«الجزيرة».. هل أعادتها وفاة عبدالله إلى سيرَتِها الأولى

في العشرين من نوفمبر الماضي، تخلت قناة «الجزيرة مباشر مصر» لأول مرة في نشرتها الإخبارية عن وصف الرئيس عبدالفتاح السيسي ب«قائد الانقلاب»، ووصفته ب«الرئيس المنتخب»، وذلك بعد يوم واحد من ترحيب الرئاسة المصرية بمبادرة المملكة العربية السعودية الداعية لوحدة الصف والتوافق بين الأشقاء العرب.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تطلق القناة القطرية على الرئيس السيسي لفظ «منتخب» منذ 30 يونيو 2013.
وغيرت القناة القطرية من سياستها التحريرية، وظلت تصف السيسي ب«الرئيس المنتخب» قبل يتم إغلاقها مؤقتًا في ديسمبر الماضي، لحين استكمال التصاريح اللازمة لعودتها إلى مصر، وذلك بعد قبول القاهرة والدوحة مبادرة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي اعتبره محللون «الأب الروحي» للمصالحة.
قبل أيام من الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، وبالتزامن مع وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عادت القناة القطرية لوصف ثورة 30 يونيو ب«الانقلاب العسكري»، وبثت تظاهرات أنصار «الإخوان»، ووصفتهم ب«رافضي الانقلاب»، كما نشرت أخبارًا على حسابها بموقع «تويتر» تتهم فيها قوات الشرطة بقتل المتظاهرين.
تغطية «الجزيرة» الأسبوع الماضي، تُعطي انطباعًا بأن «المصالحة التي كان يرعاها العاهل السعودي بين مصر وقطر ماتت بموت صاحبها الملك عبدالله».
كما نقلت «الجزيرة»، مساء الخميس، العمليات الإرهابية التي استهدفت المقار الأمنية والسكنية في مدن الشيخ زويد ورفح والعريش على الهواء، كما بثت فيديو للحظة أحد التفجيرات تتضمن صوتًا مصاحبًا للقطات: «الله أكبر.. المديرية ولعت»، في إشارة إلى مديرية شمال سيناء.
واتهمت القناة القطرية الجيش المصري بارتكاب انتهاكات ضد الأهالي في سيناء، وزعمت أن هناك تهجيرًا قسريًا للسكان، وهدم منازلهم، وهو ما أتاح الفرصة لتنظيم ولاية سيناء، «أنصار بيت المقدس سابقًا» لاستثمارها، وتوسيع رقعة وجوده بسيناء.
عبدالباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة «راي اليوم» الإلكترونية، أكد أن قناة «الجزيرة» عادت إلى سيرتها السابقة بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو ما يُهدد المصالحة المصرية القطرية.
يقول «عطوان» المهتم بالشأن العربي، في مقال نشره على «راي اليوم»: «عودة (الجزيرة) إلى سيرتها السابقة، والتعاطي مع ملف الاضطرابات الأخيرة في مصر بلهجة أقرب إلى التحريض الذي يذكر بتغطيتها التي أشعلت الثورة المصرية، وصبت الزيت على نارها حتى نجحت في إطاحة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ربما لا ينسف فقط جهود المصالحة المصرية القطرية التي بذلها العاهل السعودي الراحل، وإنما أيضًا تؤدي إلى نسف المصالحة الخليجية القطرية، وعودة الأوضاع إلى المربع الأول، أي إلى مرحلة ما قبل وثيقة الرياض».
وختم رئيس تحرير صحيفة «القدس العربي» السابق، مقاله قائلًا: «المصالحة المصرية القطرية بعد وفاة العاهل السعودي، أو بالأحرى أبيها الروحي، باتت على (كف عفريت) مثلما يقولون، مع انتقال الحكم في السعودية إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز، فالعلاقة بينه وبين دولة قطر لم تكن جيدة في يوم من الأيام».
يبدو أن «الجزيرة» ليست وحدها من أعادت «المصالحة» إلى المربع صفر، بل تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم قد يكون سببًا كبيرًا في تأخر إجراء المصالحة.
المعارض القطري خالد الهيل، قال في تغريدات على حسابه بموقع «تويتر»، إن السبب في عدم حضور الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عزاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يعود إلى مشكلة تاريخية بينه وبين الملك «سلمان»، الذي عينه الملك فهد بن عبدالعزيز ليقوم بدور الوساطة عندما حدث الانقلاب في قطر 1995 لإقناع «حمد» للصلح مع أبيه وإعادة الحكم إليه.
كانت دول مصر والسعودية والإمارات وليبيا انسحبت من اجتماعات لجنة الاتصال الدولية المعنية بمناقشة الأزمة الليبية في أديس أبابا، الأربعاء الماضي، احتجاجًا على مشاركة قطر وتركيا.
ويبدو أن «الجزيرة» سوف تستمر في سياستها المُعادية لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، واستضافتها لقيادات «الإخوان» الذين يحرضون على العنف، بسبب انشغال الملك سلمان بن عبدالعزيز بترتيب البيت السعودي الداخلي، وتثبيت رجاله في مفاصل السلطة الرئيسية، وهو الأمر الذي يُشير إلى أن «المصالحة دُفنت مع راعيها الملك عبدالله، ولن يتم فتح الملف- على الأقل- في الأسابيع المقبلة».