بين صناع القوانين، وخوف المسافرين الروس، والظروف الاقتصادية المتدهورة في روسيا، تُعانى شركات الطيران الروسية الصغيرة من أزمات طاحنة، قد تتسبب في إغلاقها وتسريح العاملين بها. جاءت الضربة القاصمة من سقوط طائرة تابعة لشركة الطيران الروسية «كوغاليمفيا» فوق سيناء، وهو ما تسبب في مقتل 224 شخصًا، من بينهم 17 طفلاً، وفي أعقاب الكارثة هرع العديد من السياح الروس إلى إلغاء إجازاتهم في مصر، إحدى الوجهات الأكثر شعبية بالنسبة للسائحين الروس، حسبما ذكرت صحيفة موسكو تايم. المتحدثة باسم الاتحاد الروسي لصناعة السياحة قالت إن مبيعات الرحلات السياحية تراجعت بنسبة 30 إلى 50%، فيما قالت المتحدثة باسم شركة متروجيت «أوكسانا جولوفينا» إن الحجوزات على خطوط طيران الشركة تراجعت بنسبة 20% بوجه عام. الأثر النهائي على صناعة السياحة ووكالات السفر الصغيرة يعتمد إلى حد كبير على سبب تحطم الطائرة، فإذا ما كانت النتيجة تتعلق ببعض المشاكل التقنية، سيكون هناك رد فعل عاطفي يستغرق أسبوعين تقريبًا، حسبما قالت المتحدثة باسم الاتحاد الروسي لصناعة السياحة، في تصريح لصحيفة موسكو الروسية، مشيرة إلى أن «حالة الذعر» ستستمر لفترة من الوقت، لا يُمكن تحديدها الآن. عرض نائب في مجلس النواب الروسي «الدوما» مشروعًا بقانون يهدف إلى تأميم شركات الطيران الروسية للحد من عدد شركات الطيران في البلاد، مقترحًا ألا يزيد عددها على اثنتين أو ثلاث، مع تقييد تشغيل الطائرات القديمة، إلا أنه لم يُحدد الحد الأقصى لعمر الطائرات. الركود في الطلب، والاقتراحات المُقيدة لإنشاء الشركات واستمرارها، ضربة إضافية لشركات الطيران الصغيرة في روسيا، التي تناضل- في زمن ما قبل الكارثة- من أجل البقاء في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، ومن بين الشركات التي كانت تحاول استعادة وضعها شركة «كوغاليمفيا» التي تحطمت طائرة لها عام 2011، ولحقت بها الأخرى في 2015. صحيفة «جازيت» الروسية قالت إن شركة «كوغاليمفيا» التي تحطمت طائرتها في سيناء تُعانى من مشاكل مالية، أجبرتها على عدم دفع رواتب جميع موظفيها، بمن فيهم الطيارون، طيلة الشهرين الماضيين، وهو الأمر الذي قد يُلقى بالضوء على احتمالية إهمال عمليات الصيانة الدورية للطائرات المملوكة للشركة. ونقلت الصحيفة تصريحاً لرئيس وكالة العمل الروسية «فيسفولد فوكولوفو» جاء فيه أن الشركة «تنتهك القوانين المُتعلقة بحماية العمال، وسوف يُعرض الجُناة على العدالة قريبًا». وأشار «فيسفولد» إلى أن الوكالة ستفتح تحقيقًا لمعرفة إذا ما كانت الشركة تنتهك حقوق العُمال والطيارين فيما يتعلق بحقوقهم في الإجازات الرسمية وأداء رواتبهم في المواعيد التي يُحددها القانون، في الوقت الذي أكد فيه «أوكسانا جولوفان» ممثل شركة «كوغاليمفيا» أن الديون المتراكمة على الشركة لصالح الموظفين «صغيرة»، مشيرًا إلى أنها «ليست لها علاقة بالحادثة ولا تؤثر على سير العمل في الشركة»، مشيرًا إلى أن تلك الديون ناجمة عن الوضع الاقتصادي الراهن في روسيا، وسيتم سدادها قريبًا، وأكدت الشركة أن الطائرة تحطمت بفعل «عامل خارجي» معتبرة ذلك هو «التفسير الوحيد المعقول». ووفقًا لبيانات جمعتها شبكة سلامة الطيران، فإن روسيا شهدت نحو 70 حادث طيران مُميت في العقدين السابقين، نجم عنها موت واحد من كل 1.2 مليون مسافر على طائرات الشركات الصغيرة، مُقارنة بالمتوسط العالمي البالغ واحد لكل 4.7 مليون مسافر، وهو الأمر الذي سيؤثر سلبيًا على اقتصاديات شركات الطيران الصغيرة في روسيا، حسبما ذكر موقع جريدة موسكو تايمز.
