على مدار الأيام الماضية، شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا، حيث سجلت أدنى معدلاتها خلال الأسابيع الثمانية الماضية، متأثرة بتحرك سعر صرف العملة الأجنبية ووصولها ل 17.82 جنيه فى معاملات أمس، ما ألقى بظلال حتمية على بورصة الذهب المحلية من جهة، وتوجه المستهلكين نحو اقتناء الحُلى الذهبية بأعيرتها المختلفة. «المصرى اليوم» قامت بجولة فى مُحيط منطقة الصاغة بحى الحُسين، لتفقد تداعيات الانخفاض المُباشرة على السوق ومواقف التجار والمستهلكين. سادت منطقة الصاغة فى حى الحسين بعد ظهر أمس الأول أجواء هادئة، إذ استقر مؤشر سعر جرام الذهب من عيار 21 عند 615 جنيها، حسب أحد التجار، فى حركة تراجع ما زالت أصداؤها خافتة بين جموع المستهلكين. وأمام نافذة عرض أحد المتاجر، تفقدت سيدة أربعينية الأساور الذهبية باهتمام، فيما أبدت دهشتها لأنباء انخفاض سعر جرام الذهب إلا أنها علقت مازحة: «عموما الذهب بالنسبة لنا فرجة بس، إحنا بطلنا نشترى من زمان». وأثناء قيام السيدة برحلة ترفيهية وأسرتها بمحيط الحسين، قررت التوقف لبضع دقائق تعرفت خلالها على حقيقة الوضع، وعلقت قائلة: «إحنا هنكره أن الأسعار تنزل يمكن نعرف نشترى؟». ويقرن منسى نخلة، صاحب أحد محال المشغولات الذهبية فى المنطقة، احتمالات انتعاش سوق البيع والشراء باستقرار أسعار الذهب وليس تراجعها فحسب، وقال: «سوق الذهب معتمدة على الحركة، احنا راس مالنا كيلوات دهب، تبادلها مكسب، علشان كده أخبار الانخفاض مش ممكن تضرنا». ويؤرخ الصائغ لتراجع أسعار الجرامات بتبدل سعر صرف العملة الأجنبية وتراجعها، إضافة لتراجع سعر أوقية الذهب فى السوق العالمية: «دلوقتى الناس ممكن تقبل على الشراء أكتر، لكن لسه بدرى على تقييم الوضع، خصوصًا إن الأسعار متوقع تنزل تانى الفترة الجاية». يبدو «نخلة» مبتهجا إثر التغييرات الأخيرة، إذ يعتقد أنها مقدمة لسلسلة من التراجعات فى سعر صرف العملة الأجنبية ومن ثم الذهب، وأوضح:«إحنا أول سلعة أو تجارة بتتأثر مباشرة بسعر الصرف، بتفرق معانا لحظة بلحظة، لكن بنتمنى يرجع السعر تانى لحدود 300 جنيه، وده هيحصل». ويعنى ذلك - بحسب «نخلة» - تكبد البعض من الحريصين على تحويل المدخرات لسبائك أو جنيهات ذهبية لخسائر فادحة، معتبرًا تعافى العملة المصرية ومن ثم انخفاض أسعار الذهب أمرًا حتميًا. وعبر خبرتها السابقة فى البورصة وسوق الأسهم، لم تقع «هدى»، طبيبة أربعينية، فى شرك شراء الذهب وتخزينه فى فترات الارتفاع اللافت منذ بضعة أشهر، وقالت: «زمان كنت بضارب فى البورصة، وكنت بطمع ويفضل السهم يطلع يطلع وأنا متمسكة بيه، وفجأة ينزل وأخسر كل فلوسى، وقتها اتعلمت»، منذ 5 سنوات وعلى إثر تجاوز سعر جرام الذهب 400 جنيه مصرى، قاطعت «هدى» شراء المصوغات الذهبية، لكنها الآن تفكر فى العودة لهوايتها القديمة، حيث يمثل تراجع السعر فتحا جديدا أمام باب الاستهلاك. على خلاف نخلة، فإن هانى نادى، صائغ بمنطقة الحسين، لا يتفاءل كثيرا باستمرار انخفاض سعر جرام الذهب وصولًا إلى سعر ثابت ومشجع على الشراء، ففى حين وزع مسؤولية الانخفاض على التراجع العالمى وتراجع الدولار، واعتبر أن تراجع الدولار «مؤقت» لا ينتظر أن يستمر بالنظر للأحوال الاقتصادية العامة، يقول نادى: «رغم إنه بينزل بقاله يومين، أعتقد إنه ممكن يرجع يرد تانى قريب». وعن ردود فعل المستهلكين، يرى أن الموسم الصيفى هو المسؤول عن انتعاش حركة البيع والشراء، وليس تراجع الأسعار، فبتعامله مع الزبون المصرى، يستطيع أن يقرأ سلوكياته الشرائية فيما يخص الذهب الآن بوضوح: «فى مصر عندنا حاجة غريبة، لو السعر نزل، الناس بتستنى عشان ينزل أكتر، لما يقل الطلب»، على عكس المتعارف عليه عالميًا. ولا يعتبر «نادى»، بدوره، اضطراب وتحرك السعر مؤشرًا لنشاط حركة البيع والشراء، بيد أنه يرى أن كلمة السر فى سوق الذهب هى الاستقرار. ويقول: «أحسن حاجة تشغل الدهب ثبات السعر، طول ما فى ثبات فى شغل»، وعلى ذلك فإنه لا يرى أن الانخفاض الأخير سيأتى بظلاله على مدخرات المستثمرين فى الذهب الخام كالسبائك والجنيهات الذهبية: «الدهب يظل أفضل استثمار مهما حدث، وزيه زى العقارات، شوفى سعره بس كمان عشر سنين». من جانبه، يقول نادى نجيب، سكرتير عام شعبة الذهب، ل«المصرى اليوم»: «الطابع العام لسوق الذهب معروف، هى سوق عالمية ومفتوحة على الخارج، والبورصات العالمية بتأثر هنا صعودًا وهبوطًا، اللى حصل إن سعر أوقية الذهب عالميًا وصلت ل1221 دولارا، غير أن سعر الدولار فى السوق الموازية مضطرب من أيام، ومفيش طبعا تمويل من البنوك لتجارة الدهب». فيما يؤكد أن سعر الذهب عالمى، وأن الصاغة لم يفاجأوا بالتراجع. ويضيف:«إحنا واخدين على كده من زمان ومستعدين لكده كشخصيات قارئة لسوق الذهب وفاهمة تحركاتها إيه»، ويرى أن التراجع مؤشر على انتعاش الصنعة.
