عندما تتجول فى شوارع السيدة زينب قاصدا زيارة أهل البيت لا تنس أن تزور هذا المكان الطاهر الذى يعود نسبه إلى آل بيت رسول الله ألا وهو مسجد الحبيبى، الذى بناه الشيخ محمد بن الشيخ أحمد. إلى الإمام الحسن حفيد رسول الله «صلى الله عليه وسلم». وولد الشيخ محمد بمدينة فاس وحفظ القرآن الكريم قبل السابعة من عمره، وجاء مع والده إلى مصر ليكمل دراسة الفقه الإسلامى فى الأزهر الشريف حتى تصدر للتدريس بالجامع الأزهر ثم توجه عام 1226 إلى عام 1231 هجريا للتدريس فى مكة والمدينة وفى طريق عودته إلى مصر عام 1232 هجريا التقى بوالى مصر سعيد باشا، والذى أصر على تواجده بمصر، خاصة بعد أن أصبح له مريدون كثيرون يستمعون إليه وأعطى له منطقة فى حى السيدة زينب والتى بنى فيها منزله والمسجد وكان يحضر دروسه أعداد غفيرة من العائلة المالكة فى مصر وكبار رجال الدولة، ولكن انتقل الشيخ إلى جوار ربه عام 1271 هجريا ودفن بالمكان الذى يجلس فيه للتدريس ثم أعقبه ابنه السيد محمد محمد الحبيبى، الذى ولد فى مصر عام 1209هجريا، والذى تصدر أيضا للتدريس حتى توفى عام 1304هجريا ودفن بأمر عال بجوار أبيه فى المسجد ثم أعقبه السيد محمد عبدالهادى الحبيبى والذى ولد عام 1280هجريا وذاع صيته حتى توفى عام 1365هجريا وفى هذا الوقت صدر أمر عال من الخديو توفيق بأن يدفن بجوار أبيه وجده، ولكنه رفض وقال قولته الشهيرة: «إننى لن أحول المسجد إلى مدفن لعائلة الحبيبى». وبعد ذلك أعقبه الشيخ محمد عبدالباقى الحبيبى الذى ولد 1887ميلاديا، وتوفى عام 1977ميلاديا وهو أيضا حاصل على العالمية، وقد حضر إليه الملك عبدالله وهو أمير الحجاز، وطلب أن يتولى الإشراف عليه ليصبح إماما للحرم المكى، ولكن والده رفض وللعلم فإن علماء الأزهر فى امتحانه النهائى طلبوا من شيخ الأزهر سليم البشلى والذى كان شيخا للأزهر فى هذا الوقت، أن يؤجل امتحانه النهائى إلى آخر طالب حتى يتمكنوا من امتحانه، وكان من المتبع أن يحضر ستة من علماء الأزهر الامتحان، ولكن حضر له جميع أساتذة الأزهر كل يريد أن يسأله ليعرفوا هل يجيب ابن الشيخ الحبيبى أم لا، وقد أجاب وحصل على العالمية فى عهد الملك فاروق سنة 1345هجريا. ورغم مرور هذه السنين الآن فإن الطريقة الحبيبية تتمتع بشهرة واسعة فى داخل مصر وخارجها حتى وصل صيتها إلى أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية وبعض دول أمريكا الجنوبية وانتشرت مساجد الحبيبية فى أماكن كثيرة. ولكن عندما تدخل المسجد تحس بنفحات إيمانية رائعة تشعر براحة فى البال وهدوء لا يمكن أن تنساه يكفيك أن ترى المسجد من الخارج فهو مبنى قديم جدا ممكن أن نطلق عليه أنه مبنى أثرى ثم تدخل لترى المسجد من الداخل، ترى الضريحين اللذين يأتى لهما المريدون من جميع الأنحاء فى داخل مصر وخارجها، وأن الوافدين إلى المسجد يعرفون تاريخ المسجد وقيمته ويعشقونه لأنه من آل بيت رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وأن كثيراً منهم أكدوا مدى حبهم لآل البيت، وهذا ما أكده لنا إمام المسجد الشيخ محمد عوض، والذى قال إن توافد هذه الأعداد الغفيرة يرجع إلى حب آل البيت فى قلوب المصريين منذ آلاف السنين والذى يستمر إلى ما لا نهاية خاصة أنهم يدركون أن حب آل البيت فرض، امتثالا لقول الله تعالى: «ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» وأن محبة آل البيت لا تكون إلا بالاتباع لله ولنبيه وهذا ما صوره لنا القرآن الكريم «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله». كما أن للضريح ولصاحبه كرامات ينعم بها رواد المسجد وأنه لا يقل قيمة عن قيمة مسجد السيدة زينب رضى الله عنها ومسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه وأرضاه وكل آل البيت أجمعين. وأن جميع الناس تدرك منزلة الشيخ الحبيبى وكراماته، والتى يعيش عليها أناس كثيرون لأنهم يدركون أن آل البيت هم الذين ورثوا العلم عن رسول الله «صلى الله عليه وسلم». جدير بالذكر أن الشيخ محمد الحبيبى هو مؤسس الطريقة الحبيبية التى انتشرت فى جميع أنحاء مصر وكذلك خارجها سواء دول عربية أو أجنبية.