ذكاؤهم أنفع من غضبنا.. انشغلنا بالغضب والتلويح بالويل والثبور وعظائم الأمور..!! وبالونات تفرقع على الفاضى!! أماهم فقد انشغلوا بالتخطيط...انشغلنا بالإحساس بالقهر وانشغلوا بالبناء المستقبلى بداية بالبشر..!! أطفالنا هم المستقبل يمشى على قدمين أطفالنا هم أهم عنصر من عناصر تنمية المستقبل. أطفالنا هم معمار الأمة البشرى من علماء وعمال. أطفالنا هم الأجسام الحاملة فى نموها للتراث والموروثات والعادات وهى أيضًا القابلة للغزو من الخارج لأى تغيير!! أطفالنا هم ملح الأرض وذراتها ومتانة أساسها!! مصر هبة المصريين وليست هبة النيل، لأن هيرودوت حينما قال «مصر هبة النيل» لم تقع عيناه سوى على مصر ولم ير سوى مصر وعمائرها وفنونها وزراعتها على شاطئ النيل. هل سمعتم أحدًا قال أوغندا هبة النيل؟ أو رواندا هبة النيل؟ أو حتى السودان بكل عظمته وتاريخه هبة النيل؟ قالها هيرودوت وهو يغرس قدميه على ضفاف النهر ويرفع ناظريه إلى نتاج البنائين العظام!! فقال مقولته (مصر هبة النيل) ولكن الحقيقة أن مصر هبة المصريين.. وقاومت مصر كل عابر إلى أرضها حتى طموحات نابليون لم تترك كلمة فى لغة واحدة. وسبعون عامًا للإنجليز لم تترك لا شاى الساعة الخامسة ولا (الكيك) الإنجليزى!! تركيا بأعوامها الخمسمائة تركت الجبنة الاسطامبوللى والكنبة الاسطامبوللى التى صنعها المصريون وأحبوها فقط لاغير. امتصت مصر كل عابر وبصقت، قبل أن يخرج، كل ما ترك! ولكن تغيرت وجهة نظر المسيطرين الجدد.. تغيرت أشكال الاستعمار وطالنا أحقرها وهو الاستعمار بالطعام.. امتلأت البلاد بعرضها وطولها بمحال الطعام الجديد.. الهامبورجر والدجاج المقلى والخلطة السحرية والخلطة (الهبابية) بدلاً من الجبنة بالطماطم والخيار والبيض (المزغلل) أصبح (الدليفرى) هو حلم أطفالنا.. أصبحت وجبات الطعام فى المطاعم معها مغريات.. لعب ومقالم وأكياس وحقائب.. مازالت بعض مطاعم الفول صامدة ولكنها وضعت فى خطتها إغراء بالطعام المستورد!! ولم يصل ذكاء أصحابها إلى الإغراء بوجبة الأطفال ذات اللعب والمقلمة لزوم دخول المدارس... لم يفكروا فى عقل الطفل ولكن فكروا فى بطنه فقط، هذه واحدة من استهداف الأطفال. أما الثانية فهى الكارثة بعينها وهى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تخطط لاستغلال كلمة المعونة، والتى أصبح أسهل منها الدبابة والطيارة، أما المعونة التى تفتش عليها من حين لآخر السفيرة النشطة السيدة سكوبى، سفيرة أمريكا فى مصر. فهى ملايين الكمبيوترات التى يفترشها العلم الأمريكى فور فتحها ثم عند التشغيل يقبع العلم فى أعلى الشاشة ويظل قابعًا طوال عمل التلاميذ!! هذه طريقة ذكية لتثبيت العلم الأمريكى فى أذهان الأطفال ومحو علم البلاد، أو أن العلم الأمريكى أكثر إغراء لأنه بالكمبيوتر. أما الثالثة فهى أدهى وأمر.. إنها مشروع العشرة ملايين كتاب (معونة أيضًا) لدور نشر معينة تخضع لمخطط أمركة أطفالنا، أهم ما فيها أن الكتب الدينية ممنوعة وهناك محاذير كثيرة على باقى الكتب، معظمها يصب فى خلخلة التراث، ومخطط الكمبيوتر بدأ منذ أربعة أعوام وكذلك مخطط الكتب!! أما المخطط الأوسع لتثبيت العدو الإسرائيلى فهو ما طالب به شالوم كوهين، السفير الإسرائيلى بالقاهرة بتدريس اللغة العبرية لأطفالنا تمهيدًا لمشاريع السلام المستقبلية ولم يجد طريقة لتثبته بعد ولكن سوف يجد من خواء الخطط التعليمية ما يوصل مشروعه. إن العلم مطلوب واللغات مطلوبة ولكن ليس بهذا الشكل وبهذا التخطيط الذى يلف أطفالنا فى ورق سلوفان جاهز للتصدير العقلى. الكل ينادى بإصلاح التعليم.. الكل ينادى بتعليم مخطط يثرى البلاد ويفى باحتياجاتها من البشر، سواء من العمال أو العلماء. ولكن هل الدولة تنبهت لما يحدث من هذا البث الثقافى المتعمد؟ إن مشروع المليون كتاب تم تفعيله وكثير من كتاب الأطفال دخلوا فيه بشروط المعونة، لأنهم لا يهمهم من الطفل سوى استثماره، سواء الكتاب القدامى أو الوافدون الجدد إلى حقل الطفولة من أجل الكسب السريع مثل الوجبات السريعة. المهم ضخ أكبر عدد ممكن من الكتب فى المشروع الأمريكى، الذى يجزى جزاًء كبيرًا، يرفع من كفاءة دور النشر فى وجه الكساد الحالى، فى صناعة الكتب هؤلاء هم أطفالنا المستهدفون.. ونحن منشغلون بالغضب والتلويح بالويل والثبور وعظائم الأمور.. تمامًا مثل مظاهرات بأبى أنت وأمى يارسول اللّه.. ثم ينام كل واحد فى بيته!!!