الحديث اليوم يتعلق حول طلب سحب الثقة، فقد أعلن ناشطون فى جبهة الدفاع عن استقلال نقابة المحامين عن عزمهم جمع توقيعات من زملائهم لعقد جمعية عمومية غير عادية «طارئة»، تنظر فى طلب سحب الثقة من نقيب المحامين، ثم أعلنوا فى وقت لاحق جمعهم أكثر من ثلاثة آلاف توقيع!! استطاعوا التصديق على 780 توقيعاً فقط، نظرا لامتناع سائر الموظفين أو نقباء النقابات الفرعية التصديق على التوقيعات التى تقدم إليهم فى إطار التعليمات التى تصلهم من نقيب المحامين، وقد وجه الزملاء الأعزاء دعوة لشخصى لحضور مؤتمرهم الصحفى الذى يعقدونه عقب تقدمهم بالطلب رسمياً. وفى اليوم المحدد توجهت إلى نقابة المحامين فوجدت حالة هياج وذهول!! فالزملاء أصحاب طلب سحب الثقة لم يجدوا الموظف المختص بتسلم الوارد وهو «عم صادق» الراجل الطيب الذى نعرفه من عشرات السنين، وصلته التعليمات بالانصراف فانصرف، بحثوا عن غيره من الموظفين، وجدت الصديق العزيز محمد الدماطى، عضو المجلس، يبحث عن طريقة للتصرف فى هذا المأزق الذى لا يجد فيه موظفاً يتسلم الطلب، فأشرت عليه بأن يرسل فى طلب مدير عام النقابة، غير أن المرسال عاد سريعا ليقول إن المدير العام انصرف لتوه من النقابة!! صعدت مع الدماطى وزملائنا أصحاب طلب سحب الثقة إلى الدور العلوى، حيث مقر مكتب نقيب المحامين المؤقت لحين تجهيز مكتبه العامر الأصلى، فلم نجد أحدا من سكرتارية الاستاذ النقيب!! هنا صاح طارق العوضى منسق الجبهة سأذهب إلى محضرى قصر النيل لإعلان الطلب إعلاناً رسمياً على يد محضر، ثم توجهنا لنعقد مؤتمرنا الصحفى الذى أجل من أجله لنؤازر زملاءنا خلاله، وأثناءه عاد العوضى بصحبة محضر قصر النيل، حيث تم إعلان النقابة الخالية من موظفيها وتسلم الإعلان خالد أبوكريشة عضو المجلس. انزعجت فى اليوم التالى عندما قرأت فى الصحف أن بلاغا تم تقديمه إلى المحامى العام لنيابات وسط القاهرة بادعاء وجود تزوير فى التوقيعات وفى الأختام التى وضعت كتصديق على التوقيعات، وأن نقابتين فرعيتين تحديدا هما المنيا والشرقية زورتا الأختام الخاصة بهما، وأن المحامى العام أمر بإحضار الأوراق من قلم محضرى قصر النيل ليلاً رغم عدم وجود الموظفين طبعا وأن تحقيقات جرت على التو واللحظة فى ادعاءات التزوير وتقليد الأختام!! عقد الأستاذ حمدى خليفة مؤتمراً صحفياً بقاعة خاصة بأحد فنادق الدقى حضره بعض الزملاء نقباء الفرعيات وبعض أعضاء مجلس النقابة العامة ردد فيه مزاعم التزوير وأنبأ عن رغبته الاستمرار فى تعويق انعقاد الجمعية الطارئة للنظر فى سحب الثقة، وكالعادة فسر خليفة ما يجرى فى إطار الصراع المستمر بينه وبين النقيب السابق سامح عاشور، وكشف بجلاء معارضته انعقاد الجمعية العمومية الطارئة طالما استمرت التحقيقات!! كنت أتمنى من النقيب خليفة أن يبادر هو بنفسه وشحمه ولحمه بالدعوة إلى انعقاد هذه الجمعية، فلا شك أن الدعوة لها تعبر عن ديمقراطية العمل النقابى، فالقانون نظمها ورسم إجراءاتها بحسبانها حقاً أصيلاً لأعضاء الجمعية العمومية خمسمائة منهم على الأقل، ولأن هذه الدعوة بما تتضمنه من دلائل على جدية الممارسة النقابية وحق المحامين فى الرقابة والمتابعة والمحاسبة لمجلسهم المنتخب نقيبا وأعضاء، فقد رتب القانون على عدم موافقة النقيب ومجلسه على هذا الطلب انعقاد الاجتماع الطارئ بقوة القانون فى اليوم الحادى والثلاثين، وجعل رئاستها لأكبر الأعضاء سناً واشترط حضور ألف وخمسمائة محام ممن يجوز لهم حضورها على الأقل!! كنت أتمنى أن يكون نقيبنا هو الداعى بنفسه ويطرح الثقة فى نفسه وفى مجلسه ويترك للحضور الكلمة الفصل، ولأنه دائماً ما يردد تأكده من استمرار ثقه المحامين فيه فيمكن التصويت على تجديد الثقة فى شخصه ومجلسه، وتنتهى القصة ويعود على حصان أبيض إلى مكتبه ومقر نقابة المحامين، لكن وضع عقبات وعوائق إدارية وإخضاع الموظفين لإرادته تحت ضغوط الإكراه أو الترغيب فلا شك أن هذا يحسب فى غير صالحه، بل يعبر عن هشاشة موقفه وضعف حظوظ تأييده والاستمرار فى منصبه. إن العملية برمتها تجرى فى إطار القانون، والجمعية إذا انعقدت تكون عرساً جديداً فى بيت الحرية، وتسفر عن موقف لأصحابها وأعضائها حتى لو انتهت إلى تجديد الثقة فى النقيب. أتمنى أن يراجع النقيب خليفة نفسه ويعقد الجمعية العمومية الطارئة فى موعدها القانونى ويترأس هو منصتها ويدير أعمالها فى شفافية وديمقراطية تحسب له قبل غيره، تعيد الحياة لنقابة المحامين ووجهها الوضاء المنير، وتجدد دماءها فهل يسمع النصيحة. ■ جمال عنايت: عرفت الإعلامى الكبير جمال عنايت منذ فترة طويلة، عمل بالصحافة فى روزاليوسف بيت العمالقة والمفكرين وعمل أيضا بقلمه فى جريدة الشرق الأوسط، عرف برشاقة قلمه وقدرته على التعبير المهذب دون تجريح أو إسفاف، ثم عرفته محاوراً فى برنامج جديد عبر شبكة تليفزيون الأوربت بعنوان «أبعاد» سجل حضوراً متميزاً رغم تشفير بث أوربت وقلة الاشتراكات، وقتها تقريبا كانت مقصورة على النخبة، كانت مواجهتى مع الدكتور رفعت السعيد آنذاك بسبب مبادرة وقف العنف فى بدايتها عام 97، وكان أبرز ما تم بثه حول تلك المبادرة آنذاك، حيث طالب السعيد بضرورة إصدار قادة الجماعة الإسلامية أبحاثا فقهية جديدة تدحض فقههم القديم، وكانت فكرة جديرة بالتنفيذ إذ أصدر قادة الجماعة الإسلامية بعدها أربع كتيبات جديدة لتصحيح المفاهيم. حمل جمال عنايت راية تقديم برنامج مهم جداً على شاشة الأوربت هو برنامج «على الهواء» بعد تقاعد صاحبه الأثير الإعلامى الفذ عماد الدين أديب خلال عام 2005 تقريبا، والحقيقة كنت أحد الذين أشفقوا على عنايت من التجربة، لكنه واصل الإبداع فى هذا البرنامج المحترم الذى تتابعه العقول العربية من مختلف أنحاء العالم. يحقق جمال عنايت قبولاً مريحاً لدى المشاهدين برقته وأدبه واحترامه لنفسه ولمشاهديه، فقدم نموذجاً للإعلامى المحترم المتوازن بعيداً عن الفذلكة أو البهلوانية أو الاستظراف ويواصل مشواره فى هدوء واتزان بعيداً عن البروبجندا والتربيطات المتبادلة.