الفساد كائن حى فى كل دول العالم، وفى القطاعات الحكومية والمنشآت الخاصة بدرجات متفاوتة، والمقصود بالفساد الإدارى هو الاضطراب والخلل وعدم الانضباط فى أداء الموظف العام أثناء ممارسة مهام وظيفته المكلف بها، عن طريق التقاعس عن تطبيق القواعد المنظمة لطبيعة عمله فى الحالات المعروضة عليه، أو تنفيذها بطريقة مناقضة للهدف الذى وضعت له، بهدف تحقيق مصالح خاصة أو الحصول على ما لا يستحقه تحت أى مسمى غير قانونى! يجب أن نعترف بأن الفساد - قديماً - كان يتم داخل الجدران المغلقة، وبلغة الإشارة غير المعلومة إلا لأصحاب الخبرة والمواهب الخاصة، وعندما اشتد بنيانه وارتفعت قامته، أصبح يمارس دوره وأفعاله الفاضحة داخل المكاتب العامة فى وضح النهار، وأضحت الصفقات تتم على مائدة العمولات فى حضور شهود العيان والمعازيم دون خوف!! الفساد يملك مجموعة من الأبناء يدينون له بالولاء الكامل، فالابن الأول «البكرى» هو عبد الروتين صاحب مبدأ فوت علينا بكرة والذى يعشق النسر وأوراق البردى.. والثانى المرتشى الذى يعبد المال ويفتح أدراج مكتبه لعشاق النقوط.. والثالث المنافق الذى يمجد الكراسى ويسبح بحمد كل من يجلس عليها.. وآخر العنقود المهمل صاحب الأداء الصامت الذى يقدس نظرية «لا تعمل حتى لا تخطئ».. والمشكلة فى أبناء الفساد أنهم يعتقدون أن ما يحصلون عليه من جراء جرائمهم هو حقهم الطبيعى، ويطلقون على ذلك كلمة عمولة أو إكرامية أو سمسرة، وأن هدفهم من وراء ذلك هو تأمين مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، لأنهم يعتقدون أن ثمار الوظيفة غير مضمونة فى بعض فصول السنة!! الفساد وأولاده لا يستطيعون الحياة فى المرافق العامة التى يسيطر فيها الرجل المناسب على مقادير الأمور، والذى تولى منصبه نتيجة القدرة الفنية والعلمية والكفاءة والاستعداد والمؤهلات الضرورية الواجبة توافرها فيمن يشغل هذا الموقع، بعيداً عن المحسوبية والمجاملات والمصاهرة والنسب وخفة الدم «مسوغات التعيين والترقى فى العصر الحديث» التى تعد من الأسباب الرئيسية فى هتك عرض بعض المرافق والقطاعات، وتؤدى إلى المزيد والمزيد من الإحباط والسلبية والتسيب، فى ظل غياب سياسة محاسبة من يختارون الرجل غير المناسب! المستشار/ رأفت عبدالرشيد