هذا العمود عنوانه «صوت وصورة» ويختص بالتحليل الثقافى للصور والأصوات، وقد حفل الأسبوع الماضى منذ ثورة 30 يونيو، وهو اليوم الجدير بأن يصبح اليوم الوطنى لمصر الشعب والجيش والشرطة معاً، بالعديد من الصور والأصوات الدالة. على صعيد التليفزيون كان أسبوع صراع زوايا التصوير، فكل قناة تضع الكاميرا فى زاوية تعبر عن وجهة نظرها، هذه تريد أن تظهر أن مظاهرات المعارضة أكبر، وتلك تريد مظاهرات الموالاة أكبر، ولكن فيلم تصوير مظاهرات الثورة من الطائرة فى لنقطات طويلة مستمرة من دون موتناج كان حاسماً فى التعبير عن الفيضان البشرى فى الشوارع والميادين فى كل محافظات مصر ضد حكم الإخوان. نعم هناك انقسام بين مؤيد ومعارض، وقد نجح مرسى بنسبة 51 فى المائة، أى النصف تقريباً مثل أوباما فى أمريكا وهولاند فى فرنسا، ومثل رؤساء كثر فى الماضى والحاضر، ولكن استفتاء «تمرد» الشعبى أسقطه بنسبة تقترب من 80 فى المائة بعد سنة واحدة من انتخابه ومن الطبيعى أن يكون هناك من يعارض إسقاطه ويقف ضد ثورة الشعب التى انحاز إليها الجيش، ولكن ليس من الطبيعى أن يقوم مؤيدوه بقتل معارضيه فى الشوارع بغض النظر عن النسب المئوية وأحجام المظاهرات نحن هنا أمام جرائم قتل وحرق وتخريب جنائية ولا علاقة لها بالصراع السياسى. ومن المثير للسخرية أن يعتبر الإخوان أنفسهم ممثلين لثورة 25 يناير، بينما هم من قادوا الثورة المضادة لها، ولكن ما يثير السخرية أكثر قولهم بعد ثورة 30 يونيو أنهم يطالبون بعودة مرسى إلى الرئاسة، دفاعاً عن الشرعية الدستورية، وكأن مبارك لم تكن له شرعية دستورية. فمن البدهى أن الثورة تعنى إسقاط الشرعية عن النظام ورئيس النظام، ومن البدهى أنها لا تعنى إسقاط الدولة. والصورة التى أعلنت نجاح ثورة 30 يونيو تلخص شخصية مصر على نحو يفوق مليون كلمة، وهى صورة قائد الجيش المصرى يعلن برنامج الثورة وحوله قيادات الجيش والقضاء وشيخ الأزهر وبابا الأقباط والبرادعى مفجر ثورة 25 يناير التى لم تطالب سوى بالحرية والديمقراطية، والكاتبة سكينة فؤاد من رموز المرأة المصرية وقيادات حركة تمرد التى فجرت ثورة 30 يونيو، ويصاحب هذه الصورة التى لا مثيل لها منذ ثورة 1919 صوت قائد الجيش وهو يعلن تسليم الرئاسة مؤقتاً إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا. والنشاز الوحيد فى تلك الصورة ممثل من يسمون «السلفيين» والذين لا يقصيهم أحد، وإنما يقصون أنفسهم بعدم الوقوف أثناء السلام الوطنى. [email protected]
