شعبية المشير عبدالفتاح السيسى ظاهرة جليّة، لا يمكن أن ينكرها خصومه قبل مؤيديه، فالرجل تجمعت له محبة صادقة بقلوب الملايين من المصريين البسطاء، وجدوا فيه المنقذ والبطل الشعبى، علقوا عليه عظيم الآمال، لذلك كان عليه عظيم المسؤولية، وبقدر المحبة والأمل والتطلعات، بقدر انتظار النتائج والحساب. وللسياسة اختياراتها ربما تختلف عن العسكرية التى يعرفها الرجل بدقة وانضباط، السياسة انحياز، ولكل سياسى انحيازاته التى يعكسها فى برنامجه وخطابه السياسى، والجماهير تنتظر ما وقر فى القلب ونطقه اللسان وصدقه العمل، فإما الانحياز إلى العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، ومحاربة الفساد، والفقر، والجهل، والمرض، والعشوائيات، وتبنى مشروعات قومية ببرنامج عمل محدد، وإما الانحياز للاقتصاد الريعى الطفيلى، الذى تبنته مجموعة بيزنس لجنة سياسات الحزب الوطنى «المنحل»، ثم تبنته مجموعة بيزنس مكتب إرشاد جماعة الإخوان «الإرهابية»، ومن المهندس أحمد عز إلى المهندس خيرت الشاطر يا قلبى لا تحزن، ولكل انحياز نتائجه، وكلما أحب الملايين بصدق، كان لديهم استعداد للتضحية والتفانى مع استمرار الثقة فيمن أحبوه، وكان لديهم استعداد للحنق والغضب والرفض إذا فقدوا الثقة فيمن أحبوه، لذلك فالرجل فى موقف لا يحسد عليه، من حجم آمال وتطلعات هائلة، ومشاكل اقتصادية واجتماعية لا حصر لها. جمال عبدالناصر، أى صاحب انحياز واضح للعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى قبل أى شىء آخر. كثيرون يريدون المشير السيسى على خطى جمال عبدالناصر، أى صاحب انحياز واضح للعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى قبل أى شىء آخر، ربما قبل الديمقراطية نفسها، وهم ملايين بسيطة تحلم بحياة كريمة عادلة وآمنة، والبعض يريدونه مبارك بشكل جديد، هؤلاء ينتمون بشكل واضح لشبكة «الفساد والمصالح» التى كانت قائمة –ومازالت – قبل 25 يناير 2011، ولا يحلم هؤلاء إلا بالعودة لحدود 24 يناير 2011، ويحلم كثيرون منهم أنه ربما ينحاز المشير السيسى إلى اختيار «تحسين» شكل نظام مبارك وليس بناء نظام العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى، ولا يغيب عن عيوننا جميعا، تحركات مريبة لرموز من الحزب الوطنى المنحل فى مختلف دوائر الجمهورية لدعم المشير السيسى، وهؤلاء من وجهة نظرى أكبر خطر يهدد الرجل، فشعبيته حقيقية جارفة، ولا تحتاج لطبالين الزفة الذين نافقوا مبارك، ثم كان لديهم استعداد لنفاق جمال مبارك، وكان لديهم استعداد لنفاق عمر سليمان، وكان لديهم استعداد لنفاق أحمد شفيق، فهم فى غالبيتهم الساحقة لا يحبون إلا مصالحهم، ومن يقترب من كرسى الحكم سينافقونه، وعلى طريقة الهتاف الشعبى الشهير «فلان الفلانى اسم الله عليه» للفتوة المنتصر فى حرافيش نجيب محفوظ، وآخر ما يحتاجه المشير السيسى هؤلاء، فالمحبون الصادقون للرجل، لا يريدون سوى انحيازه الواضح للعدالة الاجتماعية، لخط ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو، لخط جمال عبدالناصر لا لخط حسنى مبارك. بكل تأكيد يستطيع المشير السيسى الفوز بالرئاسة بجدارة فى أى انتخابات ديمقراطية، ومن الجولة الأولى، حتى لو أشرف عليها ما يسمى «تحالف دعم الشرعية»، لكنى أثق أنه بكل تأكيد لا يمكن للرجل الحكم بنفس السهولة إذا كان شركاؤه فى الحكم من جماعة شبكة المصالح إياها، فشراكة المشير السيسى مع الثورة، بفريق رئاسى واضح الانحياز لثورتى 25 يناير و30 يونيو، وبرنامج على هذا الخط الوطنى، الضمانة الحقيقية لاستمرار وتعاظم هذه المحبة الصادقة فى قلوب الملايين، والضمانة الحقيقية لتحقيق العدالة الاجتماعية التى يحلمون بها.