هل سيختفى العلم المصرى الذى يزين مقدمة متاجر هارودز ليحل محله العلم القطرى؟! هل سيتغير اسم قاعة «الأقصر»، أجمل وأهم قاعات المتجر العريق، ليصبح اسمها قاعة «الواحة» أو «الدوحة»؟! تساءلت وأنا أشاهد هذه المصافحة بين رجل الأعمال المصرى الشهير محمد الفايد، ورئيس الوزراء القطرى.. تحدث الشيخ حمد بن جاسم بعد التوقيع مرحاً، سعيداً بالصفقة، بينما اختفى محمد الفايد.. ربما تأثراً.. ففى ذاك اليوم سلم مفاتيح أهم مشروعات حياته: هارودز.. المتجر، بل المشروع الذى ابتلع 25 سنة من حياته وصارع من أجله أعتى رجال الأعمال والدولة فى بريطانيا. جاءتنى الإجابة سريعة.. من محمد الفايد نفسه عبر اتصال هاتفى: لا شىء سيتغير داخل هارودز.. هذه التماثيل الفرعونية المنتشرة فى كل مكان مسجلة وستبقى جزءاً من المتجر لا يمكن تغييره.. هل أنت سعيد؟! سألته، فأجاب: أظن أنه حان الوقت أن أستريح. حين دلف محمد الفايد من باب هارودز - مالكاً - للمرة الأخيرة لابد وأن الصور والذكريات تداعت فى رأسه.. البداية من الإسكندرية، ثم إلى جنوة، ثم شركة ملاحة صغيرة، وبعدها علاقات إماراتية فتحت له أبواب العمل وجلب الشركات البريطانية لتعمير دبى، وطريق طويل فى دنيا الأعمال لم يكن سهلاً، وصولا إلى أن يصبح واحداً من أغنى وأشهر رجال الأعمال فى العالم. ولم يكن حصول «أجنبى»، بل ومصرى على «هارودز» الأشهر والأغلى فى بريطانيا سهلاً.. بل كان إثر معركة طاحنة مع منافسه الأشهر تينى رولاند.. منافسة فاز فيها الفايد فى الثمانينيات حين تمكن تدريجيا من امتلاك «هاوس أوف فريزر» أحد المحال التابعة لهارودز حينها ثم الانقضاض على هارودز بصفقة قيمتها 615 مليون جنيه إسترلينى. توعده رولاند ونشبت بينهما القضايا والاتهامات، وربما كانت تلك الاتهامات سبباً وراء عدم حصول محمد الفايد على الجنسية البريطانية حتى هذه اللحظة. وكانت الحادثة الأبشع فى حياته فقدانه ابنه الأكبر عماد من زوجته الأولى سميرة خاشقجى.. حيث قتل مع الأميرة ديانا طليقة الأمير تشارلز، ولى عهد بريطانيا، فى حادث سيارة بفرنسا. واعتبر الفايد حينها الحادث بفعل فاعل وليس قضاء وقدراً. كان مقتل الابن الأكبر أول انكسار للرجل الذى لا يعرف الانكسار.. ثم كانت وفاة الأخ المقرب له صلاح الفايد منذ أشهر قليلة انكساراً آخر، فقد رافقه شقيقاه صلاح وعلى فى الرحلة الطويلة من الإسكندرية إلى لندن.. ربما تلك الأحداث جعلت محمد الفايد يعيد حساباته بعد أن كان قد قرر ألا يفرط فى هارودز ويقبل الصفقة. صفقة بيع المتجر الذى كان يقضى كل يومه بين طوابقه، يشرف على كل صغيرة وكبيرة، حتى إنك كثيراً ما قد تلتقى به صدفة إذا كنت هناك.. أو تصطدم بتمثاله الشهير فى مدخل هارودز. قد يبدو سعيداً، قد تكون صفقة مربحة، قد يقول للناس إنه يريد أن يستريح.. لكن شيئا ما فى المقاتل محمد الفايد سيبقى فى هارودز. هل ينزعون العلم المصرى؟! هل يغيرون قاعة الأقصر الشهيرة هل هى مصادفة.. مجرد مصادفة أن يستبدل الملكية المصرية بملكية قطرية؟! هل هى مجرد صفقة؟! أم أنها أبعد من ذلك كثيراً.. مجرد أسئلة.. لا أحمل إجابتها؟