فشل وزير الثقافة فاروق حسنى فى الحصول على مقعد اليونسكو لا يمكن اعتباره حدثا «عاديا» وهو أن مرشحا مصريا أخفق فى الوصول إلى هذا المقعد المهم أو أن «نرميه وراء ضهرنا» ذلك لأن فشل فاروق هو ترجمة وانعكاس لحالة الفشل التى تعيشها مصر على الصعيد الخارجى مؤخرا إلا من بعض الملفات الحساسة التى تتولاها بعض الجهات المهمة فى البلد. أحد الأصدقاء سألنى: لماذا من وجهة نظرك فشل فاروق حسنى؟ قلت: الفشل كان متوقعا والإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى عشرات المقالات ولكن سأجمل بعض النقاط المهمة والرئيسة التى كانت سببا وراء فشل فاروق وبالتالى فشل مصر قد تكون غائبة عن العقول فى مصر إلا أنها حاضرة فى عقول «الخارج». 1-تصريحاته «العنصرية» ضد اليهود واتهامه بمعاداة السامية.عندما ردّ العام الماضى على أحد نواب البرلمان الذى أبدى خشيته من رؤية كتب إسرائيلية فى مكتبة الإسكندرية فقال له حرفيا: «لنحرق هذه الكتب وإن لزم الأمر سأحرقها بنفسى أمامكم». والسؤال هنا هل هذا رد سياسى لرجل من المفروض أنه محترف سياسيا؟.. هل عقلية الحرق هذه يطمئن لها العالم الذى سيؤمنه على التراث العالمى؟ ما الفرق بين ذلك وبين ما فعلته طالبان من تدمير لتمثالى بوذا فى باميان.. أين قبول الآخر؟ حتى إذا كانت تلك أفكاره فهو حر فيما يعتنق، ولكن ألا يعرف أنه يتحدث باسم مصر؟ ألا يعرف الرجل ماذا تمثل كلمة الحرق بالنسبة للإسرائيليين واليهود من ميراث سيئ فى أذهانهم سواء كان صحيحا ذلك أو مزيفا؟ حتى تصريحاته تلك التى اعتذر عنها فى مايو الماضى فى مقالة نشرت فى صحيفة «لوموند» الفرنسية، داعيًا منتقديه إلى مراجعة «عمله فى الشأن العام منذ 27 سنة فى خدمة الثقافة (.. .) والإنسان والإبداع والكتاب». لم تشفع له حيث ضغط اللوبى الصهيونى فى العالم بشدة وتمكن من إسقاطه. 2- هل تذكرون مصادرة وزارته لكتاب شفرة دافنشى ل«دان براون»؟.. هل يصلح من يؤمن بفكر مصادرة الكتب أن يكون مديرا عاما لليونسكو؟ 3- هل تذكرون تصريحاته عن «الحجاب» التى تراجع عنها فى بلد غالبيته من المسلمين واصفا إياه بأنه «مظهر من مظاهر التخلف والعودة إلى الوراء» وتراجع بسرعة مؤكدا أن كلامه ما هو إلا رأى شخصى.. ما الفرق بين هذا التفكير وتفكير «المتطرفين»-ليس مقصودا المعنى الدينى - الذين يرون عكس ذلك؟!.. ألا يعتبر ذلك إرهابا للمرأة التى تحاول الحكومة تمكينها؟!.. هل هذه العقلية تصلح لإدارة اليونسكو؟ 4- المفارقة عندما تتابع قرارات «معالى وزير الثقافة» لا تعرف الرجل هل هو ليبرالى أم ينتمى إلى التيار الإسلامى أم علمانى أم إلى أى تيار أو فكر ينتمى.. هذه الحيرة فى الحكم على أفكار الرجل أخذتها الدول صاحبة الحق فى التصويت على اختيار مدير عام جديد لليونسكو فى الحسبان! 5-عدم قدرته على اختيار مساعديه فى الوزارة التى تولاها مدة تقرب من 18 عاما، وقضية فساد أيمن عبدالمنعم ساعده الأيمن، وأيضا قضية مدير آثار النوبة التى أبلغ عنها بنفسه شاهدة على ذلك.. فكيف يستطيع اختيار مساعديه فى اليونسكو وهو فشل فى ذلك فى مصر؟ 6- الانطباع الذى ساد لدى الدول الأعضاء أن مصر تريد هذا المنصب بأى شكل من الأشكال مما خلق لديهم حالة من التوجس والشك وذلك يعود إلى عدة أخطاء فى إدارة حملة الدعاية له لا يتسع المجال لها هنا. وبعد ذلك هل عرفتم لماذا خسرت مصر ذلك المقعد المهم؟ المختصر المفيد يقول مارتن لوثر: لا يستطيع أحدٌ ركوب ظهرك.. إلا إذا كنتَ منحنياً. [email protected]