«قرية الصيادين» هو الاسم الأشهر الذى تعرف به قرية «برج مغيزل»، إحدى القرى التابعة لمركز مطوبس فى محافظة كفرالشيخ. على طول الشريط الحدودى الشمالى لمصر تتزاحم مراكب الصيد العاملة فى البحر المتوسط، وتشح الأسماك، فيضطر الصيادون لهجر المياه الإقليمية بحثًا عن الرزق على شواطئ دول أخرى مجاورة. لا تختلف «برج مغيزل» عن غيرها من قرى الصيادين على ساحل المتوسط، فالفقر يستعرض قواه فى شوارع القرية وبيوتها المتواضعة، والصيادون يبحثون عن الرزق بالقرب من شواطئ ليبيا المضطربة. لكن رحلاتهم للبحث عن الرزق لا تمر دون خسائر. ففى المياه الإقليمية الليبية لا يترصدهم فقط خطر حرس الحدود، بل يتعاظم الخطر ليشمل قوى أخرى مجهولة جعلت حتى الطائرات تخشى المرور فى المجال الجوى الليبى. أسر الصيادين: خطط تنمية الثروة السمكية فى الأدراج.. ونواجه الموت بحثاً عن الرزق[image:1] فى مطلع الأسبوع الجارى ترددت أنباء عن احتجاز 1500 صياد مصرى بميناء زوارة الليبى. كانت قرية برج مغيزل بكفرالشيخ صاحبة نصيب الأسد من الصيادين المعتقلين. ورغم ما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط من تصريحات نفى فيها حافظ معمر، مسؤول الغرفة الأمنية المشتركة فى ليبيا، خبر احتجاز الصيادين المصريين.إلا أن الخارجية المصرية أعلنت عن بدئها التحقيق فى قضية الصيادين المحتجزين لدى الجانب الليبى، خاصة بعد وقوع الميناء تحت حصار إحدى الجماعات الليبية المسلحة التى هددت بنسفه بعد إغلاقه والسيطرة على مخارجه البرية والبحرية. «المصرى اليوم» زارت « برج مغيزل»، القرية التى لا يخلو بيت فيها من القلق على ابن أو زوج غائب فى السجون الليبية أو الإيطالية أو التونسية بعد تخطيه للحدود بحثًا عن الرزق. التقينا بعض أهالى الصيادين المحتجزين فى ليبيا، الذين أبدوا غضبهم مما رأوه من عدم اهتمام الحكومة بمشكلتهم الأهم، متهمين الحكومة بالمسؤولية عن تخطى أبنائهم للحدود بحثا عن الرزق بعد أن أهملت الوزارات المسؤولة خطط تنمية الثروة السمكية، رغم أن الوزارات المعنية لديها- على حد قولهم- الكثير من الخطط التى تسكن الأدراج، والتى كان من الممكن عند تنفيذها أن تقيهم وأبناءهم شر المغامرة.المزيد نقيب صيادى كفر الشيخ: نحاول حل الأزمة ودياً[image:2] أبرز «أحمد نصار»، نقيب الصيادين فى كفر الشيخ، جانبًا آخر من أزمة الصيادين المصريين العالقين فى ميناء زوارة الليبى. وبيّن أن الصيادين المحتجزين البالغ عددهم 1500 صياد ينتمون لعدة محافظات، منها كفرالشيخ والإسكندرية والبحيرة ودمياط، ويعملون منذ سنوات عديدة فى ميناء زوارة الليبى، وهو المكان الذى كان يبعد تماما طوال الفترة الماضية عن أى اشتباكات أو صراعات سياسية فى الداخل الليبى. يقول «نصار»: غالبية الصيادين المحتجزين هناك أوراقهم الرسمية سليمة تماما ووضعهم قانونى، لكن الأزمة تكمن فى أن بعض أصحاب المراكب الليبيين الذى لا يحققون مكسب يرضيهم يغارون من الفريق الآخر من أصحاب المراكب الليبيين الذين يحققون أرباحا وفيرة، فتصارعوا ونشبت اشتباكات مسلحة أسفرت حتى الآن عن احتجاز الصيادين المصريين فى المراكب وعدم السماح لهم بالصيد أو العودة إلى بيوتهم. ويؤكد: «بالفعل هناك اشتباكات نارية ولكنها بين الفصائل الليبية ولا دخل لأبنائنا بها».ويوضح: قلة الأسماك الصالحة للتجارة فى المياه الإقليمية المصرية دفعت الصيادين للبحث عن الأسماك خارج المياه الإقليمية فلجأ الصيادون المصريون للشراكة مع صيادين وتجار ليبيين، حيث يتنازل الصياد المصرى عن مركبه للشريك الليبى حتى يمكنه الدخول للمياه الليبية والصيد فيها دون مضايقات قانونية، ومع الوقت أدرك الصيادون المصريون أن عودتهم بمراكبهم للمياه الإقليمية المصرية ستسبب لهم مشكلات قانونية لأن السلطات المصرية لا تعترف بالشراكة وتعتبرهم سرقوا المراكب الليبية، لهذا صاروا يخاطرون بإبقاء مراكبهم مع الشريك الليبى، لكنهم صاروا يحاولون التراضى مع الشريك الليبى حتى يعيد التنازل لهم عن مراكبهم ليتمكنوا من العودة بالمراكب إلى مصر.المزيد «مصطفى»: اقترضت لإنشاء مركب فاحتجزته السلطات الليبية[image:3] فى عام 2012 قرر يوسف مصطفى، الذى يعمل طباخا على السفن التجارية، إنشاء مركب كلفه مليونا و250 ألف جنيه، ليكون مصدرا جديدا لرزقه وأسرته، شهور طويلة قضاها يوسف فى إقناع أصدقائه وأقاربه فى محافظات مصر المختلفة بإقراضه مبالغا يكفى لإنشاء المركب، وبعد مفاوضات طويلة خرج مركبه إلى النور قبل ستة أشهر فقط، وأبحر فى رحلته الأولى وعلى متنه عشرات العمال والصيادين. فى رمضان الماضى قرر قائد المركب الخوض فى المياه الإقليمية الليبية بحثا عن الأسماك، فهاجمته السلطات الليبية واحتجزت المركب. ملقية القبض على طاقمه. بنبرة حزينة خافتة اعترف «يوسف مصطفى» بخطأ البحار، مضيفًا: «السلطات الليبية ألقت القبض على الريس والميكانيكى واحتجزتهما لمدة 3 أشهر، بينما احتجزت البحرية (الصيادين) لمدة 29 يوما». يقول يوسف إن المحكمة الليبية قضت بغرامة بلغت 250 دينارا يدفعها كل بحار، بينما حكمت على قائد المركب والميكانيكى بألف دينار لكل منهما. «وطلبت المحكمة منى دفع 20 ألف دينار كغرامة عن المركب وحده».المزيد اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة