جامعة الوادى الجديد تطلق المهرجان الأول للأسر الطلابية    ضبط 2.5 طن سكر تمويني ناقص الوزن وتحرير 322 محضرًا بأسيوط    البورصات الأوروبية تغلق منخفضة مع ترقب تحركات الفائدة    18 شهيداً بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على محيط مستشفى الحريري في بيروت    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد دورتموند فى دوري أبطال أوروبا    حابس الشروف: مقتل قائد اللواء 401 أثر في نفسية جنود الاحتلال الإسرائيلي    من يدير المعارك في غزة بعد استشهاد يحيى السنوار؟ قيادي بحركة حماس يكشف    موعد مباراة مصر والسنغال في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية والقنوات الناقلة    كشافة مانشستر يونايتد يتابعون ثنائي نابولي    بعد توقيعه لناديين.. غزل المحلة يعلن إيقاف الزنفلي 4 أشهر وتغريمه ماليًا    ننشر أسماء ضحايا حادث طريق قنا - سوهاج    أطفال تنمية المواهب يغنون يا تمر حنة وتلات سلامات بحفل مهرجان الموسيقى العربية    نتنياهو: بحثت مع بلينكن ضرورة وحدة الصف فى مواجهة التهديد الإيرانى    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    فساد تطعيمات السحائى لطلاب المدارس؟.. "الصحة" ترد علي الفيديو المتداول    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    زينة تحتفل بعيد ميلاد شقيقتها ياسمين وتعلق: «بنتي الأولى» (فيديو)    إعادة تنظيم ضوابط توريق الحقوق المالية الناشئة عن مزاولة التمويل غير المصرفي    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    صفة ملابس الإحرام للرجل والمرأة.. تعرف عليها    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    صور من كواليس مسلسل "وتر حساس" قبل عرضه على شاشة "ON"    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    وصول عدد من الخيول المشتركة فى بطولة مصر الدولية للفروسية    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    ولى العهد السعودى وملك الأردن يبحثان تطورات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط    وزيرا الشباب والتعليم يبحثان التعاون الاستراتيجي في إطار مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"    ظل كلوب يخيم على مواجهة ليفربول ولايبزيج    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    حيثيات الحبس 3 سنوات للمتهمين في قضية فبركة سحر مؤمن زكريا (خاص)    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    حبس سيدة تخلصت من طفلة بقتلها للانتقام من أسرتها في الغربية    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    حيلة ذكية من هاريس لكسر ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.. النساء كلمة السر    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    مصرع طفل سقط من الطابق الثانى بمنزله بالشرقية    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اصطباحة
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 09 - 2009

وقفت فى حضرة الشيخ عبد الله البلخى باكياً وقلت: يا شيخى أخشى على نفسى مصير شهريار، فقال بهدوء العارفين: يا بنىّ شهريار هارب من ماضيه فممّ أنت هارب؟ قلت: أنا هارب من ماضىّ ومن مستقبلى.. أبحث عن الحق وأخشى أن أجده، فلا طاقة لى بتبعات معرفته، فقال مستعيرا مقولة عبدالله العاقل: «من غيرة الحق أن لم يجعل لأحد إليه طريقا، ولم يُيئِس أحدا من الوصول إليه، وترك الخلق فى مفاوز التحير يركضون، وفى بحار الظن يغرقون، فمن ظن أنه واصل فاصله، ومن ظن أنه فاصل تاه، فلا وصول، ولا مهرب عنه، ولا بد منه».
أنت الآن فى حضرة ليالى ألف ليلة، أجمل وأعذب ما كتبه أبو الكتابة نجيب محفوظ، وكل ما كتبه جميل وعذب، أنت فى حضرة الكنز المحفوظى الذى لم يُكتشف بعد، هنا ستنهل ولن ترتوى من نهر الحكمة المحفوظية العابث وهو يجسد غموض مصير الإنسان الذى تدفعه أخطاء تافهة إلى التغير من أحسن حال إلى شر حال، ليبدو كأنه يؤدى دورا عبثيا لا علاقة له برسمه، هنا سيضعك محفوظ وجها لوجه أمام واقعك الذى لا تبدله آلاف الليالى، حيث الحاكم الذى «يأتى بإرادة لا علاقة لها بإرادة الناس ويرحل بنفس الإرادة، ويبدأ حكمه باعثا على الأمل وينهيه مشيعا باللعنات».
فى أبدع لوحات روايته (البكاؤون) يجرد محفوظ شهريار من جبروت الحاكم ليقدمه إنسانا موزعاً بين الخوف والرجاء وهاربا من قصره بعد أن تناسى شعبه آثامه، يرى فى الخلاء صخرة كالقبة يدور حولها رجال يضربونها بقبضاتهم وهم لا يكفون عن البكاء، يقترب الفجر فيتنادون للعودة إلى دار العذاب، يضرب هو بقبضته على الصخرة فينفتح له باب ينبعث منه نور عذب ورائحة زكية مخدرة، يدخل مشفقا من أن يكون طريقه بلا نهاية، لكن المشى العقيم يطيب له،
ولما أوشك أن ينسى لمشيه غاية يجد بركة صافية وصوتاً يدعوه: افعل ما بدا لك، يخرج من البركة فى إهاب فتى مليح قوى، فتخبره صبية ملائكية أنه العريس الموعود لملكة عظيمة تضىء مدينة كأنها الفردوس، يتزوج ويمضى أيامه فى حب وتأمل وعبادة وغناء، فى قصر خلاب يحتاج ألف عام لاكتشاف خباياه، لكنه ينشغل عن كل هذا بباب حرمت عليه زوجته فتحه، قائلة:
«ستعرف السعادة الحقيقية عندما تنسى الماضى تماما»، لكنه يستسلم لنداء خفى ويفتح الباب فيداهمه مارد قبيح يعيده إلى حيث الصحراء والليل والصخرة والرجال والنحيب المتواصل، فيصرخ طالبا الرحمة ويهوى بقبضته على الصخرة هاتفا: «جميع الكائنات تبكى من ألم الفراق».
مع نجيب محفوظ ستبكى على حال أمة كالقطيع يتناوب عليها الحكام دون أن يتغير حالها، بينما أهلها لا يملكون سوى مرارة الرثاء «استشهد الشرفاء الأنقياء..
أسفى عليك يا مدينتى التى لا يتسلط عليك اليوم إلا المنافقون، لم يا مولاى لا يبقى فى المزاود إلا شر البقر؟» أو يستجيرون آملين «ماذا يجرى علينا لو تولى أمورنا حاكم عادل؟» أو يندبون حظهم «ويل الناس من حاكم لا حياء له» أو يكتفون بتشخيص الحال دون سعى للثورة عليه «فساد العلماء من الغفلة وفساد الأمراء من الظلمة وفساد الفقراء من النفاق».
فى «ليالى ألف ليلة» ستجد نفسك دون شك، ربما وجدتها مع شهريار الذى لم ينسه الترف، إنه «كلما جاء الليل تبين لى أنى رجل فقير»، وربما وجدتها فى نصيحة الشيخ العابد «نحن نكابد أشواقا لا حصر لها لتقودنا فى النهاية إلى الشوق الذى لا شوق بعده فاعشق الله يغنك عن كل شىء»،
وربما تمردت عليها مثل نور الدين «إنى مؤمن صادق العبادة ولكننى مازلت عاشقا لمخلوقات الله»، ربما دعاك أحد ذات مرة إلى الشراب فقلت له «رأسى ملىء بالدنان»، وربما هتفت مع قوت القلوب وصوتها يمزق القلوب «من عادة الدهر إدبار وإقبال..
فما يدوم له بين الورى حال»، وربما اجتاحك صوت الشيخ البلخى وهو يهتف بك «طوبى لمن كان همه هما واحدا، ولم يشغل قلبه بما رأت عيناه وسمعت أذناه، ومن عرف الله فإنه يزهد فى كل شىء يشغله عنه»، مع كل هذا وبعده ستشفق على الجهلاء الذين رموا نجيب محفوظ بالكفر، لأنك ستجد نفسك وقد وصلت معه فى آن إلى قمة الإيمان وقمة الحيرة، لا تسألنى كيف، ستصل بنفسك،
وعندما تظن أنك وصلت وعرفت، سيأتيك صوت شهريار هادراً «الوجود أغمض ما فى الوجود»، ثم إنك صدقنى لو لم تخرج من (ليالى ألف ليلة) سوى بنصيحة صنعان الجمالى لإبراهيم العطار لكفاك: «لا تأمن لهذه الدنيا يا إبراهيم».
(إلى روح صديقى وأستاذى محمود عوض.. اقرأوا له الفاتحة).
* يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.