أيها الخنازير المساقة إلى ساحة الموت، لستم وحدكم الذبحاء، فمن قبل ذبحنا الطيور باسم الأنفلونزا بعد ادعائنا المزيف أننا أبعد مانكون عنها، حتى داهمتنا ساخرة تقتحم مزارعنا ومنازلنا لنذبح أنفسنا بالخداع قبل أن تذبحنا الأنفلونزا، وقبل أن نذبح على محراب المكابرة دواجننا. فهل كنا ضحايا أنفلونزا الطيور، أم كانت طيورنا ضحايا إهمال أدمنّاه، وأدمنَنا، أم أدمن كلانا صحبة بعضنا؟ الطيور لم تكن وحدها ضحايا استهتارنا بتحذيرات منظمة الصحة العالمية المتكررة بعد تفشى الوباء فى شرق آسيا عام 2006، وكان اهتمام أصحاب الهمم وقتها اللوم والعتاب للمنظمة العالمية أنها نشرت تقريراً كهذا لايجب نشره على الملأ. نفقت الطيور، وسقط معها 25 ضحية من البشر، ماتوا وهم متهمون بحب الطيور، بينما المتهم الأكبر الإهمال والتسيّب، لتُدرج مصر ضمن أعلى معدلات الإصابة بالمرض فى العالم، وهكذا فضحت الأنفلونزا عوراتنا، ونكأت علينا آلامنا كلما سنّت سكاكين الذبح وجاشت بنا الحسرة والخيبة والعار، وتجسدت أمامنا صور الذبح الجماعى فى مذبح غزّة ومذابح العراق، ولا ندرى بماذا نجيب لو سألنا التاريخ وسألتنا شلالات الدماء؟ أما عن الكارثة الآنية المثيرة للهلع، فقد جاءت نعمة للخنازير عندنا حيث رحمها الذبح من حياة بائسة وسط قمامة لا تعرف غيرها طعاماً ومأوى ومرعى، أما المخالطون لها فى القمامة والمشاركون لها فى إلاقامة، فربما حسدوها فى قرارة أنفسهم على الرحيل من حظائر البؤس. هناك سؤال يلحّ على الأذهان، ترى هل تحسبت الحكومة لما بعد ذبح الخنازير؟ هل وضعت خطة سريعة للتخلص من أكوام الزبالة التى كانت تتغذى عليها؟ هل فكرت فى توالد الفئران فى هذه الأكوام؟ هل توقعنا كم الأمراض التى قد تنتج من الزبالة، والتى قد تكون أشد فتكاً من أنفلونزا الخنازير؟ هل توقعنا سلوك البعض فى إخفاء وتخبئة بعض رؤوس الخنازير داخل البيوت، وفى هذا قمة الخطر، نظراً للمخالطة القريبة، كما فعلت بعض السيدات فى أنفلونزا الطيور من تربية الدواجن فى البيوت؟ يجب أن تظل الحكومة مستنفرة، ولا تظن أنها بذبحها الخنازير قد قضت على المشكلة، فالمشكلة قائمة، وواقفة على الأبواب، ولتكن لنا فى أنفلونزا الطيور عبرة، وليت السادة المسؤولين الذين انتفضوا وقتها ينتقدون تقارير منظمة الصحة العالمية، يأخذون الأمر مأخذ الجد هذه المرة.. هم يتحدثون عن أمصال، ولا ندرى إن كانت حقيقية أم مجرد أمنية؟ خاصة أن تحضير المصل يحتاج لعزل الفيروس... فهل تم عزل الفيروس؟ وهل وفرنا كميات كافية من الدواء المضاد والذى تتهافت بلدان العالم على شرائه؟ هل تحسبنا لفرض قيود جمركية عالمية على حركة الدواء والسلع فنؤمن حاجتنا منهما؟ هل حددنا وجهزنا مستشفيات بعينها لعزل المصابين إذا داهمنا المرض؟ هل وضعنا تصورات بديلة لتسيير العمل فى منشآت الدولة إذا حدث لاقدر الله _ مثلما حدث فى المكسيك؟ الخوف كل الخوف من أن تداهمنا أنفلونزا الخنازير دون أن ندرى، ومن ذات الباب الذى داهمتنا منه أنفلونزا الطيور، باب الإهمال الذى أدمنّاه. لا أخشى على بلدى من أنفلونزا الطيور ولا الخنازير ولا حتى البقر المجنون بقدر ما أخشى عليها من إهمال المستهترين، قبل أن يأتى يوم نتساءل فيه من الذابح ومن المذبوح؟ [email protected]