عشرات الأهالي يتجمهرون أمام سيارة إسعاف في قرية شبرا البهو بالدقهلية، يرفضون دفن جثة طبيبة متوفاة بفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، لتتدخل قوات الأمن ومسؤولو الصحة لإقناعهم بعدم إمكانية انتقال العدوى بعد دفن الجثمان، لكن دون جدوى. تدخلت دار الإفتاء المصرية، وأصدر المفتي الدكتور شوقي علام بيانا رسميا، شدد فيه على أن «إكرام الميت دفنه»، قائلًا: «ومن أهم مظاهر تكريم الإنسان بعد خروج روحه التعجيلُ بتغسيله والصلاة عليه وتشييع جنازته ثم دفنه، وهذا ما أجمعت عليه أمة الإسلام». واقعة شبرا البهو ليست الأولى، فمنذ ظهور وانتشار الفيروس في مصر، شاع في عدة محافظات أن يعترض الأهالي على دفن ضحايا «كورونا» في مقابر عائلاتهم القريبة من منازلهم، بدعوى الخوف من انتشار العدوى بفعل دفن جثامين الضحايا بالقرب منهم. «ما خطورة دفن جثامين ضحايا كورونا في المقابر التقليدية؟»، سؤال طرحته «المصري اليوم» على خبراء، ويقول الدكتور أشرف عقبة، رئيس قسم المناعة بكلية الطب جامعة عين شمس، إن «كورونا مجرد شريط وراثي مغلف بغلاف دهني، وليس كائنًا حيًا». يضيف «عقبة»: «فيروس كورونا لا يسطتيع البقاء على الأسطح سوى فترة زمنية محدودة، وبالتالي فدفن ضحايا الفيرس في المقابر التقليدية التابعة للقرى أو المحافظات لا يتسبب في انتشار العدوى بأي شكل من الأشكال، ولا يمكن أن ينتقل الفيرس بعد الدفن». أوضح «عقبة» ل«المصري اليوم» أن «وزارة الصحة وضعت بروتوكولا للتعامل مع المتوفين بكورونا داخل المستشفيات، حيث يتخذ الشخص الذي يتعامل مع المتوفي خلال مراحل الغسل والتكفين كافة الاجراءات الاحترازية ويرتدي ملابس واقية لتجنب العدوى». تابع رئيس قسم المناعة بجامعة عين شمس: «إذا كان دفن ضحايا كورونا يحتاج لمدافن معزولة عن المدن أو شيء من هذا القبيل لكانت وزارة الصحة شددت على هذا الأمر. من الأولى عدم تجمهر الناس أمام المقابر أثناء الدفن، حتى لا تتوفر بيئة مناسبة لانشار العدوى». مضى قائلًا: «ما تسبب في حالة الهلع لهؤلاء المواطنين هو الفكر الجاهل الذي لا يستند إلى معلومات دقيقة من مصدر متخصص»، مؤكدًا ضرورة عدم اتباع المعلومات المغلوطة التي قد تتسبب في النهاية في حدوث مثل هذا «الموقف غير الإنساني». الدكتور عبدالهادي مصباح، أستاذ المناعة والميكروبيولوجي، يقول: «دفن ضحايا كورونا في مقابر عائلاتهم لا يشكل أي خطورة على السكان القريبين من المقابر، الميت بشكل عام لا ينقل المرض، إذ يتم تعقيمه وتطهيره في المستشفى قبل تكفينه، والفيرس يحتاج لخلايا حية ليتمكن من البقاء، وبالتالي لا داعِ للقلق نهائيًا». أضاف «مصباح» ل«المصري اليوم» أن «تجمهر المواطنين لمنع دفن الطبية في مدافن لمركز أجا كان يخلو من كافة أشكال الوقاية من الفيرس، حيث تكدس الناس بأعداد كبيرة وهم يلمسون وجوههم بأريحية، وهذا بالطبع يزيد من فرص انتشار الفيرس، ما يظهر قلة الوعي والجهل التي تنتشر بينهم». تابع: «هذا التجمهر يعد أخطر بكثير من دفن جثمان الضحية الذي لا يشكل أي خطر عليهم في حقيقة الأمر»، واصفًا رفض الأهالي دفن جثمان الطبيبة بأنه «جحود ولامبالاه تجاه مجهودات الجيش الأبيض»، مطالبًا بتوقيع عقوبة قانونية على أصحاب هذه الواقعة حتى لا يتكرر الأمر. وشدد بيان دار الإفتاء على أنه «لا يجوز بحال من الأحوال ارتكاب الأفعال المُشينة من التنمر الذي يعاني منه مرضى الكورونا -شفاهم الله- أو التجمهر الذي يعاني منه أهل الميت -رحمه الله- عند دفنه، ولا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية من الاعتراض على دفن شهداء فيروس كورونا التي لا تمتُّ إلى ديننا ولا إلى قيمنا ولا إلى أخلاقنا بأدنى صلة، فإذا كان المتوفى قد لقي ربه متأثرًا بفيروس الكورونا فهو في حكم الشهيد عند الله تعالى».
