يبدو أن إيران لم تعد تكتفى بالدور الذى تلعبه بالفعل فى لبنان من خلال دعم الطائفة الشيعية وتقويتها وعلاقاتها بحزب الله، بل امتد دورها إلى محاولة زعزعة الاستقرار فى الساحة السنية فى لبنان، مع اقتراب الانتخابات اللبنانية المقرر عقدها فى شهر يوليو القادم، والتى يراها الكثير من المراقبين بمثابة انتخابات فارقة يمكن أن تساهم نتيجتها فى تحديد توجه لبنان خلال السنوات القليلة المقبلة. وبدأت إيران فى استخدام الأداة المالية للتأثير على العديد من الجمعيات الإسلامية المناهضة لتيار المستقبل، وذلك لتقويتها فى مواجهة التيار، لاسيما فى إقليمالخروب، وخاصة فى قرى الوردانية وعانوت وكترامايا ودلهون وشحيم ومزيود والمغيرية وغيرها. وعقد ممثلون عن طهران اجتماعًا مع العديد من القوى السنية غير المرتبطة بتيار المستقبل، وتم الاتفاق على قيام تلك القوى بنشاط داخل القرى اللبنانية فى إقليمالخروب، ودفع مبلغ 50 ألف دولار لكل قرية لتقديمها كمساعدات للمحتاجين فيها، مقابل الالتزام بتبنى اللوائح الانتخابية التى يحددها حلفاء طهران. ومن أبرز من شاركوا فى الاجتماع مع ممثلى طهران، زهير الفطيمى، رئيس الجمعية الإسلامية الخيرية فى بلدة عانوت، ومحمد الأمرعى، رئيس المركز الثقافى فى بلدة كترامايا، وعبدالله بصبوص، الداعية الإسلامى فى بلدة داريا، وجميل السرحان، إمام مسجد فى بلدة دلهون. واهتمت إيران بالتنسيق مع جميع القوى الموالية لها فى لبنان، من خلال الاجتماعات المنتظمة التى تجرى فى بلدة الوردانية، وهى البلدة الشيعية الوحيدة فى إقليمالخروب، حيث يلتقى بعض المسؤولين من حزب الله، ومن بينهم مسؤول الحزب فى البلدة ويدعى محمد رضا الحاج، مع النائب السابق رئيس رابطة العاملين، زاهر الخطيب، وذلك للتنسيق حول الانتخابات القادمة والتى من المقرر أن تستضيف الديوانية إحدى لجانها. وعقب هذه الاجتماعات أقام الخطيب مركزًا لرابطة الشغيلة بالفعل فى بيروت وبدأ فى دعوة العائلات لتلقى المعونات الشهرية للعائلات فى المنطقة. ولم يقتصر الجهد الإيرانى فى حشد التأييد لحلفائها على الساحة السنية فقط، ولكنه امتد أيضا إلى التنسيق مع مؤيدى التيار القومى والحزب القومى السورى الاجتماعى والنائب الدرزى السابق وئام وهاب، رئيس تيار التوحيد، من أجل تنفيذ نفس اللعبة على الساحتين المسيحية والدرزية، أى حشد الأصوات لمؤيدى إيران من خلال النقود. ويحاول تيار المستقبل أن يتصدى لنفوذ الموالين لإيران فى مختلف أنحاء لبنان، لاسيما فى منطقة الخروب، غير أنه يواجه صعوبات جمة فى ظل كمية الأموال الكبيرة التى يجرى إنفاقها هناك من جانب مواليى إيران. يبقى أنه من المؤكد أن تكون منطقة الخروب إحدى أهم مناطق الصراع خلال الانتخابات المقبلة، نظرا للتنافس الحاد بين التيارات اللبنانية فيها، لاسيما أن هذا الإقليم ذا الغالبية السنية جزء من إقليم الشوف الذى يحتوى أيضا على دروز ومسيحيين، ليتأكد باستمرار حجم الضرر الذى يتركه التدخل الإيرانى فى لبنان، ولتمثل منطقة الخروب مثالًا صارخًا على ذلك.