأمن، أمس الأول، وزار قائد المنطقة العسكرية المركزية للجيش السودانى مكتبى القناتين، فيما فتحت الشرطة السودانية تحقيقًا فى الاعتداءات التى وقعت فى مكتبى العربية والحدث، كما زار وفد من الداخلية السودانية والمتحدث باسم الشرطة السودانية المكتبين أيضا. وقال المتحدث باسم الشرطة السودانية إنه سيتم التحقيق ومعاقبة الجناة فى حادث اقتحام مكتبى قناتى العربية والحدث فى الخرطوم. وتسبب استخدام قوات الأمن السودانية القوة المفرطة ضد المتظاهرين فى إدانات داخلية وخارجية، فقد أدان عضو مجلس السيادة رئيس الجبهة الثورية، الهادى إدريس، حادثة الاعتداء على مراسلى قناة العربية والعربية الحدث، والتعامل بالعنف المفرط تجاه المتظاهرين السلميين، مشيرا إلى ضرورة أن تعمل الشرطة على كشف هوية المعتدين للرأى العام. ونقلت مصادر سودانية عن الدكتور عبدالباقى عبدالقادر الزبير، عضو مجلس السيادة الانتقالى، قوله: «أرسلت رسالة إلى مدير مكتب رئيس المجلس السيادى لتحديد موعد معه لتقديم استقالتى، بسبب استمرار التعامل العنيف مع المتظاهرين». وأوضح مبعوث الأممالمتحدة فى السودان، فولكر بيرتس: «أثارت التقارير عن مقتل 4 متظاهرين والاعتداءات على حرية الصحافة، انزعاجى بشدة.. وبالرغم من الحاجة لمزيد من الوقت لتأكيدها، إلا أن التقارير الأولية تدعو للقلق.. لابد من تحقيق ذى مصداقية فى هذه الانتهاكات. للجميع الحق فى حرية التعبير». وعبّر وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، عن انزعاجه من التقارير التى تُفيد بأن قوات الأمن السودانية استخدمت «العنف المميت» ضد المتظاهرين، مضيفًا أن الولاياتالمتحدة تقف إلى جانب الشعب السودانى. ونددت بعثة الاتحاد الأوروبى فى السودان بسقوط 4 قتلى من المتظاهرين على أيدى القوات الأمنية، مؤكدة وجوب احترام حق الشعب السودانى فى حرية التعبير السلمى وتقديم مرتكبى أى عنف للعدالة. وأضافت البعثة، فى بيان، أنه بعد أكثر من شهر على توقيع الإعلان السياسى بين قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، لم تُجر أى تحقيقات ذات مصداقية فى أى من الوفيات.
