اعتمدت الولاياتالمتحدةالأمريكية، في تنفيذ سياستها على أرض الأوطان المستهدفة من قبل مؤسساتها بالدراسة وبناء السيناريوهات المتعددة والمختلفة على عدة محاور في داخل تلك الأوطان، يأتي على رأسها فرض التبعية على النظم القائمة في تلك الدول، وذلك ببناء شبكة من المصالح التي تحقق مصالح السياسة الأمريكية والغربية الرأسمالية، ويحقق معها بعض من مصالح تلك الدول التابعة كدول ونظم وشرائح اجتماعية مستفيدة من الارتباط بالسياسة الأمريكية الرأسمالية. وفرض التبعية لن يكون إلا بالارتباط بمؤسسات القوة الخشنة والمنظمة في داخل تلك الدول، ولن يكون ذلك إلا بالارتباط بالجيش والشرطة، ولن يكون ذلك إلا بتمويل التسليح والتحكم بكمه وكيفه، وهذا ما يتم بالمعونة الأمريكية التي تعطى سنويا لبعض الدول، بعضها معونة لتمويل التسليح وبعضها لتمويل الاقتصاد ومؤسسات الدولة، كما أن سياسات التبعية المفروضة تعمل على بناء شبكة من العلاقات بين مؤسسات الولاياتالمتحدة وبين بعض الحركات الشعبية السياسية في داخل تلك البلدان، مثل حركة الإخوان المسلمين وهى حركة أممية توجد في العديد من دول العالم، تؤسس رؤيتها من داخل الديانة الإسلامية، وتعمل على بناء دولة الخلافة الإسلامية حتى تكون رقما في معادلة النظام الدولي، وخلافها مع مراكز القوة العالمية ومؤسساتها ليس له علاقة بإقامة نظام عالمي عادل يحقق الوفرة والعدالة، ولا خلاف أيضا حول الاقتصاد الرأسمالي، ولا خلاف حول الاستغلال الواقع على البشر والمجتمعات من قبل ذلك النظام العالمي، ولا ربط بين طبيعة ذلك النظام والحروب الاستعمارية في أنحاء مختلفة من العالم ولا طبيعة الاحتكارات المهيمنة من قبل الدول الرأسمالية الكبرى على الدول الصغيرة النامية، من هنا وجدت الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكذلك الغرب الرأسمالي، مصالح مشتركة بين أصحاب المشروع الإسلامي بتنويعاته من الجهاديين إلى المعتدلين مثل الإخوان المسلمين، تؤسس عليهم بناء يحمى المصالح ويوسع النفوذ ويفرض التبعية، وينسج شبكة بين تلك النظم التابعة ومصالح أمريكا والغرب عموما، من هنا كانت مراكز البحوث والدراسات الأمريكية حاضرة وجاهزة بالاستفادة الكاملة من ثورات الشعوب على سياسة التبعية التي مثلتها وعبرت عنها نظم تابعة لسنوات طويلة مثلما حدث مع نظام مبارك وبن على وعلى عبد الله صالح وغيرهم واستكمال الحفاظ على مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب الاستعماري الرأسمالي. تمكنت أمريكا من توجيه دفة الانتفاضات الشعبية عبر تحريك شبكات المصالح في القوة الخشنة وكذلك الحركات السياسية ذات الشعبية وغير المتعارضة مع تلك المصالح مثل حركة الإخوان المسلمين وبعض الحركات والمنظمات النخبوية الليبرالية التي تعمل في إطار النموذج الليبرالي المؤسس فلسفيا على المذهب الفردي في الحرية، وكذلك في الاقتصاد وهذا ما يوحد بين تلك الحركات والنخب والمنظمات العاملة في البلدان التابعة وبين صناع التبعية من دول رأسمالية كبرى مؤسسة على المذهب الفردي في الأخلاق والحرية والاقتصاد، ولعل هده المشتركات هي التي ساهمت في بناء شبكات من منظمات المجتمع المدني الممولة من الغرب وهى من أذرع السياسة الأمريكية في منطقتنا. وهذا ليس اتهاما لأحد وإنما تحليل لطبيعة علاقات سواء جاءت تعبيرا عن قناعة بطريق ليبرالي للوصول للنهضة أو حتى بطريق بديل لكنه موصل لذات الغايات المحققة لمصالح الرأسمالية والفارضة للتبعية. إذا نحن أمام سياسات أمريكية غربية رأسمالية تتحقق عبر نظم تابعة وجيوش في حماية تلك السياسات وصانعة لها وحركات سياسية لها قدر من الشعبية، كل ذلك صانع ومساهم وبان لشبكة السياسات المرتبطة بالنظام الرأسمالي العالمي المؤسس لسياسات التبعية المفروضة علينا.