أنهى الرئيس الأمريكي باراك أوباما زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية تاركًا وراءه سلسلة من المعارك والجدل بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى شأن الزيارة، آخرها معركة تتعلق بجنسية وجبات الطعام التى قدمت له. فوجبة الإفطار التى تناولها على مائدة الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز مؤلفة من الحمص والفلافل وزيت الزيتون، الأمر الذى أثار ثائرة الفلسطينيين، الذين هبوا للدفاع عن أكثر الأكلات شعبية فى فلسطين، فالحمص والفلافل اللذين لا يكادان يفارقان موائد إفطارهم بفقرائهم وأغنيائهم قام الإسرائيليون بالسطو عليهما ونسبهما إليهم، حتى إن أحد الطهاة الفلسطينيين بادر وتقدم باقتراح إلى الرئيس محمود عباس لتقديم سلسلة أطباق فلسطينية لمأدبة غداء الرئيس أوباما ردًا على السطو الإسرائيلي، فالحمص والفلافل من الأكلات المشهورة تاريخيًا ليس فى فلسطين فحسب، وإنما فى سوريا ولبنان والأردن، والسهول الفلسطينية تنتج أجود أنواع الحمص فى العالم، لكن إسرائيل التي سطت على الأرض، وتريد أن تسطو على التراث سطت على الطعام أيضا إمعانًا فى طمس الهوية الفلسطينية. ولم يكن ذلك السطو الوحيد فإسرائيل سرقت التراث الفلسطينى، الذي امتد ليشمل الآثار التاريخية والزي المطرز، حتى إن مضيفات شركة الطيران الإسرائيلية «العال» يرتدينه، وشركة الطيران الإسرائيلية «العال» هى الشركة التي استولت على شركة فلسطين «بالستاين إيرلاين» بعد إقامة الدولة العبرية عام 1948، وتألف أسطول الشركة الفلسطينية فى ذلك الحين من ثلاث طائرات. وانتقلت المعركة فيما بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى موضوع آخر هو الوقت الذي قضاه في كل جانب، إذ اتضح أن حصة الفلسطينيين من الزيارة 4 ساعات في رام الله، و40 دقيقة في بيت لحم، في مقابل يومين في إسرائيل زار خلالهما المتاحف مثل متحف ضحايا النازية وقبر مؤسس إسرائيل ديفيد بن جوريون، ورئيس الوزراء الراحل إسحق رابين، ناهيك عن الفوقية الأمريكية فى التعامل مع السلطة سياسيًا وأمنيًا. لم تلق زيارة أوباما إلى الأراضي الفلسطينية القبول، ولم يكونوا سعداء بها، خاصة بعد رفض أوباما استقبال ابنة أحد الأسرى، ورفضه وضع إكليل من الزهور على قبر الرئيس الراحل ياسر عرفات، فرفض أوباما زيارة قبر رمزهم الزعيم الراحل ياسر عرفات هو معاملة متعالية وغير عادلة بالنسبة للفلسطينيين، خاصة أنه زار قبر إسحق رابين، ومؤسس الحركة الصهيونية تيودر هرتزل. لم يقدم أوباما شيئًا إلى الفلسطينيين، وكانت كلماته باهتة فضفاضة لا توحي بالكثير، غير أنه حاول التودد للإسرائيليين بشكل واضح عبر خطاباته ولقاءاته وزياراته لرموز الدولة المهمة بالنسبة لهم، لكن حتى ذلك لم ينطل عليهم، بل راحوا ينتقدونه بشدة، معتبرين أن هذا التودد غير موجود فى حقيقة الأمر، فالزيارة جاءت من أجل أن يحشد احتياطيًا من العلاقة الإيجابية ومن الثقة المفقودة أصلًا استعدادًا للإجراءات التالية، التى ربما تكون مبادرة سياسية إقليمية أو استراتيجية فى مواجهة إيران دون الاكتراث بالعمل على بناء الثقة التي تهمهم بالدرجة الأولى، ومن هنا فإن أوباما في رأي الكثير من الإسرائيليين لا يفهم حقا إسرائيل وهو غير حساس تجاه مشكلاتها، ولا يفيض حبا لها، ولايذرف الدموع عندما يتعلق الأمر بها! ومن هذا المنطلق فإن زيارة أوباما أخفقت في تحقيق التوازن أو الهدف منها، فلا نالت عنب الشام ولا بلح اليمن.