هدد الرئيس محمد مرسى أكثر من مرة بقطع أصابع من يحاول أن يعبث بمقدرات الوطن، وقال إن حياة البعض لا تساوى شيئا أمام مصلحة المصريين.. «من يدخل إصبعه فى شأن مصر سأقطعه». وإذا كان هذا التهديد والوعيد الذى بدا غاضبا ومنفعلا يشمل الجميع بلا استثناء، فإنه بلا شك يطال أيضا من يلعبون خارج الحدود، خلف ستار أجندات ومصالح مشتركة تجمعهم بجماعة الإخوان المسلمين، وبالذات حركة «حماس»، التى بدت منذ اللحظة الأولى السند والمُآزر لنظام حكم الإخوان والرئيس محمد مرسى. هذه المساندة لاقت غضبا شعبيا كبيرا فى مصر، خاصة أنها تندرج وفق مصالحها الخاصة، وكان غليان الشارع المصرى عنيفا فخرج إلى الميادين معبرا عن رفضه تدخل حماس فى شؤون مصر، وتعالت أصوات المعارضة الرافضة لهذا الدعم اللوجيستى السافر للإخوان المسلمين ضد إرادة الشعب، وازداد حنق الشارع الملتهب بالغضب بعد الاتهامات، التى وجهت لحركة حماس بتورطها فى عملية رفح على الحدود المصرية، وأدت إلى استشهاد 16 ضابطا وجنديا مصريا فى رمضان، لإحراج الجيش المصرى، وإسقاطه فى براثن المؤامرة الإخوانية، حتى تخلو الساحة لهم. ولم يتوقف هذا التدخل عند هذا الحد، بل وصل إلى أرزاق الناس الذين بدأوا يشعرون بنقص الوقود، والوقوف فى طوابير طويلة بالساعات أمام محطات البنزين لملء مركباتهم بالسولار، وقد أشيع أن نقصه يعود لتهريبه إلى حماس غزة عبر الأنفاق، وتطور التدخل الحمساوى فى مصر ليصل إلى تهريب أثواب من القماش الخاصة بالقوات المسلحة إلى غزة، الأمر الذى وضع علامات استفهام كبيرة حول سر هذه العلاقة الغامضة، وعدم اتخاذ نظام الحكم أى قرار بشأنها، بل آثر الصمت، ولم يعلق على أى من ذلك غير النفى والإنكار. كل ذلك أثار حفيظة وغضب الشارع المصرى المسروقة روحه، اللاهث وراء لقمة العيش والعدالة الاجتماعية، التى من أجلها قامت ثورة 25 يناير، ألا يستحق هذا التدخل السافر من حركة حماس قطع أصابعها كما هدد الرئيس مرسى؟ فحماس من وجهة نظر قطاعات كبيرة من الشعب ساهمت فى خراب مصر، وخرجت هذه القطاعات إلى الشارع غاضبة منفعلة فى تظاهرات منددة رافضة لحماس ومن يدعمها.. بل اختلط الأمر على كثيرين، وأصبحت الكراهية للشعب الفلسطينى نفسه دون تمييز. ألا يعتبر الرئيس مرسى هذا الغضب الذى تحول إلى مظاهرات تجاوزت سلميتها إلى حد العنف سببا وجيها لتدخل أصابع خارجية فى مقدرات الوطن، وساهمت فى زعزعة أمنه واستقراره، خاصة أن الشائعات التى تتردد بقوة عن مشاركة آلاف من كتائب قسام حماس فى دعم ومساندة الإخوان الذين يأتون عبر الأنفاق، وتغض الحكومة النظر عنهم، ساهمت بقوة فى زيادة الغليان الشعبى واستمرار أمد المظاهرات والاشتباكات وسقوط الشهداء والجرحى. هل غفل الرئيس مرسى أم تغافل عمن أطلق شرارة العنف فى أحداث المقطم، حينما تم الاعتداء على صحفيين من قبل عناصر الإخوان جاءوا لتغطية لقاءات سرية جمعت بين مكتب الإرشاد وقيادات من حركة حماس؟ وتطورت الأمور، وتصاعدت وتيرة العنف، لتتحول إلى ساحة قتال فى جمعة رد الكرامة على هضبة المقطم. فلماذا يحاول الرئيس مرسى غض الطرف عن هؤلاء، ويوجه سهام غضبه إلى المعارضة الرافضة لنهج جماعته ومكتب إرشاده؟ ألا يعتبر الرئيس مرسى هؤلاء ممن يساهم فى شق الوطن، وتأليبه على بعضه البعض؟! ألا يظن الرئيس مرسى أن حياة ميليشيا حماس لا تساوى شيئا أمام ما ترتكبه من أفعال، لزعزعة أمن واستقرار البلاد واستمرار العنف فيها؟ أم أن هؤلاء هم الأهل والعشيرة الحقيقيون، الذين طالما تغنى بهم وبدعمهم ومساندتهم له؟!