اغتاظت روح فرعون من دعاوى السلام ونشر الديمقراطية وطهارة اليد، وخشى أن تؤتى ثمارها، فاستدعى إلى اجتماع عاجل جبابرة الأرض، ولبى الاجتماع لفيف من الطغاة والجبابرة على رأسهم هتلر وموسيلينى، وما إن بدأ الاجتماع وقبل أن يستهل فرعون كلمته انفرجت أساريره، فقد اكتشف أن جميع الطغاة والجبابرة يشاركونه همه ومخاوفه من انتشار السلام والديمقراطية، فاستبشر خيرا وأيقين أنه سيخرج من هذا الاجتماع وقد وجد الحل!! وبعد عدة اقتراحات اتفق الجميع على أن خير وسيلة لنشر الاستبداد هى تخصيص جائزة سنوية لأفضل مستبد فى العالم، غراراً على جائزة نوبل للسلام، واتفق الجميع على تسميتها «جائزة نوبل للاستبداد الشامل». وأعلن المؤتمر الشروط الواجب توفرها فى المرشح للفوز بالجائزة وهى كالتالى: أن يكون المرشح قد نجح فعلاً أو قطع شوطاً طويلاً فى الانفراد بالحكم مدة لا تقل عن عشرين عاماً متصلة، وأن يعمل على أن يبقى بالحكم مدى الحياة.. وكذلك نجح وبشكل قانونى فى تجميد مؤسسات المجتمع المدنى.. واتخذ خطوات فعالة فى القضاء على استقلال القضاء، وهيمنة السلطة التنفيذية عليه، ولا مانع من تنفيذ ذلك من خلال سياسة العصا والجزرة، وتكون الأولوية فى الترشيح للذى ينجح فى إخفاء نظامه الاستبدادى، وذلك بإعلانه تبنيه الديمقراطية فى الوقت الذى يقيد فيه وبشكل قانونى جميع أنواع العمل السياسى! أى تبنيه بنجاح سياسة «الاستبداد الناعم»» الذى تؤدى سياسته إلى تحجيم العمل السياسى، وإلى كفر الشعب بالديمقراطية، ويستدل على ذلك بأن يسجل رقماً قياسياً على مستوى العالم فى تدنى نسبة حضور الناخبين فى الانتخابات والأولوية فى الترشيح لمن يسمح بمشاركة أحزاب المعارضة فى الانتخابات شريطة عدم فوزها إلا بنسبة لا تذكر.. ولأن قيادة الشعوب الجاهلة أيسر من قيادة الشعوب المتعلمة، فيجب أن يكون قد نجح فى تمرير سياسات تعليمية تجعل قطاعات كبيرة من شعبه تكفر بالعلم والتعليم، وأن تخرّج مؤسساته التعليمية أشباه وأنصاف المتعلمين.. وبالتالى الحفاظ على نسبة الأمية مرتفعة فى بلاده.. وأن يكون قد اتبع سياسات اقتصادية لتجويع شعبه عملاً بالمثل القائل «جوع كلبك يتبعك»، وأن ينجح فى نشر ثقافة الاستبداد بين قطاع كبير من أفراد شعبه.. واتخذ أفضل الطرق لذلك، وهو أسلوب التعيين فى جميع المناصب، بدءًا من أدنى الوظائف القيادية حتى أعلى المناصب العلمية، ويشترط أن يكون للتقارير الأمنية اليد العليا فى تعيين هذا وإبعاد ذاك.. ولأن خير الكلام ما قل ودل، فيجب على المرشح أن يكون قد استخدم جميع «أسلحة الاستبداد الشامل» لقمع شعبه! ممدوح أحمد فؤاد حسين [email protected]