بعد تجارب سينمائية عديدة، منها «حرب أطاليا» و«عربى تعريفة»، يخوض السيناريست حازم الحديدى تجربة الدراما التليفزيونية لأول مرة هذا العام فى رمضان من خلال مسلسل «هالة والمستخبى» الذى تلعب بطولته ليلى علوى وباسم سمرة، والذى يتناول لأول مرة قضية بيع الأطفال فى إطار مثير ومكثف فى 15 حلقة فقط فى شكل جديد ومختلف عما اعتادته الدراما المصرية طوال السنوات الماضية، حيث المسلسلات 30 حلقة وأكثر. الطريف أن الحديدى اعترف خلال حديثه ل«المصرى اليوم» بأنه لا يهوى كتابة المسلسلات أو مشاهدتها، وأن آخر مسلسل شاهده كان «الحاوى» لفاروق الفيشاوى ومعالى زايد وإلهام شاهين. وعن فكرة المسلسل وتقديمه فى 15 حلقة فقط قال: «فكرة تقديمى للمسلسل جاءت أثناء تواجدى فى جلسة عمل ضمت أسرة المسلسل ومنتجيه، وأنا واحد منهم، وكانت بطلته ليلى علوى حريصة على تقديم مسلسلين فى عمل واحد، وبدأنا الاختيار من الأفكار المعروضة لتقديمها، حيث اخترنا عملاً واحداً هو «مجنون ليلى»، وبقى عمل آخر لاختياره، فطرحت عليهم فكرة «هالة والمستخبى» وقضية بيع الأطفال، فأعجبتهم جداً، خاصة عمرو عرفة شريكى فى الإنتاج الذى تحمس لها بشكل كبير، وحين أخبرته (إننى ما بحبش المسلسلات) كان رده أننى الأنسب لتقديمها، وكل كاست المسلسل سواء مؤلفين أو منتجين وأيضاً بطلته سينمائيون. ولهذا خرج بهذا الشكل والإيقاع السريع والمكثف، وقد كتبته بروح السينما، حيث الأحداث متدفقة وسريعة ولا ملل بها، وأعترف بأن الكتابة للتليفزيون مرهقة جداً و«عايزة نفس طويل»، وكان لابد أن أنتهى من الكتابة فى وقت محدد، وقد استغرقت خمسة أشهر لكتابة الحلقات الخمسة عشرة فى معسكر مغلق، لا أفعل شيئاً سوى الكتابة والأكل والنوم، وحين كنت أشعر باختناق كنت أشاهد فيلماً، وهذه المدة استنفدت فى التفكير والكتابة والكتابة مرة ثانية وجلسات العمل لكى تخرج بصورة محترمة ومرضية لى، وكنت كلما انتهيت من حلقة ما أشعر بالسعادة». أضاف الحديدى: فكرة اختزال الفكرة وتكثيفها متعة وليست صعوبة، حيث الأحداث كثيرة ومضغوطة فى حلقات قليلة، بشكل يشعر المشاهد لو فاته 5 دقائق أن الكثير قد فاته ولا يعرف ما حدث، وهذا هو التحدى وشكل الدراما المستقبلية، فما أقوله فى 30 حلقة يمكن سرده فى نصفها بصورة مختلفة وإيقاع سريع، وكما يقول «ماركيز»: المؤلف الشاطر يُعرف بكم ما يحذفه وليس بما يكتبه، ولذلك ف«نص كلمة» مثلاً التى يكتبها أحمد رجب يومياً هى الأنسب للتعبير عن آراء ومواقف كثيرة. وعن شخصية «هالة» التى تجسدها ليلى علوى، قال: هى شخصية نقية وطيبة، مثل التى رأيتها فى أهلى وجيرانى، والتى أوشكت على الانقراض وكنت محبا لاستدعائها، وإن أبرز أن «هى دى مصر بجد»، وهذه هى طبيعتها الخيرة والطيبة، حيث الأحياء الشعبية المليئة بالعراقة والأصالة والناس المحترمة التى لها جذور وأصول فيها الجيد والسيئ، وقد استوحيت شخصيات المسلسل من وحى خيالى ولم أقابل منها فى الواقع، والخيال أفضل كثيراً طالما يخضع إلى منطق ويرتكز على أساس درامى سليم. وحول تناوله قضية بيع الأطفال لمناقشتها فى المسلسل، قال: فكرة بيع الأطفال مطروحة ومؤثرة جداً فى مجتمعنا، وقد تأثرت بها جداً خلال إعدادى لحلقات برنامج «الناس وأنا» الذى قدمه حسين فهمى، ولمست مدى الخطورة التى نتعرض لها كمجتمع، والمهانة التى يتعرض لها أطفالنا، وكيف أنها قنبلة موقوتة، حيث الاتجار بالبشر فى أرخص صوره، وأيضاً تجارة قد تكون أخطر من تجارة المخدرات تدمر المجتمع بكامله. أعجبنى الموضوع درامياً، حيث أم طيبة يختطف أطفالها، بينما تستمد قوة لتقدر على مواجهة الموقف، خاصة أن كل منا معرض لاختطاف أطفاله وبيعهم، بل معرّض لأن يتزوج طفله المختطف شقيقته فيما بعد، حيث أقسى أنواع اختلاط الأنساب، وهو أمر لا آدمى تماماً، يستلزم وقوفنا جميعاً كمجتمع مدنى وشعب وحكومة فى وجه هذه القضية الخطيرة، خاصة أن قانون تجريم هذه القضية لم يخرج للنور إلا قبل عام فقط. وعن تدخل ليلى علوى فى سيناريو المسلسل، قال: كل طلبات وملاحظات ليلى كانت لها علاقة بشخصية «هالة» التى تجسدها، مثل تكثيف العلاقة الجيدة بينها وبين زوجها بشكل يبرز تناقضها فيما بعد وانقلابها عليه عند بيعه لأطفالهما، كان ذلك موجوداً فيما كتبته، ولكن كانت رؤيتها أن يتم التركيز عليه بشكل كبير. ولكن ليلى تتعامل بمنتهى الرقى وتعاملت مع الكثير من المخرجين والمؤلفين قبل ذلك، وحين تبدى ملاحظة يكون ذلك بشياكة، وطالما وجهة نظرها مضبوطة كنت استجيب لها، لأننا كنا دائماً فى حالة نقاش كى نقدم أفضل شىء و«حلقة ما تخرش الميه»، وليس كى «نقفش» مع بعض، أو يتشبث أحد برأيه. وحول أكثر المشاهد صعوبة فى كتابتها يقول: كتابة المسلسل كله كانت صعبة وحلوة فى الوقت نفسه، لأننى كنت أكتب بإيقاع السينما، ولكن أصعبها كان مشاهد المواجهات بين «هالة» وزوجها، وهى مشاهد مهمة وحساسة جداً فى كتابتها.