تشكل حوادث مزلقانات السكة الحديد العشوائية، شبحا حقيقيا يطارد الحكومات المتعاقبة خلال السنوات القليلة الماضية، ويتسبب فى رحيلها مبكرا، فضلا عن مئات الضحايا بين الحين والآخر. اللعنة نفسها أصابت حكومة المهندس شريف إسماعيل، ممثلة فى وزارة النقل التى يتولى حقيبتها الدكتور سعد الجيوشى، خاصة بعد حادث مزلقان العياط الذى تبعه كارثة قطار بنى سويف مؤخرا، وحتى الآن ما زال خطر السكة الحديد موجودا، وفشلت المنظومة فى القضاء على شبح المزلقانات الذى يهدد حياة المواطنين، فى ظل تجاهل المسؤولين، وتصريحاتهم التى تخرج دائما مغلفة بكلمات طبية وأعذار متتالية لتسكين الرأى العام. وزارة النقل اعترفت بالمعوقات التى أدت إلى عدم الانتهاء والحد من هذه الكارثة، لكن تجاهلت دماء المصريين التى تهدر على القضبان، ولم تلتفت إلى 640 حادثاً شهدتها السكة الحديد فى النصف الأول من العام الماضى، إضافة حادث مزلقان اقتحام أتوبيس مدارس يناير 2012 الذى تسبب فى مصرع 47 طفلا وإصابة 14 آخرين. حكومة «إسماعيل» وقبلها حكومة المهندس إبراهيم محلب، توصلوا بعد اجتماعات مكثفة إلى أن السكة الحديد تحتاج 6 مليارات جنيه لتحويل المزلقانات القانونية الموجودة بالهيئة (1332) مزلقانا إلى مزلقانات ميكانيكية بالكامل، لكن تكمن المشكلة فى 1993 مزلقانا عشوائيا فشلت الدولة فى إغلاقها بالكامل. وذكرت الإحصائيات أنه تم تطوير عدد 346 مزلقاناً قانونياً بمعرفة الشركات المصرية، إضافة إلى 118 مزلقاناً زودت بأنظمة التحكم والتشغيل، وجار تطوير عدد 295 مزلقاناً بمعرفة الهيئة القومية للإنتاج الحربى، فضلا عن تحديث 300 آخرين بمعرفة الهيئة العربية للتصنيع، وتنفيذ 22 عملا صناعياً «كبارى» بالمواقع المختلفة بالهيئة، فيما وصل إجمالى ما تم إنفاقه على تطوير المزلقانات حوالى 907 ملايين جنيه بدون تكلفة الكبارى، ومطلوب 6 مليارات جنيه لإنهاء تطوير المزلقانات بالكامل، بينما يبلغ عدد المزلقانات العشوائية 1993 تم غلق 1955 منها، لكن الأهالى فتحوا 523 مزلقانا مجددا. وحسب تقرير وزارة النقل المرسل إلى مجلس الوزراء فى هذا الشأن، فإن هناك معوقات لتطوير المزلقانات تكمن فى عدة أوجه، أولها المعوقات الداخلية، وهى فنية فى المقام الأول، خاصة بخطوط السكة الحديد القديمة ونظم تشغيلها المختلفة، وتتطلب تعديل بعض أنظمة تشغيل المزلقانات التى يتم تطويرها لتتناسب مع نظم التشغيل بالسكة الحديد، لاختلاف التكنولوجيا الحديثة عما يوجد حاليا بخطوط الهيئة، علما بأن المزلقانات الحديثة يصعب تركيبها على خطوط السكة الحديد القديمة. أما المعوقات الخارجية، فترتبط بالجهات والوزارات الخارجية التى تسببت فى تأخير المشروع وإنهائه فى موعده المحدد طبقاً للبرنامج الزمنى ومنها: التأخر فى إصدار التصاريح اللازمة لبدء الأعمال، عدم معرفة مسارات المرافق تحت الأرض، تأثير مرور المركبات وعدم تحويل مساراتها، عدم تجاوب المحليات فى الكثير من المعوقات الخاصة بأعمال الإزالة لبعض معوقات الرؤية والتوسيع، وعدم تسهيل الإجراءات والمغالاة فى مقايسات توصيلات المرافق لغرفة عامل المزلقان، ضيق بعض الكبارى على المجارى المائية التابعة للرى عند مداخل ومخارج بعض المزلقانات، عدم استجابة وزارة الرى وبطء الإجراءات المتخذة لتوسيع الكبارى، وجود بعض المساجد التابعة للأوقاف على أملاك الهيئة. وأضاف التقرير أن وزارة النقل تعاقدت مع الهيئة العربية للتصنيع، يوليو الماضى، لتصنيع وتركيب أول مزلقان من مصانعنا، إضافة إلى تطوير 595 مزلقاناً خلال 18 شهراً، على أن يسند إليها باقى المزلقانات لاحقا، مؤكدا أن وزير النقل اجتمع أول أمس، مع جميع الشركات المرتبطة بعقود مع السكة الحديد، ومنحهم مهلة حتى نهاية إبريل للانتهاء من أعمال تطوير المزلقانات المسندة إليهم، لحين الانتهاء من التطوير، وهناك إجراءات عاجلة اتخذها «الجيوشى» منها تشديد الرقابة ومرور لجان المتابعة بصفة مستمرة على المزلقانات، وزيادة أعداد العمال عليها بواقع 5 آلاف عامل، بتكلفة 75 مليون جنيه.
