إعتزازنا بحرية الصحافة والحرية المسئوله وحق المواطنين في المعرفة لن يجعلنا ننسي مبادرة ميثاق الشرف الإعلامي الذي تم طرحه من قبل أخر وزاره للإعلام. ولإنه كان مطروح للمناقشة، هذا يجعلنا نتسائل عن وضعه الحالي. في الواقع لا يعتبر وضع ميثاق شرف إعلامي عمل يصعب تنفيذه أو يتطلب قدرات خاصه أو وقت هائل. وبالرغم من وجود مواثيق شرف عده في معظم البلدان، إلا وأن أغلبهم يحتوي على مباديء عامة تنص على ضرورة التأكد من دقة وصحة المعلومات المقدمة للمواطن وضرورة التمييز بين الحقائق والمعلومات وبين الآراء الشخصية وعدم التحيز لجهة عن أخرى، بالإضافة إلى أهمية وضع المعلومات في الإطار الصحيح دون التهويل في شأن الخبر أو التقليل منه. كما تحذر مواثيق الشرف الإعلامية المختلفة على خطورة وجود خطاب الكراهية. تعتبر مواثيق الشرف الإعلامية من الأدوات المهمة لتنظيم عمل المؤسسات الإعلامية. فهي بمثابة مرجعية أساسية للإعلاميين لمعرفة دورهم وحقوقهم وضرورة التزامهم بأخلاقيات الإعلام لأداء أفضل في ممارسة عملهم، ولكنها ليست الضمانه الوحيدة لإعلام مهني. لذلك يجب أن ننتهي من هذه المرحله حتي ينصب تركيزنا على ما هو أهم. لن يقوم الإعلام المصري من إنتكاسته إلا من خلال إصلاح كلي وليس جزئي. ولم تكن وزارة الإعلام بمثابة العائق أمام تطوير المنظومة الإعلامية ولن يكون الميثاق العصاه السحرية التي ستحول الإعلام إلى إعلام نزيه. يعتبر تشكيل المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام من أهم الأشياء التي يجب أن ننتبه لها، فتشكيل المجلس وإختصاصاته وتحديد علاقته بالمؤسسات الأخري يؤثرا تأثيراً مباشراً في درجه إستقلاليته. هذا ولإن المجلس الأعلي سيكون الجهاز المختص بالصحافة المكتوبه والمسموعه والمرئيه والإلكترونيه. فهو من سيعطي التراخيص للمحطات الإذاعية والتليفزيونيه ويضع الضوابط لمختلف البرامج (وضع عدد معين للمحتوي المحلي وتحديد الإعلانات كما أن تشكيل المجلس(من هم الأعضاء وطرق تعينهم ومدة التعيين) والمسائلة من أهم التحديات في مراحلة التحول الديمقراطي ويجب تعريفها وتطبيقها بشفافيه وحرص، حتي يمارس إستقلاليته الإدارية كما نص الدستور. يجب أيضا تحديد إختصاصات المجلس مع الوزارات الأخري مثل وزارة الإتصالات. فكما ينص الدستور، المجلس الأعلي للإعلام سيتضمن تنظيم المواقع الإلكترونية، وذلك يفرض التعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الإتصالات وتحديد مسئوليات كل منهما منعا للتداخل الإختصاصات وعرقلة عملية التنظيم. يتطلب الوقت الحالي أيضاً إعاده هيكلة القنوات الحكوميه من حيث عددها الهائل وتبعيتها للحكومه. لا تتعارض تلك االنقاط مع ميثاق الشرف الإعلامي وليس من الضروري الإتفاق على ميثاق ثم البدء في تشكيل المجلس. ولا يتعارض وجود تنظيم ذاتي للصحافة (أي مجلس يتلقي شكاوي الجمهور) مع وجود المجلس الأعلي للإعلام الذي تتضمن إختصاصاته أيضاً تنظيم الصحافة. فإنشاء المجلس الأعلي للإعلام هو الذي يمثل ضروره في الوقت الحالي، ولا يتعارض إنشاؤه مع وجود ميثاق شرف إعلامي يساعد المؤسسات الإعلاميه على ممارسة مهنيتها والحفاظ على إستقلالها دون ممارسة ضغوط سياسية أو مالية، كما أن الحرية مكفولة لأي صحيفة ترغب في التنظيم الذاتي وإلرد على شكاوي القراء من أخطاء نشرت. فوجود تلك القوالب لا يؤثر على أداء المجلس بل يعمل مشكل متوازي معه لتدعيم مناخ إعلامي حر ومستقل.