شعبة الخضراوات والفاكهة تعلن انخفاض أسعار الطماطم الخميس المقبل    للمسافرين كثيرا.. أسعار اشتراكات سكك حديد مصر    ميقاتي: علينا توحيد الصفوف لردع العدوان الإسرائيلي    الرئيس السيسي يوجه بإرسال مساعدات طبية وإغاثية طارئة للبنان    اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. مدبولي: تطوير موقع «التجلي الأعظم» يحول المنطقة إلى مقصد سياحي عالمي    فيفا ينقذ الأهلي بقرار رسمي جديد بعد ساعات من خسارة السوبر أمام الزمالك    لطلاب المرحلة الثالثة 2024.. موعد سداد الرسوم الدراسية في الكليات    رياح قوية وشبورة كثيفة.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل طقس الأحد    آخر ظهور ل كوليت فافودون أرملة المخرج يوسف شاهين.. «فيلم تسجيلي»    ما مصير حفلات نجوم لبنان بمهرجان الموسيقى العربية بعد الأحداث الأخيرة؟    ذكرى ميلاده.. أمنية لعلاء ولي الدين لم يمهله القدر تحقيقها في حياته    أحمد عمر هاشم مطالبا المسلمين بالتضرع لنصرة فلسطين: القدس قطعة منا وجزء من عقيدتنا    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    اليوم العالمي للسعار.. كيف تتعامل مع عضة الحيوانات المسعورة وداء الكلب؟    بايدن يعلن تأييده اغتيال حسن نصر الله ويدعو لخفض التصعيد    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    "هانز فليك" يعتمد على ليفاندوفسكي في قيادة هجوم برشلونة أمام أوساسونا    مصدر أمني يكشف حقيقة منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي    عضو غرفة شركات السياحة: طلب متزايد لزيارة سانت كاترين من مسلمي أمريكا قبل أداء العمرة    "منصورة روبوتوكس" يحصد المركز الثاني في تصفيات مسابقات المشروعات الخضراء والمستدامة    الكرملين: التصريحات الغربية حول صراع مسلح محتمل مع روسيا بمثابة "موقف رسمي"    "قتلته وسرقت 10 آلاف جنيه وهاتفين".. اعترافات المتهم بقتل ثري عربي في أكتوبر    الدعم العيني والنقدي.. "الحوار الوطني" ينشر قاموسًا يهم المواطنين    وزير التعليم يشدد على استخدام المعامل غير المستغلة وتخصيص حصة داخلها أسبوعيًا    إنذار محمد عبد المنعم فى شوط سلبي بين لانس ضد نيس بالدوري الفرنسي    رئيس مياه القناة يعلن خطة استقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    وكيل صحة الشرقية: حالات النزلة المعوية بقرية العروس سببها "جبن قريش" منزلى    مصرع سائق تروسيكل في حادث تصادم بقنا    المجر تنضم إلى منصة "أصدقاء السلام" بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية    أتلتيكو مدريد ضد الريال.. رابطة الدورى الإسبانى تحذر الجماهير من العنصرية    اختيار باسم كامل أمينا عاما للتحالف الديمقراطي الاجتماعي    معرض بورتريه عن الفنان فؤاد المهندس في مئويته ب"الصحفيين" (صور)    اللواء إبراهيم عثمان: هدف إسرائيل من حرب لبنان صرف الانتباه عن الهزيمة بغزة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 28 سبتمبر على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    أحمد جمال يهنئ نادى الزمالك بعد فوزه بكأس السوبر الأفريقى    رئيس الطائفة الإنجيلية: الله منحنا الغفران ونحن مدعوون جميعًا أن نكون رحماء تجاه إخوتنا    استقبال الأبطال المصريين بالورود قبل المشاركة فى بطولة قطر كلاسيك للاسكواش.. صور    ذهبية وبرونزية في نهائي الرجال ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 19 عامًا    اليوم العالمى للمسنين.. الإفتاء: الإسلام وضع كبار السن بمكانة خاصة وحث على رعايتهم    الضرائب: تحديث موقع المصلحة الإلكترونى لتيسير سُبل التصفح وتقديم خدمة مميزة    رئيس التخطيط بمشروع مشتقات البلازما: اعتماد 8 مراكز لمشتقات البلازما دوليا    وكيل صحة البحيرة يشدد بتطبيق معايير الجودة ومكافحة العدوى بالوحدات الصحية    محافظ الإسكندرية يتابع مع نائب وزير الصحة معدلات تنفيذ مبادرة ال1000 يوم الذهبية    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا لرئيس الوزراء (التفاصيل)    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    وزير الرياضة يفتتح عدة مشروعات استثمارية في ههيا وأولاد صقر    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    لاوتارو مارتينيز يقود هجوم إنتر ميلان أمام أودينيزي    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    تحرير 1341 مخالفات للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    فيديو.. مزايا التصالح على المباني المخالفة والمستندات المطلوبة    مودرن سبورت يهنئ الزمالك بفوزه بالسوبر الإفريقي على حساب الأهلي    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكتبة الإسكندرية..النار تنجب رماداً

فى عام 2002 افتتح الرئيس مبارك مكتبة الإسكندرية بحضور عدد من رؤساء وملوك العالم.
الفكرة ذاتها تستحق العناء؛ فالمكتبة القديمة كانت أحد المعالم الكبرى فى التاريخ المصرى، وهى إحدى أدوات مصر كقوة عظمى فى عولمة العالم القديم؛ فقد كانت المكتبة الأساس الذى قامت عليه قوة مصر حتى اليوم. أعنى الثقافة، أو ما سماها هيكل مؤخراً: القوة الناعمة.
لكن فى المشروعات الثقافية لا يصح أن نتحدث عن «فكرة» بل عن ممارسة وطريقة تحدد وسائل تحقيق هذه القوة الناعمة وغاياتها.
هذه الوسائل والغايات لا تبدو واضحة فى أداء المكتبة، إلى الحد الذى حوّل نعومتها إلى نوع من المزلقة والليونة غير المحتملة. لكن أوضاع المكتبة لم تناقش بعد سبع سنوات من إنشائها، إما لتمتعها بالرعاية الرسمية أو بسبب العدد الكبير من المستشارين (من السهل إحصاء عدد المثقفين الذين لا تضمهم لجان المكتبة لا من تضمهم) وربما يعود السبب إلى العاملين معاً: الحماية الرسمية، والتواطؤ الثقافى!
ولابد من تحفظ أول يخص تغير الوقت الذى خلق اختلافاً فى دور المكتبة وتأثيرها؛ فالمكتبة القديمة التى أنشأها بطليموس الأول وأكملها الثانى فى القرن الثالث قبل الميلاد، كانت أكبر من خزانة كتب، بل جامعة ومركز أبحاث وخزانة كتب معاً. ومع التخصص كان يجب أن يختلف دور المكتبة، لكن تظل قيم الحرية والفاعلية الثقافية مطلوبة فى كل حين.
تمتعت المكتبة القديمة بحرية مطلقة، ومن دون تفرقة بين باحث وباحث على أساس الدين أو القومية، وكانت تلزم كل باحث وزائر بإيداع كتبه فى خزانتها، بل كانت كل سفينة ترسو بميناء الإسكندرية تحمل كتباً ملزمة بتقديم كتبها إلى المكتبة التى تنسخ نسخة لإعادتها إلى حامليها وتحتفظ بالأصل.
وبسبب أفق الحرية وتوافر وسائل البحث فإن المكتبة كانت مكاناً للعديد من الباحثين الذين لم تزل إضافاتهم العلمية أساس علوم الهندسة والطب والفيزياء إلى اليوم، ومن بينهم أرشميدس وإقليدس وجالينيوس، وعشرات غيرهم، حيث كانت العقول تهاجر إلى مصر، وليس منها كما هو اليوم.
فى المكتبة الجديدة، لا مجال للبحث العلمى أو الفلسفى، وربما ليس مطلوباً منها ذلك، بعد أن توزعت اختصاصات المكتبة القديمة بين الجامعة ومراكز البحوث، بينما لا يكاد المرء يعرف عدد ما تضمه المكتبة من كتب، على الرغم من تطور وسائل الإحصاء، فقط نقرأ عن قدرة المكتبة على استيعاب ملايين الكتب، وأنها تمتلك مكتبة إلكترونية أكبر من مكتبة الكونجرس، أين هذه المكتبة وما هى آليات الاتصال بها؟ لا أحد يعلم، بينما نعرف بالتحديد أن المكتبة القديمة ضمت ثلاثمائة ألف كتاب.
حرية الاقتناء التى تمتعت بها المكتبة القديمة تبخرت فى الألفية الثالثة أمام كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» الذى اضطرت المكتبة الجديدة إلى رفعه بدعوى إساءته إلى اليهود!
مشروع مثل (الباحث المقيم) فى الألفية الثالثة لا يشبه أبداً إقامات فلاسفة وعلماء ما قبل الميلاد، وليس فيه عناء البحث أو أدواته، بل مجرد إحياء للذكرى على طريقة تمثيل أدوار الحياة فى مصر القديمة على طريقة القرية الفرعونية، حيث تستضيف المكتبة كاتباً لإلقاء عدة محاضرات لا يتجاوز عدد حضورها أصابع اليدين، لقاء مبلغ محترم.
لا فرق بين محاضرة المقيم ومحاضرة العابر إلا فى التقمص والتمثيل لدور الباحث فى المكتبة القديمة. وعندما كان الباحث المقيم هو نصر حامد أبوزيد، اصطدمت المكتبة مرة أخرى بسقف الأمن، وجعلت إقامته سراً، حتى على الصحافة، ومنع الأمن الجمهور القليل الذى حاول الحضور!
علاقة المكتبة بمثقفى الإسكندرية وجامعتها، التى تفصلها عنها عدة أقدام، مقطوعة، لأنها مشغولة بالعلاقات مع مثقفى القاهرة المتنفذين إعلامياً. ولا علاقة لها بالمواطن السكندرى، لأنها مشغولة برضا البيت الرئاسى.
ومن يذكر وقائع الافتتاح يتذكر بالضرورة أن دهشة الصحفيين الأجانب لم تتعلق بالمكتبة، بل بسؤال وحيد: أين ذهب شعب الإسكندرية؟!
إخفاء سكان المدينة للدواعى الأمنية حدد إلى اليوم علاقتهم بالمكتبة، حيث تصاب المدينة الطولانية التكوين بالشلل عند افتتاح كل مؤتمر يحضره مسئول. وأتمنى أن تجرى مؤسسة محايدة استفتاء يقول فيه أبناء الإسكندرية رأيهم فى المكتبة التى تفرض عليهم حظر التجول فى كل افتتاح لمؤتمراتها الطنانة الرنانة، مثل مؤتمر الإصلاح الذى يعقد سنوياً تحت عناوين تتغير كل عام حسب الموضة.
مرة وسائل الإصلاح، ومرة تمكين المرأة، ومرة مؤسسات المجتمع المدنى، أما هذا العام فيحمل عنواناً مسجوعاً (عالم عربى متغير فى كوكب متغير) وحسب تصريحات رئيس المكتبة فإنه ضم مائتين من الباحثين، لكنهم قبل افتتاحه نقصوا واحداً، حيث أعيدت الكاتبة الفلسطينية نعمة خالد إلى دمشق مساء السبت على ذات الطائرة التى أقلتها، لأسباب أمنية، على الرغم من مشاركتها فى المؤتمر فى أكثر من دورة سابقة، وفى كثير من مؤتمرات المجلس الأعلى للثقافة.
وهكذا ثبت للمؤتمرين قبل أن يبدأ المؤتمر أن العالم العربى لا يتغير، مثلما أثبتت ذلك التوصيات المعتقة للمؤتمرات السابقة. لكنها شهوة الكلام المباح فى محفل مغلق يضم متشابهين يعرف كل منهم ما يقوله الآخرون دون أن تراهم السلطة التى هى فوق فتتغير، أو يراهم المواطن الذى يفهم كل شىء. لكن يد التغيير قصيرة وليست فى طول لسان الإصلاح!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.