برصاصٍ في الرأس، وقبل ساعات يوم الذكري الرابعة لثورة 25 يناير، لقيت شيماء الصبّاغ حتفها إثر نفاذ طلقات الخرطوش إلي جمجمتها، في ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، وفي يوم السابع العشرين من يناير، وقف حواليّ ثلاثين فردًا بميدان الجمهورية بالعاصمة الفرنسية «باريس» في محاكاة لمشهد مقتلها، بعد أن دعاهم أصدقاءها إلى فعالية لتأبينها بشكلٍ مُختلف هناك. «شيماء حتى لمّا ماتت سابت لنا صورة كويسة ينفع تتحول لأيقونة وهتلاحق الشخص اللي قتل» بهذا المنطق البسيط، عبّر محمد فؤاد، المصري المقيم في باريس مع زوجته فرنسيّة الجنسيّة، عن رمزيّة الدعوة التي دعا إليها مع وزوجته، لتنظيم وقفة بميدان الجمهورية في باريس لتمثيل مشهد مقتل شيماء الصباع قياديّة حزب التحالُف الشعبيّ التي قُتلت برصاص في الرأس في الرابع والعشرين من يناير ضمن مسيرة بالزهور تتوجه إلى نُصُب شُهداء الثورة في ذكراها الرابعة. مُحمد، الذي يُصِر على إنه ليس ناشطًا سياسيًا، إنما يعمل في مجال المسرح المُعاصر بشكل عام، والرقص المُعاصر على وجه الخصوص؛ اختار لتأبين صديقته وسيلة من جنس عمله، وهي إعادة تمثيل صورتها التي انتشرت إعلاميًا بعد إصابتها مُباشرةً وقد أمسكها زميلها في المسيرة «سيد أبو العلا» حتى لا تسقُط أرضًا، بينما سال الدمُ من رأسها ووجنتها في مواضع اختراق طلقات الخرطوش. استخدم محمد طريقة مختلفة لتأبين صديقته الراحلة، بدلاً من العزاء التقليدي، عن طريق إطلاق دعوة عبر «فيس بوك» لتنظيم فاعلية تأبين بعنوان «واقفاً ضد الرصاص» في ميدان الجمهورية بالعاصمة الفرنسية، يوم الثلاثاء، السابع والعشرين من يناير، بالتعاون مع زوجته الفرنسية «ماريك رينير» التي تعمل كمُمثلة مسرحيّة، وهي التي دشنت الدعوة إلى الفعاليّة عبر حسابها على «فيس بوك». كانت ماريك التقت بشيماء من قبل في إحدى زياراتها السابقة إلى الأسكندريّة؛ فمحمد صديقٌ مقرّب إلى عائلة شيماء، وعلى صلة بزوجها أُسامة، وولدها بلال. وكانا قد تلقيا صورة التي تجسد المشهد الأخير في حياة «شيماء» بحالة من الصدمة التي تركتهُم بعدها في حالة نفسيّة سيئة، حسب تأكيدهم ل«المصري اليوم»، وقد شاركهما مجموعة من الأصدقاء التفكير في كيفية استخدام الصورة لتخليد ذكرى الصبّاغ، فاقترح مُحمد تمثيل المشهَد، الأمر الذي استقروا عليه في النهاية. غير أن الصورة وحدها لم تكُن ما ألهمته فكرة الفعالية، ففؤاد كان قد شارك في الوقفة التي نددت بحادثة «شارلي إيبدو» في ميدان الجمهورية قبل أسبوعين، ومن هذا المُنطلق فكّر لو أن أعدادًا لتشارُك في وقفة مُشابهة للتنديد بأي حادث غير عادل على مُستوى العالم سواء في أوروبا، أو أمريكا اللاتينيّة، أو الشرق الأوسط في مصر أو غزة، فإن العالم سيكون مكانًا أفضل. وعلى ذلك، فإن مُحمد عندما وصل إلى مكان الوقفة بميدان الجمهورية ووجد لافتةً قد كُتب عليها بالفرنسية «أنا شيماء الصبّاغ» ولا يعلم من قام بكتابتها، تردد كثيرًا في مُشاركتها على صفحة الفعالية عبر «فيس بوك»، غير أنه نشرها أخيرًا لكيّ يدلل على أن آخرين يؤمنون بعدالة قضية «شيماء». وبالرغم من أن الثُنائي «محمد وماريك» لا يملكان شبكات تواصل قويّة على «فيس بوك»، وإنما دشنا الدعوة لأجل صديقتهم شيماء بدافع إنسانيٍّ بحت على حد تعبير مُحمد، فإن الوقفة حضرها ما يقرُب من الثلاثين فرد حسبما يُقدّر هو، بينهم مصريين وفرنسيين وأسبان، منهم من وافق على تمثيل الصورة، ومنهم من اكتفى برفع لافتات وصوراً ل«شيماء».. ورحب محمد بأي محاولة لتكرار فكرة المحاكاة، سواء في مصر أو حول العالم، مؤكدًا أنه غير مهتم بالعمل العام ولا يمارس أي نشاط سياسي، لكنه شدد في نفس الوقت على إنه يرحب تماماً بالتواصل مع أي شخص يرغب في الدعوة لتكرار الفعالية حول العالم. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة