رسالة علمية موثقة وصلت «المصرى اليوم» من الأستاذ الدكتور حامد إبراهيم السيد ميرة، رئيس هيئة المواد النووية، تكشف عن كنز مخبوء يسمونه «الكنز الأسود» فى 11 موقعاً على شاطئ البحر المتوسط، وجار التنقيب عن مواقع أخرى للكنز على شواطئ البحر الأحمر.. التفاصيل مثيرة، والمشروع الوطنى المهم والحيوى يدخل حيز التنفيذ الأمين.. وإلى التفاصيل: أسفرت دراسات هيئة المواد النووية عبر تاريخها الطويل فى هذا المجال عن استكشاف خامات الرمال السوداء فى إحدى عشر موقعاً على طول البحر المتوسط، بالإضافة إلى ما تم استكشافه حديثاً على ساحل البحر الأحمر، ساهم فى ذلك ما تمتلكه الهيئة من تقنيات الاستكشاف الجيوفيزيائى الجوى والأرضى. ومنذ ستينيات القرن الماضى ومع مرور سنوات العمل البحثى للهيئة، ازداد حلم استغلال تلك الكنوز المدفونة على شواطئ مصرنا الغالية، وحملت أجيال متتالية من باحثى الهيئة المتميزين هذا الحلم على أكتافهم، يقودهم علماء أجلاء من رؤساء الهيئة وقيادتها السابقين جيلاً بعد جيل حتى كانت الفترة ما بين عامى 2000 - 2003 تمثل مرحلة فارقة فى تاريخ هذا الحلم، حيث نفذت هيئة المواد النووية دراسة تقييم وجدوى اقتصادية لاستغلال رواسب الرمال السوداء فى أهم المستكشفات بكثبان البرلس - بلطيم، وتم إجراء الدراسات وفقاً للكود الأمريكى للتعدين، وكذلك وفقاً للشروط الدولية للاستغلال الآمن للتعدين (وذلك لأول مرة بمصر). وقد نُفذت هذه الدراسة باحترافية من خلال فريق بحثى من هيئة المواد النووية، يقودها السيد أ.د. حمدى سيف النصر - رئيس الهيئة الأسبق ورئيس المشروع. وفى عام 2003، تم عرض الدراسة على السيد/ وزير الكهرباء والطاقة آنذاك، حيث قام سيادته بعرضها على السيد/ رئيس مجلس الوزراء، واستقر الأمر على تشكيل لجنة وزارية لدراسة الموضوع، والتى أوصت بضرورة إجراء دراسات جدوى دولية شاملة للتحقق من نتائج هيئة المواد النووية وإتمام الجدوى النهائية للمشروع. وقام بوضع كراسة شروطها بيت خبرة تعدينى ألمانى ونفذتها شركة دولية أسترالية (من كبريات الشركات العاملة فى هذا المجال) بالتعاون مع هيئة المواد النووية. وفى عام 2008، انتهت الدراسة إلى أن المشروع ذو جدوى اقتصادية جاذبة للاستثمار، وتوافقت تقديرات الاحتياطى المؤكد من الخام والمعادن الناتجة عن الفصل مع تقديرات دراسة هيئة المواد النووية بما أكد القدرات التقنية والتكنولوجية لباحثى هيئة المواد النووية، حيث وصل الاحتياطى التعدينى المؤكد من خامات الكثبان إلى حوالى 366 مليون طن، بمتوسط تركيز يقدر بحوالى 3.4%، وأن الاحتياطى التنجيمى القابل للاستغلال يقدر ب300 مليون طن، يتم استغلاله على مدى 20 سنة من عمر المشروع بهذه المنطقة فقط، بحجم استثمارات قد تصل إلى خمسة مليارات من الدولارات حال إعلاء القيمة المضافة للمعادن الناتجة. وفى عام 2009 بدأ سعى هيئة المواد النووية ووزارة الكهرباء والطاقة للخروج بهذا المشروع من طور الدراسات والمجلدات إلى تنزيله على أرض الواقع وتوالى طرح المزايدات أمام الشركات العالمية. وفى عام 2013 /2014 تم عرض المشروع مرة أخرى على السيد الدكتور وزير الكهرباء والطاقة، الذى بدوره أعاد الطرح على مجلس الوزراء، حيث صدر قرار بتشكيل لجنة من الجهات المعنية لدراسة الجوانب الاقتصادية والقانونية والخبرات الدولية والتى أوصت بإنشاء شركة وطنية لاستغلال هذه الخامات واعتبار المشروع اقتصادياً وتنموياً، وضرورة الإسراع فى الاستفادة من الرمال السوداء لاحتوائها على معادن عالية القيمة الاقتصادية والاستراتيجية والتى تعتبر مادة أساسية لعشرات الصناعات، بما يسهم فى إقامة استثمارات صناعية عملاقة، وتوفير الكثير من فرص العمل. وبالفعل، تم تأسيس الشركة المصرية للرمال السوداء بمساهمات وطنية خالصة، وهنا يجب أن أتوقف لأثنى على دور جهاز الخدمة الوطنية - وزارة الدفاع - الذى أخرج الملف إلى الحياة بعد فترات تعثر طويلة. أهمية المشروع تكمن أهمية هذا المشروع فى احتواء خامات الرمال السوداء على عدد من المعادن الاقتصادية والاستراتيجية، أهمها معادن التيتانيوم التى تمثل نحو 80% من المبيعات متمثلة فى الروتيل، ألمنيت، وألمنيت خام، ويقدر عائدها بنحو 44% من المبيعات، وتحتوى على الروتيل، والمنيت، والمنيت خام، وتستخدم فى العديد من الصناعات مثل البويات- الدهانات- البلاستيك- الورق- المطاط- بعض أنواع الحبر- المنسوجات- بلاط السيراميك- أسياخ اللحام- المسابك- مستحضرات التجميل- الجلود- الأدوية- الصابون- المواد الغذائية- الصلب الكربونى- الصلب المقاوم للحرارة- الطائرات- الغواصات- وتثبيت الأنابيب تحت البحر.. وهناك معادن أخرى (تمثل نحو 20% من المعادن ويقدر عائدها بنحو 46% من المبيعات) مثل الزركون الذى يدخل فى صناعة (السيراميك، والزجاج، والتجهيزات الصناعية، والعواكس، ومحركات السيارات، والصناعات النووية (قلوب المفاعلات)، وكذلك عنصر جارنيت المستخدم فى تلميع الأسطح المعدنية بضغط الهواء وضغط الماء، وبضغط المياه - أحجار الجلخ، وترشيح المياه، وصناعة فلاتر المياه، وأوراق الصنفرة والجرانيوليت (دهان الواجهات)، ومعدن الماجنيت اللازم لصناعة الحديد الإسفنجى، والحديد الزهر عالى الجودة، وصناعة الفيروتيتانيوم، وتثبيت الأنابيب تحت مياه البحر، وإزالة ملوحة التربة المستصلحة، إلى جانب المونازيت، وهو (معدن مشع) ومصدر لإنتاج العناصر الأرضية النادرة ومركباتها والمواد المشعة. وتقوم هيئة المواد النووية الآن بإجراء المعالجة نصف الصناعية من خلال وحداتها التجريبية لإعلاء القيمة المضافة لهذه المعادن، بغرض إقامة صناعات تتعدى الخمسة مليارات.