خطيب مسجد فى إحدى المحافظات الشقيقة شخص حالة المواطن المصرى فى التعامل مع مشاكل الحكومة فى خطبة الجمعة.. قال الشيخ.. نحن شعب عجيب. الفلاح فى غيطه يحرث ويزرع ويقلع والزرعة تكبر وتلعلع.. فجأة يدخل حمار عجيب يبرطع ويأكل الزرع.. الفلاح يقع فى حيص بيص.. كيف يتصرف مع الحمار.. المفروض أن يكون تصرفه حضارياً وراقياً وبعيداً عن العنف.. يكتب يافطة ضخمة فى الحقل عليها هذه العبارة.. لا للحمار.. طبعاً الحمار لا يستجيب لهذه النداءات الحضارية.. الفلاح يشاور إخوانه الفلاحين فى العمل.. يقررون الذهاب إلى مقر الاتحاد العام للحمير احتجاجاً على سلوك أخيهم.. المفاوضات تصل إلى طريق مسدود ويعود الفلاح للمربع رقم صفر.. الفلاح يقرر هذه المرة أن يذهب إلى القاضى.. القاضى مشغول جداً ولديه ترسانة قضايا مؤجلة وهى أهم من قضية الحمار ألف مرة.. الفلاح يعود إلى الحقل حزيناً هو وجماعته ويقفون متحسرين على استمرار المهزلة أمام أعينهم.. الحمار مستمر فى تخريب الزراعة والتهام المحصول.. فجأة يشق الجموع صبى صغير جسور ويزغد الحمار زغدة واحدة فينتفض الحمار ويخرج من الحقل مفزوعاً.. كلنا ذلك الفلاح، وقليل منا هو ذلك الصبى.. دائماً نحن نحتج.. نشجب.. نغضب.. ثم إحباط ويأس عظيمان ويبقى الأمر على ما هو عليه.. فى المنصورة أنا وجدت هذا الصبى أو بالأحرى هى.. طبيبة مصرية اسمها الدكتورة حنان ومعها الدكتور ممدوح والدكتورة منال.. قرروا جميعاً أن يزغدوا حمار البيروقراطية وحمار فقر الإمكانيات.. سافروا على نفقتهم الخاصة إلى لندن ثلاثة أسابيع ودرسوا أحدث أساليب علاج القدم السكرية واستطاعوا استقدام بعض الأجهزة والمعدات والأدوات الطبية منها كرسى حديث جداً.. واصلوا الزغدة فى حمار البيروقراطية.. أنشأوا أول وحدة طبية متخصصة فى القدم السكرية فى مصر داخل مستشفى جامعة المنصورة.. تبرعوا بمكافآتهم لتأسيس الوحدة ونجحوا فى تصنيع بعض المعدات الطبية بأيدى صنايعية مصريين واسطوات محليين فى المنصورة.. هؤلاء الدكاترة أدهشونى بحماستهم وبمبادرتهم الإنسانية الرائعة لعلاج الآلاف من فقراء مصر مجاناً.. قالت لى الدكتورة حنان.. لو أن الناس الغاضبين على الأوضاع السياسية بدأوا بأنفسهم وأصلحوا ما تحت أيديهم لانصلح حال مصر.. قلت لها صدقت ولكن الشكوى أصبحت إدماناً وشماعة للإهمال والإهدار وتعطيل مصالح الناس ومازلنا نعيش فى غيبوبة الشعارات ولا نفعل شيئاً إيجابياً لصالح الغلابة.. لا للإدمان.. لا للإرهاب.. لا للرشوة.. لا للتحرش.. لا للظلم.. لا للتوك توك.. لا للاستعمار.. لا للحمار. [email protected]
