«الإعلان عن أول مريض يتعافى تمامًا من مرض السكرى باستخدام الخلايا الجذعية»، كان هذا هو الخبر الأبرز الذى تم تداوله بين قطاعات واسعة من المرضى خلال الأيام القليلة الماضية، وسط آمال كبيرة بوجود علاجات دوائية لمرض السكرى الذى يعانيه الملايين حول العالم، وأيضًا مخاوف من استغلاله لخداع المرضى والتلاعب بآلامهم. التقارير الإعلامية فى هذا الشأن تقول إن العلاج الجديد يتم باستخدام الخلايا الجذعية التى تنتج الأنسولين، ولذا يُعدّ علاجًا ثوريًّا أذهلت نتائجه العلماء، بعد نجاحه بالفعل فى علاج مريض بولاية أوهايو الأمريكية يدعى «براين شيلتون» 64 عامًا، كانت حياته محكومة بمرض السكرى من النوع الأول، وعندما ينخفض مستوى السكرى فى دمه يفقد وعيه دون سابق إنذار. «شيلتون» قد يعتبر أول شخص يتعافى من المرض بعلاج جديد، لكن خبراء وأساتذة السكرى حثوا على توخى الحذر، فالدراسة مستمرة وستستغرق خمس سنوات، وتشمل 17 شخصًا يعانون من حالات شديدة من مرض السكرى النوع الأول، ولا يُقصد أن يكون علاجًا لمرض السكرى النوع 2 الأكثر شيوعًا. وتعليقًا على ذلك قالت الدكتورة إيناس شلتوت، أستاذ السكرى والباطنة بطب القاهرة، رئيس الجمعية العربية لدراسة أمراض السكرى، إنه مبكر جدا الحديث عن وجود علاج جذرى لمرض السكرى باستخدام الخلايا الجذعية، خاصة أن الدراسة تؤكد أن التجارب النهائية منتظر الانتهاء منها بحلول 2028، كما أن المريض مازال قيد التجربة والمتابعة والمضاعفات المستقبلية غير معلومة، وبالتالى من المبكر جدًّا أن إجازته، كما أنه لم يحصل على الموافقات والاعتمادات من منظمة الأدوية الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية. وأضاف شلتوت، فى تصريحات خاصة ل«صحتك بالدنيا»، نحتاج إلى مزيد من الوقت للتأكد من نتائج الدراسة وقد يستغرق ذلك 10 سنوات، ولحين اكتمال الدراسة يجب أن نحذر من خداع المرضى وبيع الوهم لهم، والتلاعب بمشاعرهم واستغلال مرضهم بدعوى وجود علاج نهائى للمرض، من خلال أماكن غير مرخصة تدعى العلاج بالخلايا الجذعية. ونوهت أستاذ أمراض السكرى إلى وجود مراكز فى مصر وخارجها تقوم بإجراء تجارب بحثية على بعض المرضى، ولكن تلك التجارب تكون لغرض بحثى وليس لغرض علاجى ويوقع المريض على موافقة كتابية تُفيد بعلمه بذلك وبدون أى مقابل مادى، ومن ثم أى مركز يدعى العلاج بمقابل مادى فهو نوع من النصب والتجارة غير المشروعة. فيما أوضح الدكتور أسامة حمدى، أستاذ الباطنة والسكرى بجامعة هارفارد، تطورات العلاج الجديد لمرض السكرى الذى تجرى عليه التجارب حاليًّا، وقال فى تصريحات تليفزيونية: «العلاج يتم بخلايا البنكرياس المخلقة من الخلايا الجذعية للجلد، وما ذكر عن العلاج بالخلايا الجذعية مباشرة احتيال علمى، وإذا وضعت خلايا فلن تكون خلايا منتجة وسوف تموت على الفور». وعن بداية البحث عن هذا الدواء، أكد أستاذ الباطنة والسكرى بجامعة هارفارد، أن العلاج بدأ تطويره منذ سنوات، وبالتحديد عام 2014 حيث أصيب نجل أحد العلماء بمرض السكرى فعمل لمدة 15 عامًا على تطوير العلاج وتوصل إلى تحويل الخلايا الجذعية لخلايا تنتج الأنسولين. وأكد الدكتور أسامة حمدى أنه كانت هناك مشكلات عدة بخصوص هذا العلاج، أولاها أن الجهاز المناعى سيهاجم الخلايا، وثانيتها كيفية الحفاظ على الخلايا وإنتاجها بكميات كبيرة، والأمر الثالث هو كيفية تغذية الخلية. وأشار الدكتور حمدى إلى أن هيئة الدواء الأمريكية سمحت بإجراء التجارب على 17 حالة لإثبات الأمان، وبالفعل تم علاج أول شخص مريض بالسكرى من الدرجة الأولى ولكنه يحصل على مثبطات للمناعة، مؤكدًا أنه لا تزال هناك مشكلة تواجه العلاج وهى هجوم الجهاز المناعى على الخلايا وطريقة تغذيتها وبالفعل هناك شركات طورت كبسولات لحفظ الخلايا وتغذيتها ومنع الجهاز المناعى من تدميرها. الدكتور محمد مشاحيت، أستاذ الباطنة والسكرى بكلية الطب جامعة الفيوم، عاد ليؤكد مكررًا، فى تصريحات ل«صحتك بالدنيا»، أن الحديث عن علاج مرضى السكرى بشكل نهائى مازال قيد التجربة، هذا العلاج يتم تجربته منذ سنوات طويلة وما أعلن عنه هو آخر المستجدات فى تلك الدراسات المطولة التى قد تستغرق من 10- 15 سنة حتى تنتهى بنجاح ثم وقتها نقول إن هناك علاجًا جذريا لمرضى السكرى يغنى عن تناول الأنسولين. وحذر مشاحيت مما وصفهم ب«الدجالين والنصابين» الذين يستغلون تلك الأخبار والدراسات لخداع المرضى وإيهامهم بالعلاج نظير مقابل مادى يصل إلى 50 ألف جنيه. يذكر أن مرض السكرى من الأمراض المنتشرة بشدة فى مصر حيث تحتل بلادنا المرتبة التاسعة عالميًا فى أعداد المصابين بالسكرى بنحو 9 ملايين مصاب، 90% منهم من النوع الثانى، وتوقعات بزيادة هذه الأعداد فى 2045 إلى 17 مليونًا لتصبح مصر السابعة عالميًا فى معدلات الإصابة بمرض السكرى.
