تشهد الآن الساحة الكروية الفرنسية جدلاً كبيراً بين المؤيدين لاستخدام «الفيديو» فى تصحيح أخطاء الحكام ومساعدتهم على اتخاذ القرارات السليمة، وبين المعارضين لهذا الجهاز الحديث، بعد أن تزايدت بشكل كبير الشكاوى المقدمة من قبل عدد من الأندية الفرنسية بحق بعض الحكام، الذين تولوا تحكيم مبارياتهم منذ بداية الموسم الكروى لعام 2008/2009. وقد اتهم العديد من الأندية الفرنسية الحكام بأنهم يتحملون المسؤولية الرئيسية فى هزيمة فرقهم أو حرمانها من فوز مستحق، سواء بسبب عدم احتساب ضربات جزاء أو عدم احتساب أهداف صحيحة أو إلغاء أهداف صحيحة بدعوى التسلل. وقد تزعم فريدريك تيرييز، رئيس رابطة كرة القدم للمحترفين فى فرنسا، المعسكر المطالب بضرورة الإسراع بالاستعانة بالفيديو فى مباريات كرة القدم الفرنسية، بعد أن تسببت أخطاء الحكام فى إنزال الضرر بمصالح العديد من الأندية، فى وقت تنفق فيه هذه الأندية مئات الملايين من اليورو كل عام، وذلك من أجل الحصول على البطولات أو احتلال مراكز متقدمة فى الترتيب العام للبطولات، أو الإفلات من الهبوط إلى الدرجة الأدنى. وأضاف تيرييز فى تصريحات لمجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية أن أخطاء الحكام المتكررة خلقت إجماعاً بين اللاعبين والمدربين والجماهير، وحتى بين الحكام أنفسهم، على ضرورة اللجوء إلى الفيديو كوسيلة حديثة لمساعدة الحكام على إصلاح أخطائهم أو اتخاذ القرار السليم فى حال شعور الحكم بشكوك فى قراره نظراً لقيامه باتخاذ القرار فى جزء من الثانية. وقد حظيت حملة تيرييز بتأييد قوى، من قبل الرئيس السابق للجنة الحكام الرئيسية كلود كولومبو الذى طالب بأن يكون السؤال المطروح فى الوقت الحالى هو: متى سيبدأ اتحاد الكرة الفرنسى فى الاحتكام للفيديو، لمساعدة الحكام فى تحكيم مباريات كرة القدم؟ وإذا ما كان يتعين اللجوء للفيديو أم لا؟ وأضاف أنه كان فى السابق من المعارضين للجوء للفيديو، غير أنه تراجع تماماً عن موقفه عندما شارك فى ورشة عمل مع مجموعة منتقاة من حكام الكرة وخبرائها حول مدى أهمية الفيديو فى تصحيح أخطاء الحكام. مشيراً إلى أنه تبين للمشاركين فى ورشة العمل أن الفيديو يمكن أن يساهم بشكل كبير فى مساعدة الحكام على اتخاذ القرارات السليمة، بعد أن أصبحت أخطاء الحكام عاملاً مؤثراً فى تحديد نتائج العديد من المباريات، سواء بالنسبة لأندية القمة أو لأندية القاع. وأكد تيرييز أن الخبراء اتفقوا على أنه بعد أن أصبحت مباريات كرة القدم تتميز بالسرعة الفائقة مقارنة بما كان عليه إيقاع المباريات فى القرن الماضى سواء كان السبب هو ارتفاع لياقة اللاعبين أو لسرعة الكرة نفسها، وذلك بعد التعديلات التى أدخلت على وزنها ومكوناتها، فإنه أصبح من الضرورى اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة لمساعدة الحكام فى تخفيف عبء المسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقهم مهما بلغت كفاءة الحكام ودرجة تأهيلهم، مشيراً إلى أن الحكام أصبحوا بالفعل بحاجة إلى عناصر مساعدة مثل الفيديو والليزر بعد أن أصبحا من الأدوات المكملة لأدوات التحكيم فى بعض الألعاب الأخرى مثل الرجبى والتنس. وفى السياق ذاته فإن ميشيل بلاتينى نجم منتخب فرنسا السابق، الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبى لكرة القدم «يويفا»، يرفض تماماً مجرد الاستماع للحملة الرامية للجوء للفيديو لمساعدة الحكام فى مباريات كرة القدم، على أساس أن أخطاء الحكام هى جزء لا يتجزأ من اللعبة، وأن الأندية لا تشكو إلا عندما تتضرر من قرار الحكم، لكنها تتغاضى عن انتقاد الحكم، بل تشيد به عندما يصب الخطأ فى مصلحة فرقها. ويتفق رأى بلاتينى مع رأى جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» الذى يعتبر أن أخطاء الحكام «غير المتعمدة»، عنصر مهم من عناصر التشويق والإثارة فى لعبة كرة القدم. ويتزعم معسكر الرافضين للفيديو فى فرنسا، الرئيس السابق لنقابة المدربين (جى روكس) الذى يبرر رفضه للجوء للفيديو بأن لعبة كرة القدم هى لعبة تقوم على الحركة الدائبة وأنه لن يكون مقبولاً أن يتم وقف المباريات فى كل لعبة يتشكك فى صحتها اللاعبون والمدربون والجماهير والنقاد، للتأكد من مدى صحة قرار الحكم. وأضاف أنه يوافق على استخدام الفيديو مع ذلك فى حالة واحدة فقط، وهى أثناء الاحتكام لضربات الجزاء الترجيحية، فإذا كان هناك شك فى أن الكرة لم تتخط خط المرمى بين القائمين فإنه يمكن فقط فى هذه الحالة الاحتكام للفيديو لإعادة اللعبة أكثر من مرة، حتى يتخذ الحكم القرار المناسب. ورد روكس على الذين تتعالى أصواتهم كل يوم منادين «فيديو.. فيديو.. فيديو» فى كل مرة تحوم فيها الشكوك حول صحة قرار حكم ما قائلاً: «إنه تم فى أحيان كثيرة الاحتكام للفيديو فى استوديوهات التحليل مرة ومرتين وثلاث مرات، دون أن يتم التوصل بشكل قاطع إذا ما كان الحكم قد اتخذ القرار الصائب أم لا». أما بخصوص مطالبة البعض باستخدام الليزر، لتحديد ما إذا كانت الكرة قد تخطت خط المرمى بين القائمين أم لا، فتساءل روكس: «ماذا ستكون عليه الأوضاع لو وقف لاعب بين الليزر المثبت بين العارضة والقائمين وبين الكرة؟ بالقطع لن يطلق الليزر الصافرة لأن هناك من عاق بينه وبين هدفه، وهنا سيكون القرار النهائى للحكم والمساعد. المعروف أن الليزر يستخدم فى التنس لمعرفة ما إذا كانت الكرة قد تخطت خط الملعب أم لا.