الفساد كائن حى فى كل دول العالم وفى كل القطاعات الحكومية والمنشآت الخاصة بدرجات متفاوتة، والمقصود بالفساد الإدارى هو الاضطراب والخلل وعدم الانضباط فى أداء الموظف العام أثناء ممارسة مهام وظيفته المكلف بها عن طريق التقاعس عن تطبيق القواعد المنظمة لطبيعة عمله فى الحالات المعروضة عليه أو تنفيذها بطريقة مناقضة للهدف الذى وضعت له بهدف تحقيق مصالح خاصة أو الحصول على ما لا يستحقه تحت أى مسمى غير قانونى. الرجل المناسب يؤمن بالحكمة التى تتبناها الدول المتحضرة «أعط عملك كل وقتك وأشعر زملاءك ومعاونيك بيقظتك واعلم بأنك إذا قصرت قصروا وإذا تهاونت أهملوا واعلم أن هناك من استشعروا بوادر النجاح فى بدء حياتهم فركنوا إلى الكسل وانصرفوا إلى اللهو فباءوا بالفشل». محاولات إصلاح الهياكل الوظيفية والنظام الإدارى فى مرافقنا العامة مستمرة ودائمًا يقف الفشل فى نهاية هذه المحاولات والسبب الخفى الذى يرتوى منه الفشل هو أن القيادات الإدارية المنوط بها الإصلاح لا تملك الشجاعة الكافية فى تعميم عملية الترميم على جميع القطاعات والأقسام وعدم وجود ثقافة التحدى فالإصلاح يجب أن يكون عن طريق متابعة الأداء اليومى لدولاب العمل وأوضاع المنوط بهم الدراسة والعرض واتخاذ القرار وفحص الدور الحقيقى لكل وظيفة على حدة ورصد مسؤولياتها وواجباتها وعقب ذلك التدخل بمشرط الجراح الماهر فى تعديل الهرم الوظيفى من القاع إلى القمة عن طريق مجموعة تملك القدرة الفنية على وضع سياسة واضحة ثابتة لا تتغير بتغير الأشخاص والكراسى، تستطيع غلق أبواب المجاملة فى الاختيار بعيدًا عن العواطف والعلاقات الودية والمفاهيم الخاطئة التى تسيطر على عملية الاختيار للمناصب القيادية فى الجهاز الوظيفى للدولة والتى تتسبب فى انهيار كل التجارب الناجحة فى أى قطاع إدارى لا يؤمن بقاعدة «الرجل المناسب فى المكان المناسب» علاوة على ضرورة وضع قواعد صارمة للرقابة على الأداء الوظيفى والتصدى بحزم لأى خلل فى التنفيذ وفى الوقت نفسه إعلاء شأن أصحاب الجهد المتواصل والفكر المنظم وتكريمهم بالإضافة إلى ربط الأداء بالحوافز والمكافآت. ومن التزيد الذى يسمح به المقام أن نؤكد أنه يجب مراجعة اللوائح والتعليمات الإدارية التى وضعت لحاملى الطرابيش لتتواكب مع التطورات التى حدثت فى المرافق التى نالها التغيير ووضع التعليمات والقرارات المنظمة لحقوق الجمهور بطريقة علنية وضبط السلطة التقديرية المتاحة لأصحاب القرارات بقدر الإمكان حتى لا يتم التحايل على القواعد المنظمة للحصول على الحقوق، وفتح الباب أمام الجمهور المتعامل مع المرفق الذى نشم فيه رائحة الفساد فهو الأقدر على العلم ببواطن الأمور وهو الذى يعرف كل صغيرة وكبيرة تقطن فى صحيفة سيئات أصحاب الذمم الرديئة وفى الوقت نفسه العمل على إعداد كوادر فنية تملك المؤهلات المناسبة (الجيل الثانى) ومنحهم المزيد من الاختصاصات والصلاحيات بهدف تجهيزهم لتولى مقادير الأمور فى المرافق العامة فى المستقبل فنحن- بحق- نفتقد الصف الثانى فى كل المستويات الوظيفية لدرجة أننا نعتقد أن بعض المرافق والكيانات سوف تنهار فى حالة غياب القيادة المنوط بها الإدارة على الرغم من عدم صحة هذه الأكذوبة التى يرددها كل منافق أمام أصحاب الكراسى الجديدة.