(المركب بتغرق يا قبطان).. هذه الجملة هى أكثر جملة تكررت فى شريط الصوت المستخرج من الصندوق الأسود للعبارة (السلام 98)، وأتى ذكرها على لسان بعض العاملين وبعض مساعدى القبطان قبل غرق العبارة.. جملة قصيرة من بضع كلمات لا تصف فقط حال العبارة فى لحظات ما قبل الغرق، إنما تصف حال بلد بأكمله! نعم (المركب بتغرق يا قبطان).. أمواج الفساد عاتية تضرب فى بدن السفينة بكل قوة فتحطم كل ما هو أصيل ونبيل وجميل فى سفينتنا التى كانت يومًا جميلة وتقتل الآلاف بغير ذنب ارتكبوه، ورياح الإهمال تتلاعب بما بقى من السفينة وركابها فتقتل الناس عشوائيًا ودون مقدمات وتبعد السفينة عن مسارها الصحيح!! فى أسفل سفينتنا ثلاثة ثقوب تتسع يوما بعد يوم، ثقب الفقر، وثقب الجهل، وثقب المرض.. تعيقنا أمواج الفساد المتلاطمة ورياح الإهمال العاتية عن محاولة إغلاقها أو حتى إيقاف اتساعها، فيغرق ركاب قاع السفينة بعد أن تحاصرهم مياه ملوثة بفيروسات الكبد والسرطان وأنفلونزا الطيور والخنازير، تسربت من ثقب المرض وتحاصرهم مياه ملوثة بالبطالة والعنوسة والاكتئاب والاحتياج والعوز تسربت من ثقب الفقر والجهلة، بينما يموت يأسًا من تبقى منهم على قيد الحياةة. صراحة لا أعلم من هو القبطان؟! هل هو الشعب لأنه مصدر السلطات-كما هو مفترض- أم هو النظام لأننا دولة مؤسسات -كما يدعون- أم الحكومة لأنها المتحكمة فى كل شىء فعليا؟، صدقًا لا أدرى من هو القبطان لكنى سأردد هذه الجملة الصادقة كما رددها إخواننا القتلى فى العبارة.. سأرددها وأنا لدى نفس الخوف ونفس الذعر على حياتى وحياة من حولى، فربما يستطيع قبطان هذا البلد فعل ما لم يستطعه قبطان العبارة الغارقة وينقذه مما هو فيه، وإلى أن يحدث ذلك سأظل أردد: المركب بتغرق يا قبطان، المركب بتغرق يا قبطان، المركب بتغرق يا قبطان. أحمد عبدالغنى