انطلقت المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى شرم الشيخ بعد انقطاع دام نحو 20 شهراً وبعد جهود كبيرة وضغوط أكبر مارستها الولاياتالمتحدة فى محاولة للتوصل إلى اتفاق على جميع الملفات (القدس، الحدود، الأمن، المياه، اللاجئين، المستوطنات، والأسرى)، خلال عام واحد على أن يتم التطبيق لاحقاً، غير أن هذه الملفات تعترضها عقبات تهدد استمرارها، خاصة أنه لا أحد من الطرفين استطاع فرض أجندته على طاولة المفاوضات فيما يخص أول قضية سيتم بحثها، وهذه عقبة من بين أربع عقبات تعترض طريق المفاوضات فى بدايته فقط. أما العقبة الثانية فهى مسألة الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أعلن أن اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودى سيمثل قاعدة لاتفاق سلام معهم، غير أن هذه القضية ليست قابلة للنقاش من قِبَل الفلسطينيين، الذين يعتبرونها خطوة لقطع الطريق أمام مطالبتهم بعودة أى لاجئ فلسطينى، وهم فى ذات الوقت غير مطالبين مثلاً بأن يعترفوا بأن أمريكا مسيحية ومصر مسلمة، أما القضية الثالثة، فهى ما إذا كانت المفاوضات ستبدأ من حيث انتهت مع رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود أولمرت، فإسرائيل تقول إن المفاوضات ستبدأ من نقطة الصفر، والفلسطينيون يصرون على استئنافها من حيث انتهت مع أولمرت، أما القضية الرابعة التى تنسف المفاوضات مبكراً فهى قضية الاستيطان، وقد فجرت هذه القضية خلافات كبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبين الإسرائيليين أنفسهم. السلطة الفلسطينية ذهبت للمفاوضات، وضمن أجندتها أربعة أسس حددتها اللجنة المركزية لحركة فتح كى تستمر المفاوضات المباشرة، وهى الاستمرار فى وقف الاستيطان، والتمسك بالمرجعيات الدولية بالنسبة للانسحابات الإسرائيلية، والتمسك بشمولية الحل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية التى احتلت عام 1967، بما يضمن قيام دولة مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، وأخيراً التمسك بضرورة الوصول إلى اتفاق نهائى شامل حول جميع قضايا الحل النهائى وهى الحدود والقدس والمستوطنات والمياه واللاجئون والأمن. وإذا كان هناك توقع بالفشل للمفاوضات مع بداياتها، فإن الأسباب ترجع لوجود مشكلة كبيرة فى المفاهيم والأهداف، لذا فإن فرصة النجاح تبدو ضئيلة جداً، فنتنياهو يريد من هذه المفاوضات إدخال الفلسطينيين فى عملية طويلة ومعقدة تقود إلى حلول مرحلية وجزئية، والفلسطينيون يريدون اتفاقاً على ترسيم الحدود لوقف استنزاف الأرض بالمفاوضات، كما أن الأفكار التى قدمها نتنياهو فى لقائه مع عباس فى واشنطن تركزت على انسحابات جزئية من الضفة الغربية تستغرق سنوات طويلة قبل الدخول فى موضوع الحدود، ولهذه الأسباب الملتبسة وغير المشجعة فإن الرهان الفلسطينى فى المفاوضات يتركز على الدور الأمريكى، إذ لا ثقة لهم فى نتنياهو، وفى المقابل، فإن الجانب الأمريكى وعد بالتدخل فى المفاوضات، وتقديم اقتراحات لتضييق الفجوات بين الجانبين وهذا العامل الوحيد الذى يراهن عليه الفلسطينيون!!