يحيى القصر الهاشمى فى المملكة الأردنية هذا الشهر الذكرى العاشرة لوفاة الملك حسين، لكن المسؤولين عن برنامج الحفل لم يتوقعوا أن تتزامن الذكرى العاشرة مع صدور كتاب جديد عن العاهل الأردنى الراحل يكشف تورطه فى الحصول على أموال من وكالة الاستخبارات الأمريكية، ويعتمد على وثائق أردنية تثبت دوره فى إبلاغ مصر بموعد حرب 67 وإبلاغ إسرائيل بموعد حرب 73. أكثر ما يضغط على المسؤولين الأردنيين أنهم لا يستطيعون نفى ما ورد فى الكتاب، خاصة أن الباحث البريطانى «نيجل أشتون» اعتمد فى السيرة الذاتية التى كتبها عن الملك حسين على الأرشيف الخاص بالقصر الملكى بعد حصوله على تصريح من الملك عبدالله الثانى بالاطلاع على جميع الوثائق السرية، واستخدامها فى كتابه الذى صدر هذا الشهر بعنوان: «الحسين بن طلال ملك الأردن: حياته السياسية». تقول صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، التى انفردت بالعرض الأول لمضمون الكتاب ووثائقه إن القصر الهاشمى لم يطلب من الباحث البريطانى إخراج كتابه بشكل متعاطف مع الملك حسين، لكن كبار المسؤولين الأردنيين اعتقدوا أن الباحث البريطانى يقدر الرعاية الهائلة التى توفرت له فى عمان، ويدرك أن فتح خزائن الأسرار الأردنية أمامه لم يكن مجاناً، غير أن «نيجل آشتون» الأستاذ المعروف فى «لندن سكول أوف أوكنوميكس» لم يكن عند حسن ظن الأردنيين به. الكاتب البريطانى لم يكتف بالوثائق الأردنية الخاصة بالملك حسين والمحفوظة فى القصر الهاشمى، بل اعتمد أيضاً على وثائق بريطانية وأمريكية، وأجرى لقاءات مع مقربين من الملك الراحل، خاصة كاتم أسراره زياد الرفاعى، الذى كشف عن معلومات سياسية وعسكرية واستخباراتية مهمة للغاية، أخطرها أن الملك حسين سرب للرئيس جمال عبدالناصر معلومة عن الهجوم الإسرائيلى على مصر عام 1967 والغريب أن العاهل الأردنى حصل على المعلومة، بطريقة غير مباشرة، من رئيس الموساد «مائير عاميت». بدأت القصة عندما سافر «عاميت» إلى واشنطن فى أواخر مايو 1967 لإصلاح ما أفسده وزير الخارجية الإسرائيلى آنذاك، أبا أيبن أثناء لقائه الرئيس ليندون جونسون وإدارته وعاد «مائير عاميت» إلى إسرائيل حاملاً الضوء الأخضر من وزير الدفاع الأمريكى بشن هجوم عسكرى ضد مصر، وفتح مضيق تيران بالقوة. ولكن لأن مائير عاميت تحدث فى لقاءاته مع الأمريكان عن الخطط الإسرائيلية للهجوم، فقد تحول، فى اللحظة نفسها، من مسؤول استخباراتى سافر لجمع المعلومات، إلى مصدر مهم للمعلومات التى حصل عليها الأمريكان، ومن ثم نقلوها إلى حليفهم الأردنى، الذى نقلها بدوره إلى الرئيس المصرى فلم يهتم بها، لأن الملك حسين لم يكن محل ثقته. الكتاب يكشف وثيقة سرية وخطيرة تعود إلى الثانى من يونيو 1967 أى قبل ثلاثة أيام من نكسة 67 ولم يسمح بالكشف عنها للجمهور إلا الشهر الماضى، وفيها تقرير موجه إلى الرئيس الأمريكى جونسون من رئيس المخابرات المركزية الأمريكية ريتشارد هلميس، يلخص فيه ما دار أثناء مباحثاته مع «مائير عاميت» داخل مقر ال «سى. آى. إيه» وجاء فى الوثيقة: «عاميت يعتقد أن الإسرائيليين على وشك اتخاذ قرار الهجوم، أما عن نتائج الحرب، فيتوقع عاميت انتصاراً إسرائيلياً خلال ثلاثة أو أربعة أسابيع. وسقوط حوالى أربعة آلاف جريح من صفوف الجيش الإسرائيلى. ويتوقع أيضاً أن تتعرض إسرائيل لأضرار بالغة بسبب قذائف المدفعية المصرية، والصواريخ المحمولة على ظهر السفن. لكنه قال: أيضاً، إن إسرائيل مستعدة بمجموعة من المفاجآت وقبل سفره أبلغ عاميت واحداً من كبار مسؤولينا أن إسرائيل ستشن الحرب خلال أيام». ووردت أقوال رئيس الموساد، بتوسع، فى ملحق الوثيقة نفسها، إذ قال لرئيس ال«سى. آى. إيه» فى الأول من يونيو: «لا تستطيع إسرائيل الانتظار أكثر من أسبوع، خاصة أن الاقتصاد الإسرائيلى يتعرض للانهيار بسبب حالة التعبئة العامة المتواصلة لقوات الاحتياط منذ شهور، الأفضل لنا أن نموت فى ميدان المعركة، على أن نموت جوعاً». ويوضح الباحث البريطانى «آشتون» أن الإدارة الأمريكية لم ترغب فى إبلاغ عبدالناصر بموعد الهجوم الإسرائيلى، لكن السر تسرب من واشنطن إلى القاهرة بالرغم من ذلك فقد سارع جونسون إلى تحذير الملك حسين، خوفاً من سقوط نظامه بسبب «المؤامرات» المصرية والسورية، أو نتيجة عملية انتقامية إسرائيلية متوقعة إذا تم تنفيذ عمليات مقاومة فلسطينية من الأراضى الأردنية أثناء الحرب.