اتهم الباحث الأمريكي في معهد كارنيجي لأبحاث السلام، ناثان براون، الرئيس محمد مرسي، بإعادة إنتاج سلطوية مبارك الفاسدة في معركته مع القضاء، وإن كانت أقل تصلبا، مضيفا أنه من الواضح عودته إلى منظومة «عبدالناصر» الأكثر خضوعا إلى نظام صارم وأقل قانونية، من خلال إعادة مرسي صياغة الإطار القانوني والدستوري للبلاد، حسب قوله. وأشار أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة «جورج واشنطن» في مقال، نشر الأربعاء، على موقع المركز البحثي الدولي، إلى أن التسوية بين الطرفين متاحة بسهولة، من خلال السماح للنائب العام الحالي بترك منصبه، واختيار نائب عام جديد، وفقاً للإجراء الجديد الذي ينص عليه الدستور، حيث يقترح كبار القضاة في مجلس القضاء الأعلى اسم مرشّح على الرئيس الذي يقوم عندئذٍ بتعيينه رسمياً، متوقعا أن يواجه الرئيس محمد مرسي في حال الموافقة على هذه التسوية اعتراضات من داخل جماعة الإخوان المسلمين التي ستتّهمه بالاستسلام لخصومه. وحذر الباحث الأمريكي من استمرار الإسلاميين المنتخبين والقضاة في استخدام كل الأدوات المتاحة في معركتهم، فإن الخاسر الأكبر سيكون الانتقال الديمقراطي المضطرب الذي تشهده البلاد، لافتا إلى أن الإسلاميين يخضون معركة مع القضاء تتأرجح بين المواجهة الكاملة والتسوية الحذرة، حيث يمكن تبرير بعض المخاوف التي تراود الإسلاميين بشأن القضاء، ولكن الخيار بين المواجهة والتسوية يقع على عاتقهم إلى حدٍّ كبير. وذكر الباحث الأمريكي أن مؤسسة الرئاسة خلال الأشهر الماضية تعمل على ترجمة انتصاراتها الانتخابية بفرض نفوذها داخل أجهزة الدولة، موضحا أنه يبدو حاليا أن الرئيس محمد مرسي توصّل إلى تسوية مؤقّتة قابلة للحياة مع الجيش، وأخرى أكثر اهتزازاً مع الأقسام المختلفة لجهاز الأمن الداخلي، فيما يأخذ مرسي أسلوب أخر مع السلطة القضائية، مرجحا أن مرسي وحلفاؤه يعتقدون أن القضاة يشكّلون عائقاً يجب تخطّيه عن طريق الإجراءات التنفيذية والتشريعات، وشيء من الترهيب. ونبه الباحث الأمريكي إلي أن إصدار الرئيس مرسي الإعلان الدستوري في نوفمبر الماضي أدي إلي تصلب في موقف كلا من القضاة والإسلاميين من بعضهم، بعد أن اصبحت لدى القضاة نوع من المعركة المميتة، بعد أن تأرجحت مشاعرهم تجاه صعود الإسلاميين من التوجس ثم إلى نوع من التسوية. وحدد الباحث الأمريكي قضيتين خلافتيتين بين القضاء والرئاسة، المعركة الأولى والأكثر علنية حول قانون جديد لتنظيم القضاء، والمعركة الثانية الأكثر تعقيداً من الناحية القانونية، تتمثل في تعيين النائب العام. وعن قانون تنظيم السلطة القضائية، استطرد الباحث الأمريكي قائلا: «يعتقد الكثير من المحللين أن الرئيس مرسي كل ما فعله خلال لقائه القضاة هو إرجاء المواجهة إلى مرحلة لاحقة، على الرغم من أن قراءة القضاء الأكثر طموحاً تري أن الرئيس وافق على العمل مع السلطة القضائية لوضع قانون بالاستناد إلى آلية سبق أن استخدمها القضاة الإصلاحيون في السنوات الأولى من عهد مبارك، وتتمثّل في عقد مؤتمر حول القضاء على صعيد البلاد ككل من أجل إعداد مقاربة توافقية نحو إصلاح القضاء وتحقيق استقلاليته».