المستحيل ليس ألمانيًا، مقولة شهيرة نرددها جميعًا، ولكن الألمان دائمًا ما يثبتونها عمليًا على أرض الواقع، فبعد تقدم السيدة العجوز في ملعب الأليانز أرينا بهدفين نظيفين، ومع الأداء الدفاعي الإيطالي، ربما ظن البعض ان الأمر بات مستحيلًا لعبور البايرن، ولكن في النهاية أثبت العملاق البافاري أن المستحيل ليس ألمانيًا. ماسيميليانو أليجري في مباراة الذهاب سيطر عليه الخوف من قبل المباراة، وهو ما انتقل للاعبيه داخل أرضية الميدان فبات الفريق منكمشًا بدون أي شكل من أشكال الضغط على الخصم، وأعطى الفرصة للبايرن للضغط والاستحواذ في وسط ملعبه ومن ثم التقدم بهدفين ومع أول مجازفة هجومية والضغط على مدافعي البايرن ظهرت الأخطاء واستطاع إحراز التعادل، فطن المدير الفني الإيطالي لخطأه ووضع خطته في الإياب بالضغط العالي واستغلال أخطاء مدافعي البايرن بهجمات مرتدة. أما بيب جوارديولا فقد بدأ اللقاء بعناد كبير بإشراك تشابي ألونسو المُنهك بدنيًا في وسط الملعب، وأمامه أرتورو فيدال، وجلس تياجو ألكانتارا على مقاعد البدلاء، وهنا بات خط الهجوم شبه معزول عن وسط الملعب ففيدال ليس بالممرر الجيد على طريقة تياجو ولياقة ألونسو البدنية، أثرت على دقة تمريراته فبات ريبيري وحيدًا على اليسار وكوستا معزولاً على اليمين ومولر وليفاندوفيسكي وسط ترسانة اليوفي الدفاعية. فهنا جاء الهدف الأول بعد استخلاص الكرة وتحرك الثنائي كوادرادو وليشتاينر فارسا الجبهة اليمنى لليوفي إلى الهجوم، بينما كان دافيد ألابا وحده في مواجهتهما ومع تأخر الارتداد الدفاعي لريبيري مع الظهير الأيمن ليشتاينر جاء الهدف الأول. نجح اليوفي في خطف الهدف الأول فاعتمد الفريق على أشكالًا دفاعية مختلفة لعمل كثافة أمام هجوم البايرن الكاسح، حيث كان يتحول باتريس إيفرا كقلب دفاع ثالث ويعود أليكس ساندرو كظهير أيسر وأمامه بول بوجبا، أما في الجبهة اليمنى فتواجد ليشتاينر وأمامه كوادرادو، أحد نجوم اللقاء على الجانبين الدفاعي والهجومي. هنا كان الانتشار الدفاعي 5-4-1 لفريق اليوفي. وهنا كان الانتشار الدفاعي 6-3-1. وهنا في الهدف الثاني كانت البداية بارتداد دفاعي لفريق اليوفي بالكامل 10 لاعبين على حدود منطقة جزائهم، في انتظار الاستخلاص ثم الانطلاق الهجومي الرائع الذي قام به موراتا ليخطف كوادرادو الهدف الثاني. ليستعيد بيب جوارديولا اتزانه من جديد بين شوطي اللقاء ويجري أول تغييراته بإخراج مهدي بن عطية البعيد تمامًا عن مستواه وأحد أسباب الخلل الدفاعي ويشرك خوان برنات الظهير الأيسر لينتقل ألابا كقلب دفاع، وبعد دقائق يخرج ألونسو ويُشرك كينجسلي كومان ويعود فيدال للارتكاز في وسط الملعب خلف الخماسي الهجومي ريبيري وكوستا ومولر وكومان وليفاندوفيسكي. دخل كومان في الجناح الأيمن في مركز كوستا، الذي تم ترحيله لعمق الملعب يبعد عن كومان على أقصى تقدير ب10 أمتار ليكون الثنائي جبهة يمنى نارية في ظل تألق كوادرادو الدفاعي مع ليشتاينر في الجهة الأخرى فترك بينهما ريبيري. هذه هي بداية الهدف الأول تواجد الثنائي كومان وكوستا أمامهما ساندرو وحيدًا. فريق البايرن يضغط من العمق فيقوم دفاع ووسط اليوفي بغلق كافة المساحات للتمرير بالانضمام لعمق الملعب، وقتها يتم التمرير للجناح في حالة لاعب ضد لاعب والتي غالبا ما تكون لصالح المهاجم..فهنا 5 لاعبين من بايرن في العمق مقابل 8 من اليوفي. ومع استهلاك ريبيري تمامًا يقوم جوارديولا بإخراجه ويشرك تياجو ألكانتارا بدلًا منه ويقوم بتعديلات داخل الملعب مرة أخرى، حيث انتقل كوستا لليسار وبجواره ب10 أمتار تياجو وذلك بعد قيام أليجري بتغيير كوادرادو وموراتا، ليخترق بيب الجبهة اليسرى ويحرز منها الهدف الثالث. مباراة مثيرة مليئة بالأحداث ربما لو أردنا تحليلها بشكل مُفصل أكثر لخرجنا بأضعاف هذه المواقف، فكل حالة وتمركز على أرض الملعب في كل ثانية درس يقدمه أحد المديرين الفنيين وأحيانًا كلاهما.