يجب ص أن نفرق بشكل علمى بين استئناف المشروع النووى، كهدف يتحمس له كل وطنى، ونحشد من أجله كل الإمكانيات عبر خريطة طريق واضحة تستوفى بطريقة علمية ومنظمة كل الاستحقاقات والمتطلبات المتعارف عليها عالميا، وبين طرح مناقصة المشروع، وهى مجرد خطوة من خطوات متتابعة تسمى معا «المشروع النووى لتوليد الكهرباء». لن يؤدى إنشاء المحطة النووية الأولى إلى حل مشكلة الطاقة الكهربية فى مصر حلا فوريا، ولكن هذا سيحدث إذا كانت جزءا من برنامج نووى متكامل الأركان، يعتمد على سلسلة من مشروعات المحطات المتعاقبة، تقام على مواقع جغرافية ملائمة من الناحيتين الفنية والبيئية، ولا تخضع آليات اختيارها لبورصة المصالح الخاصة لمجموعات رجال الأعمال من الفلول القدامى والجدد، وتحظى بحماية كاملة من آليات الدولة التى تعودنا عليها منذ كانت الدولة غير فاشلة، وتنشأ وتدار تلك المحطات وفق مفاهيم التنمية والاستدامة التى لا بديل عنها لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية بشكل فعلى. وستضخ تلك المحطة النووية الأولى وحدها مقدارا من القدرة الكهربية يتراوح بين 1000 و1400 ميجاوات، بعد مدة لا تقل عن ثمانى سنوات من يناير 2014، موعد طرح المناقصة للمحطة النووية الأولى، إذا كانت تصريحات المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة دقيقة، وتلك القدرة المضافة لن تتجاوز حدود 5% (خمسة بالمائة) من القدرة الكهربية المولدة على مستوى الجمهورية فى حدها الأقصى مقارنة بأرقام عام 2013. وخلال تلك الفترة تقريبا ستضاف إلى الشبكة الموحدة قدرة مركبة مولدة من المحطات التقليدية التى تعمل بالبترول والغاز، تقدر ب 12400 ميجاوات، وفقا لما ورد بشأن الخطة الخمسية السابعة 2012 - 2017 فى التقرير السنوى 2011 - 2012 للشركة القابضة لكهرباء مصر. إذاً ما سيضاف من المحطة النووية الأولى لا يشكل نسبة مئوية ذات بال، تدفعنا للتعجل فى طرح المناقصة دون أن نأخذ فى الاعتبار استكمال كل العناصر الضرورية المطلوبة لإطلاق البرنامج، من خلال خريطة طريق واضحة فى هذا الشأن. تحرص الدول الطامحة للولوج إلى المشروع النووى لتوليد الكهرباء على أن يتم ذلك بطريقة تتناسب مع أهمية الموضوع وحساسيته وتأثيره على الأمن القومى والتنموى، وفى هذا الإطار تعتمد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أسلوبا معياريا لتقييم عدد معين من العناصر، يصل إلى تسعة عشر عنصرا، تحدد معا مدى الجاهزية الوطنية للانتقال الآمن من مرحلة إلى أخرى فى عمر المشروع. وفى هذا المجال، سأطرح فى الجزء الثانى من المقال بعض التساؤلات بشأن ثلاثة عناصر من تلك العناصر الضرورية، وأتساءل عن مدى توفرها واستيفائها قبل إطلاق المناقصة، مع التأكيد مسبقا على أن أغلب النواقص تعود للظروف التى يمر بها المجتمع المصرى وعدم استقرار سياسات الأداء الحكومى بالتبعية، ولا يعود إلى العاملين بتلك الجهات.