أكد خبراء قانونيون أن إصدار قرارين لحظر النشر، فى قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، سابقة أولى تسىء للقضاء المصرى، معتبرين أن حظر النشر فى القضية، جاء مخالفاً للقانون، الذى يحظر النشر فى جلسات بعينها، ولمعلومات محددة أثناء الجلسات. قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة السابق: لم يرد على ذاكرتى طوال عملى فى القضاء، قضية صدر لها قراران لحظر النشر، سوى قضية مقتل المطربة اللبنانية، مؤكداً أن وراء ذلك القرار حساسية القضية، فى ظل وجود أطراف عدة تنتمى لجنسيات مختلفة وكذلك الأماكن والبلدان التى وقعت فيها وترتبط بها. وتابع: قرارات حظر النشر غير عادية، يشوبها الغموض والازدواج، فالقرار الأول صدر، على سبيل المثال، من النيابة العامة فى أغسطس الماضى، أثناء سير التحقيقات، والنيابة ليس من حقها ممارسة أى سلطة فى القضايا المنظورة أمام محاكم الجنايات، إلا بعد الانتهاء من التحقيقات وتحويل المتهمين للمحكمة، وبعد ذلك يمكنها تنفيذ ومتابعة القرارات التى تطلبها فقط المحكمة. موضحاً أن قرار المحكمة حظر النشر جاء مخالفاً لقواعد القانون، الذى يحظر النشر لجلسات بعينها، ولمعلومات بعينها داخل الجلسات، باعتبار أن سلطة القضاء مستمدة من سيادة الشعب، الذى من حقه أن يراقب فى علانية كاملة ما يجرى من محاكمات، لمتابعة سلامة الإجراءات، وكفالة حق المتهمين، وحسن إدارة الجلسات، اللازمة للوصول للعدالة، مؤكداً أن حظر النشر يكون لأسباب جوهرية، يجيزها الدستور، كالقضايا التى تمس الأمن العام والقومى والآداب العامة، ويكون فيها حظر النشر لمصلحة عامة. وأضاف الجمل: قضية مقتل «السادات» لم يصدر لها ولو قرار واحد لحظر النشر، وبالتالى فإن حظر النشر بصفة قاطعة فى قضية مقتل «سوزان تميم»، ليس فى صالح النظام القضائى المصرى، المشهور باستقلاليته، بصرف النظر عما تعانيه السلطة القضائية الآن من انحياز شبه مغلق. وقالت الدكتورة فوزية عبدالستار، أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة: قضية «سوزان تميم» لم تكن تستدعى إصدار أى من قرارى حظر النشر، فإصدار تلك القرارات أسلوب خاطئ، خاصة فى قضايا الجنايات، التى يقع بها القاضى بين أمرين، لا ثالث لهما، الأول إدانة المتهم مادامت توافرت الأدلة الجنائية ضده، حتى إذا كان الرأى العام يبرئه. والثانى تبرئة المتهم، إذا لم تتوافر الأدلة الجنائية ضده، حتى إذا اتهمه الرأى العام بأكمله، موضحة أن الإدانة هنا تقوم على الجزم واليقين، لا على الظن والاحتمال، وبالتالى لا تؤثر قرارات حظر النشر من عدمها على سير العدالة، بل قد تعطى رؤية غامضة للرأى العام. وقال محسن البهنسى، عضو مجلس إدارة جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان: لم أشاهد على الإطلاق قضية مصرية صدر لها قراران لحظر النشر، سوى قضية سوزان تميم، وهو ما يشير إلى أنها جاءت بسبب طلبات المحامين المدافعين بالحق المدنى لأفراد أصحاب مواقع قيادية وحساسة بالدولة، للإدلاء بشهاداتهم فى القضية، الأمر الذى سيكشف للرأى العام العديد من الجوانب الخفية لعلاقات هؤلاء الشخصيات مع هشام طلعت مصطفى، بما سيشكل بالطبع إحراجاً شديداً للدولة. وأضاف البهنسى: قرار حظر النشر يشوبه القصور، لأن جميع ما يدور بالجلسات من معلومات متوافر لدى منظمات المجتمع المدنى ومنظمات حقوق الإنسان، التى من شأنها متابعة سير العدالة فى القضايا العامة، لإصدار تقاريرها عن مدى تطبيق حقوق الإنسان فى نهاية كل عام، وكل هذه المعلومات متوافرة على مواقع المنظمات، لأن قرار القاضى لم يضمها بصفة الإعلاميين. وبالتالى يمكن لأى صحفى مبتدئ أن ينقلها عن المواقع، دون أن يستطيع أحد توجيه تهمة مباشرة له، مؤكداً أن قرار الحظر لا فائدة له، خاصة عندما تجتمع جميع الأدلة الجنائية فى المحاكمة، دون تخوف على حيازتها، وهنا يكون عرض مخترقى قرار الحظر على محكمة الجنح به شبهة دستورية وغير قانونية.