منذ بداية إنشائها فى ستينيات القرن الماضى، والهدف من إنشائها أن تصبح إحدى قلاع الصناعة فى المنطقة العربية، غير أنه جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث توقف نشاط شركة مصر للألومنيوم على إنتاج المعدن الخام وبيعه دون أى عمليات تصنيعية أخرى، كما كان مخططًا لها فى عهد الرئيس عبدالناصر، وتعمل الشركة على تصدير إنتاجها وكذلك بيعه لشركات مصرية خاصة تعمل على إنتاج الأوانى المنزلية والكابلات وغيرها، وكذلك عشرات الورش المنتشرة فى مدينة ميت غمر، التى تعد ثانى مدن مصر فى صناعة الألومنيوم بعد نجع حمادى، والمدينة الأولى فى صناعة الأدوات المنزلية من المعدن ذاته. يقول نائب رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، محمد المهندس: «مصنع الألومنيوم فى نجع حمادى هو الأب الشرعى للألومنيوم فى مصر بصفة عامة، وكنا نعتبره هرمًا رابعًا فى مصر، لكن للأسف الشديد مع مرور الوقت لم يطور نفسه ولو يوجد لنفسه بدائل للطاقة، ما أثر عليه بالسلب، ما انعكس على صناعة الألومنيوم كلها فى مصر، إلى جانب مشاكل أخرى مثل عمليات الإغراق التى كانت تتم للمنتجات النهائية المصنعة من الألومنيوم، والمستوردة من الخارج مثل دول جنوب شرق آسيا والصين فى المقام الأول وكذلك من تركيا». ويضيف المهندس: «الصناعة مكبلة بأعباء طاقة وعمالة، وعدم وجود مناطق صناعية جديدة، ومكبلون بضرائب على المبيعات وغيرها، ما يجعلنا غير قادرين على مواجهة المنتج المستورد وكذلك أدى إلى انخفاض قيمة الصادرات». ويتابع نائب رئيس غرفة الصناعات المعدنية: «الدعم على الصادرات الذى كانت تصرفه الدولة كحافز للمصدرين كان يتجاوز 10% أما اليوم فيكاد يكون شبه منعدم، ما يجب أن تعيده الدولة مرة أخرى لتشجيع التصدير». وتلجأ مصانع الألومنيوم الخاصة إلى استيراد خام الألومنيوم من الخارج فى كثير من الأوقات، بدلًا من شرائه من شركة مصر للألومنيوم، وعن ذلك يقول المهندس: «الاستيراد أفضل بالنسبة لى»، وعن سبب الأفضلية يقول: «يُسأل عن هذا شركة مصر للألومنيوم، لكن دعنى أقول إننا نلجأ للاستيراد لأنه أرخص من المجمع، إذا كان معى حصيلة دولارية فالأفضل لى أن اشترى من البحرين، حيث المنتج أرخص من مجمع الألومنيوم بحوالى 3000 جنيه للطن». فى مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، ثانى قلاع صناعة الألومنيوم فى مصر، تنتشر أكثر من 2000 ورشة من بينها أقل من 1000 حاصلة على ترخيص، هذه المدينة التى مرت عليها معظم الأدوات المنزلية الموجودة فى مطابخ المصريين، بعد صهرها وإعادة تشكيلها بأيدى عمال مهرة وأصحاب ورش صغيرة تواجههم العديد من الأزمات، التى قد تنتهى بسجن صاحب الورشة أو إغلاقها، ما يهدد أكثر من 100 ألف شخص يعملون فى هذه الصناعة بالمدينة. فرض الضرائب على كل مرحلة من مراحل إنتاج المنتج النهائى، إحدى أهم المشاكل التى تواجه العاملين بورش الألومنيوم فى ميت غمر، يقول سيد عبدالعظيم، صاحب ورشة ألومنيوم: «منتج الألومنيوم النهائى يمر بالعديد من المراحل، مثل الصهر والدرفلة وتشكيل المنتج، وكل مرحلة من هذه المراحل يتم فرض عليها ضريبة، رغم وجود هدر فى كل مرحلة، حتى نصل للمنتج النهائى فيتم فرض ضريبة أخرى عليه، ليتحمل المنتج أكثر من نصف قيمته ضرائب، المنطقى أن يتم فرض الضريبة على المنتج النهائى وليس على مراحل الإنتاج، لأن تحميل المنتج بكل هذه الأعباء الضريبية يدفع ثمنه أولًا المستهلك، ثم العاملون بهذه الصناعة». بين الحين والآخر، تصدر قرارات بإغلاق عشرات الورش بدعوى أنها تعمل بدون ترخيص، يقول صبرى عبدالتواب، صاحب ورشة: «أكثر من نصف الورش فى ميت غمر يعمل بدون ترخيص، وهذه ليست مشكلتنا، هذه مشكلة المسؤولين الذين يرفضون منحنا ترخيصا لورشنا بدعوى أننا فى منطقة سكنية، رغم منحهم الترخيص لآخرين، ورغم تحصيلهم ضرائب وتأمينات ومرافق، تمامًا كما يحصلون من الورش الحاصلة على ترخيص، هم يحصلون على كل حقوقهم ويرفضون منحنا أقل حق من حقنا وهو الترخيص».
