وجدت نفسى.. مشاهداً بطريق الصدفة لهذا العبث الرياضى الذى حدث مرتين فى نفس الأسبوع وبصورة متشابهة عنوانها الغضب وتكسير الكراسى البلاستيك بالمدرجات والقذف بها إلى أرض الملعب وإشعال النيران فى المدرجات، ثم إتلاف وحرق السيارات الحكومية منها والخاصة خارج الملعب، بالإضافة إلى قذف بالعبارات والسباب، وكلها أفعال وأقوال يعاقب عليها القانون.. وتذكرت مقالاتى التى ذكرت فيها أننا نفتقد الثقافة الرياضية وسيكون من نتيجة ذلك آثار سلبية محلياً ودولياً وجاءت هذه الأحداث لتؤكد ذلك. فالرياضة فى العالم كله تحمل مبادئ وافق عليها المجتمع الدولى واللجنة الأوليمبية الدولية، وهى أن المشاركة فى الرياضة هى الأهم، وليس المهم أن تفوز فقط، والرياضة تذوب فيها ألوان البشر ودياناتهم وألوانهم ومعتقداتهم، ولا يسمح للاعب أن يعلن عن ديانته أو مبدئه السياسى فى المباريات، لأن هذا إتلاف لفكرة الرياضة، وهى المتعة فى الممارسة والمشاهدة وتجميع البشر على الحب ونبذ الكراهية. ولكننا نجد من يريد من أصحاب الشغب أن يبث فى عقولنا فكرة (يا أكسب يا بلاش!) ويذهب إلى المباراة وهو متحفز لكل شىء لإتلاف المناخ إما بيديه أو بحنجرته تحت بند تشجيع ناديه أو فريقه حتى لو كانت إمكانيات هذا الفريق الفنية متواضعة ولا تمكنه من تحقيق أى مكسب أو متعة رياضية، وقد بدأت هذه الأحداث فى مباراة كرة السلة بين الأهلى والزمالك ثم بين الأهلى والإسماعيلى فى كرة القدم، والتى أعطاها التليفزيون المصرى وقتاً مميزاً لعرضها على الشاشة حتى جاءت لحظة تطاير وتكسير الكراسى من كثير من الشباب وإلقائها فى الملعب، مما اضطر حكم المباراة إلى إعلان توقفها وهذا يعطى فرصة للاعب الذى ليس لديه لياقة بدنية للراحة على حساب اللاعب الأكثر لياقة وهذا إخلال بالمبادئ الرياضية، وقد حاول معلق التليفزيون عن طريق ضيفه الذى يتكلم الإنجليزية إفادتنا أن هذا شىء عادى يحدث فى جميع أنحاء العالم فى مباريات كرة السلة، وهو اجتهاد للمعلق لم يفصح عنه ضيفه بهذه الصورة. فمباريات كرة السلة فى العالم كله لا يحدث فيها ذلك وقد حضرت بنفسى فى أمريكا مباريات العمالقة المحترفين ولم أجد حتى مدرجات لمشجعى كل فريق منفصلة عن مشجعى الفريق المنافس، كما يحدث عندنا، بالإضافة إلى أن معلق المباراة لم ينس أن يقرر لنا أثناء المباراة أن اللاعب فلان قد قام بالحج عام 2003، ولا أدرى ما دخل ذلك فى المباراة! وما قيمة إقحام الدين عن طريق اللحية والشورت الطويل فى الرياضة. طبعاً هتسألونى يا جلال عن سبب ما يحدث!! وإجابتى أقولها: إن هناك عدة أسباب تبدأ فى انعدام ثقافة المكسب وثقافة الخسارة فى الرياضة، ويشارك بصفة أساسية عدم ارتقاء اللاعبين الذين يرقصون بين نظام الهواة ونظام المحترفين إلى المستوى الذى يرضى مشجعيهم الذين دفعوا المال والجهد للذهاب لتشجيع فريقهم وعدم إعطاء نجوم وأعضاء الفريق القدوة فى سلوكهم فى الملعب لتخفيف حدة توتر أعصاب المشجعين والارتقاء بسلوكهم، بالإضافة إلى دور الإعلام الذى يقوم بحسن نية بتغطية الحدث وكأنه حرب وليس رياضة. والصعوبة الكبرى أنه كيف يمكننى اقتراح تدريس الثقافة الرياضية فى مدارس لا يوجد بها أصلاً ملاعب.