(1) الحرب الخاسرة التى تخوضها أندية الناس تابعت.. بتقدير واحترام واهتمام.. اجتماع خمسة أندية فى الإسكندرية الأسبوع الماضى.. الاتحاد والأوليمبى والإسماعيلى والمصرى والترسانة.. وأحسست بها أندية استشعرت الخطر وأدركت أخيرا أنها فى دنيا تغيرت ملامحها ومعانيها وقوانينها وحساباتها.. ورأيتها أندية وجدت نفسها مضطرة لأن تخوض حربها الأخيرة دفاعا عن وجودها وبقائها.. وكنت ولا أزال أتمنى أن يدرك مسؤولو هذه الأندية قسوة وخطورة الحرب التى يخوضونها الآن دفاعا عن أنديتهم.. كنت ولا أزال أتمنى ألا يفقد رؤساء هذه الأندية كل ما هو لازم وضرورى من ذكاء وحكمة وخبرة وقدرة لخوض هذه الحرب بكل شراستها وقسوتها.. وأول ما يلزم لذلك هو ألا يتخيل هؤلاء الرؤساء أن كل الحكاية هى تأسيس رابطة لأندية الدورى والاتفاق على توزيع حقوق البث التليفزيونى.. وإنما هى أكبر وأهم وأخطر من ذلك كله لأنها لم تعد حكاية حصة تكبر او تصغر من عائد بيع مباراة أو حتى موسم بأكمله.. ويلزم أيضا الاتفاق على أنه بدون الأهلى والزمالك فلا يمكن الحديث عن اتحاد حقيقى لأندية الناس فى مواجهة أندية الشركات والهيئات والوزارات.. ويلزم تغيير الأفكار والرؤى بداية من إعادة الاتفاق حول تعريف النادى وتحديد دوره ورسالته إلى تدبير واكتشاف موارد حقيقية ودائمة لتمويل هذه الأندية وحتى دعوة كل الناس ليشاركوا فى الدفاع عن أنديتهم وفى إدارتها أيضا. أما أهم ما يلزم الاتفاق عليه فى البداية فهو تحديد الفارق بين أندية الناس وأندية الشركات.. فقد أحسست أن الاتحاد والأوليمبى يقومان بعملية خداع ساذجة ومكشوفة لى ولغيرى من الناس.. فالناديان السكندريان قررا المبادرة بقيادة حملة الدفاع عن حق أندية الناس فى الوجود والبقاء والحياة والاستمرار.. وأنا معهما وأقدر لهما ذلك بكل تقدير وامتنان.. وقرر الناديان إعلان الحرب على أندية الشركات.. وأنا معهما تماما وعلى استعداد لخوض هذه الحرب بدافع الاقتناع احتراما للتاريخ وللناس ورفضا لخلط الأوراق فى الرياضة على الأقل.. لكننى فوجئت بالناديين.. الاتحاد والأوليمبى.. بعد الحملة وبعد الحرب.. يذهبان لمحافظ الإسكندرية، وقد قرر محمد مصيلحى وأحمد عفيفى أن يلقيا كل الحمول والآمال والرهانات على اللواء عادل لبيب.. ولم أفهم ذلك.. ولن أفهمه ولن أقبله أو أحترمه.. فلو أن الأمر سيتلخص فى دعم من محافظة الإسكندرية ومحافظها.. ولو أن الأمر سيصبح فى النهاية مرهونا بقرار رسمى ومزاج وهوى شخصى من المحافظ أيا كان شخصه أو اسمه.. فلن يعود هناك فارق حقيقى بين الاتحاد والأوليمبى وبين أندية الشركات.. أندية الشركات يديرها وزير أو مسؤول كبير أو رئيس مجلس إدارة شركة أو هيئة.. والاتحاد والأوليمبى سيديرهما المحافظ الذى هو بدرجة وزير والذى هو بالفعل أحد المسؤولين الكبار.. واندية الشركات ستخضع فى سياساتها وحتى فى بقائها واستمرارها لهوى الوزير أو المسؤول عنها.. بينما الاتحاد والاوليمبى.. بنفس الدرجة والمعيار والتفاصيل.. سيخضعان لهوى المحافظ وسيمثلان لقراراته وسياسته.. ومع كل تقديرى واحترامى لمحافظ الإسكندرية ولكل محافظى المحافظات الأخرى فى مصر.. فأنا أتخيل أندية الناس تبدأ فى الاعتماد على نفسها وجماهيرها وأهلها أولا قبل طرق أبواب المحافظين واستجداء معونتهم واهتمامهم ورضائهم.. ومجرد أن يذهب رئيس الاتحاد لمحافظ الإسكندرية أولا.. يعنى أنه أسقط من حساباته جماهير الاتحاد وأحالها إلى أصفار لا قيمة ولا وزن لها.. وعلى سبيل المثال لابد أن يدرك محافظ الإسكندرية حين يمنح امتيازا أو دعما أو أرضا جديدة للاتحاد والأوليمبى.. فهو يمنح أهل الإسكندرية حقوقهم وليس يجامل أصدقاءه رؤساء الأندية.. وهكذا نفس المنطق فى المصرى ومحافظ بورسعيد.. والإسماعيلى ومحافظ الإسماعيلية.. وفى الشرقية والغربية وأسيوط والدقهلية والمنيا والسويس والبحيرة وأسوان وكفر الشيخ. لابد أن يدرك رؤساء كل الأندية أن الناس هم رهانهم الأول والحقيقى وليس السادة الوزراء المحافظون.. وأنهم أقوى بالناس والإعلام والتاريخ.. وأن الفترة المقبلة لابد أن تتغير فيها حتى مفاهيم الانتخابات وحساباتها فلا يأتى بها رئيساً من يصادق المحافظ والمسؤولين الكبار فى الحكومة والمجلس القومى للرياضة.. وإنما ينجح من يدير النادى ويأتى بموارد تسمح للنادى بالاستمرار والأحلام والطموح.. ليس من جيبه الخاص أو بعطاياه وهداياه.. وإنما بخلق الانتماء من جديد بين كل ناد وبين الناس حوله.. وإذا كنت أخوض هذه الحرب مع أندية الناس وضد أندية الشركات والوزارات.. فأنا لا أنكر أن هناك نماذج ناجحة وجديرة بالشكر والاحترام.. ولكننى لا أفهم لماذاً يصر أصحاب التجارب غير الناجحة على العناد ودوام فشلهم وإخفاقهم.. وعلى سبيل المثال.. لا أفهم لماذا الإصرار على كرة القدم فى هيئة قناة السويس وإلى حد عقد اجتماعات متتالية وبحث التعاقد مع مدربين جدد ومع لاعبين جدد من أجل نادى القناة، مع أن القناة نفسها بدأت تتأثر بالأزمة العالمية وانخفضت مواردها مبدئيا بنسبة بلغت العشرين بالمائة.. ولم يحدث طيلة السنين الماضية أن نجح نادى القناة فى أن يصنع مكانة وتاريخاً كروياً يستحق الحفاظ عليه.. فلماذا كل هذا الإصرار على استثمار خاسر ولماذا كل هذا الإنفاق من أجل كبرياء زائف.. ولماذا لا يبقى نادى القناة ملكا لأعضائه وصالحا لممارسة الرياضة على أن تقرر هيئة قناة السويس تخصيص ميزانية الرياضة التنافسية وتعاقدات المدربين واللاعبين كدعاية للهيئة مع النادى الإسماعيلى.. وتصبح هيئة قناة السويس هى الراعى الرسمى والحقيقى والدائم للنادى الإسماعيلى.. وحينئذ قد يتغير تماما شكل الإسماعيلى ولا يعود مضطرا للتنازل عن نجومه وأجمل أولاده لأنه لا يملك المال.. ولا يضطر للبحث عن مليونير جديد أو قديم ليحكم النادى ويتحكم فيه.. وفى المقابل تكون هيئة قناة السويس قد كسبت دعاية حقيقية ورائعة.. وأهم من ذلك أنها قامت بأداء واجبها وفرضها الاجتماعى وقدمت بعض أرباحها للناس وأسعدت جماهير الإسماعيلية وكثيرين جدا فى مصر كلها.. ونفس الأمر فى شركة الكروم، التى فوجئت برئيسها الدكتور جمال عوض يبرر عدم صعود الكروم هذا الموسم للدرجة الأولى بأن النادى قضى هذا الموسم فى عملية إحلال وتجديد انتظارا للموسم المقبل.. ولا أفهم الداعى لذلك كله.. ومنذ متى كان مطلوبا من الكروم أن تلعب فى دورى الكرة الممتاز.. وما كل هذا العبث.. ولماذا لا تتولى شركة الكروم رعاية الاتحاد أو الأوليمبى بدلا من إهدار كل هذا المال دون داع ودون عائد. (2) رابطة الأندية.. ومطاردة اتحادى الكرة والإذاعة والتليفزيون ليس من حق اتحاد الكرة.. وليس من حق اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. وليس من حق الحكومة كلها.. أن يضعوا الشروط والقوانين وأن يحددوا توقيت وأماكن اجتماعات أندية الدورى الممتاز لتأسيس رابطة هذه الأندية التى ستتولى بيع حقوق بث مباريات الدورى فى الموسم المقبل.. فقد فوجئت بأن اتحاد الكرة يبدى اعتراضا وامتعاضا لأن الأندية اجتمعت دون أن تحيط السادة رئيس وأعضاء الاتحاد علما باجتماعها مسبقا وتنال الإذن والموافقة والسماح بعقد هذا الاجتماع.. فهذا ليس من اختصاص اتحاد الكرة.. وليس مطلوبا من اتحاد الكرة أن يكون ولياً لأمر هذه الأندية ووصيا عليها فى هذا المجال.. فاتحاد الكرة هو السلطة العليا التى لا شريك لها فى إدارة شؤون الكرة فى مصر.. بمسابقاتها وأنديتها ولوائحها.. ولكن البث التليفزيونى وحقوقه وموارده لا يدخل ضمن سلطة اتحاد الكرة أو مهامه أو وظائفه.. وكل ما هو حق لاتحاد الكرة فى هذا المجال هو تحديد نسبته من إجمالى الحقوق والتى سيأخذها ليقرر إنفاقها فى تطوير مؤسسة الكرة المصرية بالشكل الذى يتراءى له من حيث الملاعب أو دعم الأندية الفقيرة أو لتطوير اللعبة نفسها.. واتحاد الإذاعة والتليفزيون ليس أيضا وصيا على الأندية وهو مجرد مشترٍ مثله مثل الآخرين.. ولا يملك إلا تأكيد حق البث التليفزيونى على القناة الثانية الأرضية فقط دون الفضائية أو النيل للرياضة.. أما رابطة الأندية فهى لا تخص غير الأندية.. لا اتحاد الكرة وأعضاؤه لهم فيها دور أو مكان.. ولا التليفزيون سواء كان رسميا أو قنوات ومحطات خاصة.. والزعم بأن رئيس رابطة الأندية الإنجليزية هو فى نفس الوقت نائب رئيس الاتحاد الإنجليزى مردود هو حق يراد به باطل.. فلم يصبح الرجل رئيسا للرابطة لأنه نائب رئيس اتحاد الكرة.. وإنما هو فى الأصل رئيس للرابطة المستقلة عن الاتحاد.. وبعد نجاحاته الهائلة قرر الاتحاد الإنجليزى الاستفادة من خبرته وقدرته بشغله منصب نائب الرئيس.. والذى أعرفه أن الأندية بدأت بالفعل خطوات جادة وحقيقية لتأسيس هذه الرابطة بقيادة النادى الأهلى الذى تخلى عن سياساته القديمة الخاطئة ولم يعد يعيش دور النادى الذى لا تعنيه إلا مصالحه الخاصة الضيقة وإنما أصبح بالفعل كبيرا لكل الأندية الأخرى وشريكا لها ومتساويا معها فى الحقوق والواجبات.. ولم يبق إلا الإعلان عن دستور ولائحة هذه الرابطة الجديدة والتى أرجو أن تكون فى منتهى الصرامة والشفافية والوضوح.. وأن تصبح بالفعل رابطة لكل الأندية وليست مجرد لجنة فرعية تابعة لاتحاد الكرة.. ولا هى لجنة موظفين حكوميين ينتظرون الأوامر والتعليمات.. أرجو أن يدرك رؤساء الأندية أن مصر كلها تغيرت.. تعلمت أن ترفض وتعلمت أن تغضب.. ولم تعد فى انتظار أى مبعوث للعناية الإلهية أو حتى للصدفة لينقذها من عثراتها أو ليتولى وحده استرداد حقوقها بالنيابة عن الناس.. وأنا أشكر المهندس حسن صقر لأنه يرعى هذه الخطوات دون طموح غير مشروع فى إدارة الرابطة والتحكم فيها.. أشكره وأعلن احترامى العميق له رغم استيائى من اختراعه الزائف والفاشل الذى هو العيد القومى للرياضة وإصراره على تحديد موعد هذا العيد لمجرد أنه أحد الأيام التى قام فيها الرئيس مبارك بتكريم بعض الرياضيين.. ونسى المهندس حسن صقر أنه عيد للرياضة المصرية كلها وليس عيداً لمزيد من النفاق للرئيس مبارك.. وما بين احترامى لحسن صقر واستيائى منه.. يبقى أن أناشده التدخل لضمان حقوق الناس فى البساتين حيث تريد محافظة القاهرة إزالة 1500 بيت خلف المحكمة الدستورية العليا فى منطقة المطبعة لإقامة مول تجارى وملاعب مفتوحة.. ولأننا فى كل مرة نسمع هذا الكلام وهذه الوعود التى لم نعد نصدقها أو نحترمها.. فأنا أطالب حسن صقر بالمتابعة لضمان حق الناس فى هذه الملاعب وحتى لا نكتشف فيما بعد أن الحكومة بنت المول التجارى ونسيت ان تقيم الملاعب وتفتحها للناس.. تماما مثلما سيجرى فى أرض مطار إمبابة وفى كل مكان فى مصر. (3) الفرصة الأخيرة لإعلان الحرب على الفساد لا أزال أنتظر.. وأحلم وأتمنى.. أن يوافق المستشار جودت الملط.. رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وأحد حراس ضمير هذه الأمة.. على إتاحة الفرصة للجميع للاطلاع على تقارير الجهاز بكل ما فيها من مخالفات وملاحظات على بيع تذاكر نهائيات أمم أفريقيا عام 2006.. وعلى إدارات تعاقبت على نادى الزمالك منذ عام 2005.. وعن الإنفاق المالى والتجاوزات الواقعة داخل نادى السيارات.. وليس هذا فقط.. وإنما أتمنى ان تصبح كل تقارير هذا الجهاز الرائع بشأن المخالفات والتجاوزات فى كل مؤسسات الرياضة فى مصر متاحة للجميع وفى أى وقت.. فهذا هو الضمان الوحيد بألا يدوم أى فساد أو يستشرى.. فالنور هو الضمان.. وعدم حبس التقارير فى الأدراج هو الفرصة التى نحتاجها لنحاسب كل من أخطأ أو تجاوز أو لضمان ألا يتجاوز ويخطئ ويسرق كثيرون فى المستقبل والأيام القادمة. (4) الفائز الذى لم يتم تكريمه فى حفل التكريم الذى أقامه المجلس القومى للرياضة مساء الثلاثاء الماضى وقام فيه بتوزيع شهادات الحب والتقدير والاحترام والإشادة لكل من اختارهم الاتحاد الأفريقى مؤخرا كأفضل منتخب وأفضل مدرب وأفضل ناد ولاعب وجمهور.. حضر الجميع إلا الإعلام.. فالإعلام الرياضى المصرى.. مكتوبا ومرئيا ومسموعا.. كان من المفترض أن يكون شريكا فى ذلك الحفل ليتم تكريمه أيضا.. إذ إنه منتهى الظلم فى حالات الفشل والإخفاق أن يخرج الجميع بعصيهم وخناجرهم ليذبحوا الإعلام باعتباره المسؤول الأول.. بينما فى أوقات الانتصار والفرحة لا يعود أحد يتذكر الإعلام.. ولكننى أتذكره وأحب أن أشيد به أيضا.. كل الصحفيين الرياضيين فى مصر وصحافتهم.. كل الإعلامين وشاشاتهم وبرامجهم وميكروفوناتهم.. بل حتى كل من يكتبون فى المنتديات الإلكترونية على اختلاف آرائهم ومواقفهم.. فكل هؤلاء شركاء فى النجاح الذى تحقق.. فقد أصبحوا هم البرلمان الرياضى المصرى الذى لا يسكت ولا يرضى عن أى خطأ.. أصبحوا هم العدو الأول لكل هواة الظلام والفساد واستثمار كل ما فى هذا الوطن لمصالحهم الخاصة.. وهم أيضا الذين يبرزون ويحتفون بكل ما هو جميل ورائع فى هذا الوطن. [email protected]