شهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية اتصالات ولقاءات مكثفة تركزت حول الأوضاع فى السودان بصفة عامة ومحاولة التوصل إلى حل لمشكلة دارفور بشكل خاص. ويبذل المسؤولون المصريون جهوداً مكثفة بالتنسيق مع ليبيا لمحاولة توحيد الحركات المسلحة فى دارفور فى حركة واحدة، أو على الأقل التوصل لاتفاق على موقف ووفد تفاوضى موحد، تمهيداً لانضمامها إلى المفاوضات التى تجريها الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة بالعاصمة القطرية الدوحة بهدف التوصل إلى اتفاق سلام فى إقليم دارفور. وبالتوازى مع الجهود التى تبذلها القاهرة مع الحركات المسلحة فى دارفور يسعى المسؤولون المصريون إلى تنسيق الجهود مع القوى الإقليمية والدولية المهتمة بالوضع فى السودان، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وليبيا وكذلك مع الحكومة السودانية، وهو ما عبر عنه الاجتماع الرباعى الذى عقد بمقر وزارة الخارجية أمس الأول بمشاركة أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية والوزير عمر سليمان، والمبعوث الأمريكى للسودان سكوت جريشن وغازى صلاح الدين، مستشار الرئيس السودانى ووزير الخارجية الليبى موسى كوسه. من جانبه أكد القائم بأعمال السفارة السودانية بالقاهرة إدريس سليمان، أن الاجتماع الرباعى التشاورى ليس خصماً لمفاوضات الدوحة ولا انتقاصاً منها. وقال سليمان: «الجانب المصرى كان حريصاً لدى الاجتماع على تأييد هذا المعنى وأن أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية كان يؤكد دائماً أن هذا الاجتماع للتشاور بين دولتين جارتين للسودان مع الولاياتالمتحدةالأمريكية فى وجود حكومة السودان». ولفت إلى أن الجانبين المصرى والليبى كانا حريصين على وحدة واستقرار وأمن السودان، وتوصيل ذلك للجانب الأمريكى، والتأكيد على أنه إذا حدث انفصال فى السودان سيؤثر على المنطقة وأفريقيا كلها. وأوضح إدريس أن الاجتماع لم يركز على دارفور وحدها، وأنه تناول كل المسائل المتعلقة بالسودان، ومشكلة الجنوب التى أخذت حيزاً أكبر - حسب قوله - من دارفور فى التشاور. وقال: «إن الاجتماع كان رسالة موجهة للأمريكان بأن مصر وليبيا مهتمتان بالسودان، وأنها أمن قومى استراتيجى لمصر بالدرجة الأولى». ووصف سليمان الاجتماع بأنه كان جيداً، مؤكداً أنه وضع النقاط على الحروف بصورة واضحة، وأظهر للأمريكان الاهتمام الواضح والمباشر من جانب مصر وليبيا تجاه السودان، ويعتبر تتويجاً للجهود المصرية فى السودان. وبالرغم من الجهود التى تبذلها القاهرة والمجتمع الدولى لتوحيد الحركات المسلحة فى دارفور لتسهيل عملية التوصل إلى سلام فى الإقليم، أعلنت حركة العدل والمساواة عدم اعترافها بأى طرف غير الحكومة السودانية فى مفاوضات الدوحة، فى الوقت الذى أكدت فيه الجبهة المتحدة للمقاومة أن حركة العدل والمساواة بهذا الموقف تعزل نفسها. وأكد محمد شرف ممثل حركة العدل والمساواة بالقاهرة أن حركته تدعم أى جهود إقليمية أو دولية تهدف إلى دفع عملية السلام فى إقليم دارفور. وقال شرف ل«المصرى اليوم»: إن حركته قدمت قبل أيام للوسطاء فى طرابلس رؤيتها «خارطة طريق» لكيفية حل الأزمة فى دارفور. وأضاف: إن العدل والمساواة لن تعترف بأى طرف ثالث فى مفاوضات الدوحة غير الحكومة السودانية التى تتفاوض معها، مشدداً على أن الحركة الوحيدة التى لها وجود على الأرض فى دارفور هى العدل والمساواة. وقال: أما بقية الحركات التى تتحدث عن وجود لها فى الإقليم هى مجرد أسماء وهمية وحركات موجودة فقط على الإنترنت وهواتف الثريا، وليس لها أى وجود على الأرض فى الإقليم. وأضاف: هذه الحركات مرتبطة بأجندة إقليمية ودولية ومصالح شخصية. وتابع: وبالرغم من ذلك فإننا نوجه الدعوة إلى هذه الحركات التى تدعى أن لها وجوداً على الأرض فى دارفور بالانضمام إلى العدل والمساواة أو الانضمام إلى الحكومة السودانية. من جانبه أكد عبدالله الشطر، المستشار السياسى لرئيس الجبهة المتحدة للمقاومة أن حركة العدل والمساواة بذلك الموقف تعزل نفسها عن الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لحل الأزمة فى دارفور. وقال الشطر ل«المصرى اليوم» إن العدل والمساواة ليس لها أى وجود على الأرض فى دارفور وهى موجودة فى دولة تشاد التى تدعمها، معرباً عن استغرابه من ادعاءات العدل والمساواة بأن الحركات المسلحة الأخرى فى دارفور ليس لها وجود على الأرض فى الإقليم. وقال: «دولة تشاد نفسها التى تدعم العدل والمساواة أحد الوسطاء فى عملية توحيد الحركات المسلحة فى دارفور». وأكد الشطر أن الجهود المصرية والليبية لتوحيد الحركات المسلحة فى دارفور هى أساس جميع الجهود الإقليمية والدولية بهذا الشأن.