رئيس جامعة الإسكندرية: دعم الطلاب المتعثرين في المصروفات    بالصور جامعة أسيوط الأهلية تستقبل العام الدراسي الجديد برفع العلم والنشيد الوطني    بالصور- رئيس جامعة بنها يتفقد سير العملية التعليمية ويشارك الطلاب تحية العلم    وزير التعليم العالي يطمئن على انتظام الدراسة بجامعة حلوان    تعليمات جديدة من الأزهر مع بداية العام الدراسي الجديد (صور)    «حياة كريمة»: افتتاح منافذ جديدة لبيع اللحوم البلدي والمجمدة بأسعار مدعمة    التضامن والعمل الدولية تبحثان تعزيز أوجه التعاون في الملفات المتعلقة بالتشغيل والعمالة غير المنتظمة    تداول 3000 طن بضائع و295 شاحنة بميناء نويبع البحري    وزيرة البيئة تبدأ مشاورات غير رسمية حول الهدف الجمعي الكمي الجديد    20 جنيها لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم السبت    صفارات الإنذار تدوى في مستوطنات شرق تل أبيب    مراسل «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي يشن هجمات عنيفة على لبنان    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 41 ألفًا و586 فلسطينيًا    وزارة الرياضة تستقبل بعثة منتخب ناشئي اليد بعد الفوز ببطولة أفريقيا    إحباط ترويج 8000 قرص مخدر بقيمة 9.6 مليون جنيه    أسيوط: مواصلة شن حملات لإزالة التعديات على حرم الطرق وضبط الأسواق بمركز أبوتيج    «تعليم القاهرة» تطلق حملة «ابدأ بصحة» في المدارس غدًا    تامر حسني: فيلم "ريستارت" هينزل في عيد الفطر وليس رأس السنة    كانت بتراضيني.. إسماعيل فرغلي يتحدث عن زوجته الراحلة بكلمات مؤثرة    الاثنين.. القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر في نقابة الصحفيين    بمشاركة مسار إجباري.. حكيم يُشعل المنيا الجديدة بحفل ضخم وكلمات مؤثرة    رانيا فريد شوقي وحورية فرغلي تهنئان الزمالك بحصد السوبر الإفريقي    عمرو سلامة يوجه الشكر ل هشام جمال لهذا السبب    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    «وداعا للمسكنات».. 6 أطعمة تخفف من آلام الدورة الشهرية    رئيس هيئة الدواء: أزمة النقص الدوائي تنتهي خلال أسابيع ونتبنى استراتيجية للتسعيرة العادلة    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بعد الإعلان عن مقتل نصر الله: هذا ليس آخر ما في جعبتنا    خطة المدن الجديدة لاستقبال فصل الشتاء.. غرف عمليات وإجراءات استباقية    إصابة 3 أشخاص في حادث على طريق العريش الدولي بالإسماعيلية    حفيد عبد الناصر: الزعيم يعيش فى قلب كل مصرى    تشكيل أرسنال المتوقع أمام ليستر سيتي.. تروسارد يقود الهجوم    جمهور الزمالك يهاجم إمام عاشور واللاعب يرد (صور)    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    4 نوفمبر المقبل .. وزارة الإسكان تشرح للمواطنين مزايا التصالح على المباني المخالفة    سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 28-9-2024 في البنوك    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي يجب الالتزام به    الجيش الإسرائيلي يؤكد اغتيال حسن نصر الله    الهند تحذر:استمرار باكستان في الإرهاب سيؤدي إلى عواقب وخيمة    30 يومًا.. خريطة التحويلات المرورية والمسارات البديلة بعد غلق الطريق الدائري    وزارة الصحة: إرسال قافلة طبية لدولة الصومال لتقديم الخدمات الطبية    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل دولة مارقة لا تكترث للقرارات الدولية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف بعلبك والمناطق الجنوبية اللبنانية    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 29 سبتمبر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    عاجل.. أول تحرك من الخطيب بعد خسارة الأهلي السوبر الأفريقي    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    جوميز: الزمالك ناد كبير ونسعى دائمًا للفوز    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    زيزو: قرار استمراري مع الزمالك الأفضل في حياتي    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



براءة ممدوح إسماعيل وإدانة السمك
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 08 - 2008

ما الفرق بين الواقع والأسطورة؟ من وجهة نظرى لا شىء، فالواقع أسطورة لم يتم كتابتها، والأسطورة واقع تم تجاوزه واستخلاصه ومعرفة جوهره، ثم عمل فيه الخيال ليضيف عليه أبدية واستمراراً. ودائماً تدفعنا الأسطورة إلى السخرية من أحكام القضاء، والعبث بالمقادير، للإيمان بالإنسان كقيمة حقيقية تتحدى قسوة الطبيعة وطغيان الاستبداد. وفى ظنى أن لكل أسطورة ما ترتكز عليه فى الواقع، لتكتسب حيوية وصدقاً، لكن لو طبقنا هذا الافتراض على قضية العبارة التى راح ضحيتها 1034 إنساناً، يحملون أحلاماً صغيرة، وشوقاً كبيراً، فماذا سيتبقى منها ليخلد فى ذهن البشرية؟
فى ظنى أن ما سيبقى هو شريط الصندوق الأسود كأيام المصريين، الذى حمل لنا الصفير دائم، والأصوات البشرية المتقطعة وحروفها غير المفهومة والأوامر الصادرة من القبطان التى لا يعرف مغزاها إلا من تصدر إليه، وجملة واحدة أتت واضحة، مستفزة، أليمة، "... المركب بتغرق يا قبطان .. المركب بتغرق يا قبطان .." ملخصة لنوبة الغرق، التى يعوم فيها الشعب المصرى ولا تقدر أذرعه على حمله للنجاة منها والوصول إلى شاطئ الأمان البعيد.
قادرة هذه الجملة المركب بتغرق يا قطبان على اختراق قوانين الطبيعة، فإن سمعتها بالليل تنير لك عتمة الاتهامات، وإن سمعتها بالنهار أظهرت لك مقدار الحلكة التى نتخبط فيها. بالتوازى مع انهزامية الجملة، تتصاعد فى الخاطر حماسية أغنية "مصر يا اما يا سفينة مهما كان البحر عاتى ... ملاحينك فلاحينك يزعقوا فى الريح يواتى .." ثم تأتى الأسئلة: إن كانت مصر سفينة، فلماذا قسى عليها البحر إلى هذه الدرجة، وإن كان "ملاحينك فلاحينك" فلماذا خان الفلاحون بعضهم البعض، وإن كانت "زعقة" أبنائها فى الريح تجعله يأتى صاغراً، فلماذا وهن صوتهم للدرجة التى تجعله هسيساً لا يقوى على الخروج من الشفاه، وإن خرج لم يسمعه أحد، وإن سُمع لا يجد إلا الاستهانة؟
"المركب بتغرق يا قبطان"... من قائلها؟ ما شكله؟ كيف واجه مصيره؟ ... أسئلة لن تجد لها إجابة، لأن أعظم كلاسيكيات الأدب فى الشرق لا يُعرف لها كاتب، وإن عُرف، فحوله غموضاً كبيراً وحيرة أكبر، ينتمى إلى هذه النوعية مجهولة المصدر مؤلفات خالدة مثل ملحمة جلجاميش، إيزيس وأوزوريس، ألف ليلة وليلة، وحتى فى الغرب لا يكاد الأمر يختلف كثيراً، وهذا الجدل فى نسبة الأعمال الكلاسيكية الكبرى إلى فرد بعينه، فتح الباب للإضافة والتحريف وإعادة إنتاجها فى صور أدبية كثيرة، وساهم أيضاً فى صنع مجدها وخلودها، وهذا ما سيحدث تماماً مع قضية العبارة وجملة غرقها الشهيرة.
البحر فى معظم أساطير الشرق يلعب دوراً كبيراً، وخاصة فى أسطورة إيزيس أوزوريس، فبعد أن يقتل ست إوزوريس يلقى به فى النيل الذى يحمله إلى البحر المتوسط ثم إلى لبنان، ثم تعيده إيزيس وتقيم صلواتها لتحييه وترجعه إلى مصر، فيقتله ست مرة أخرى ويلقى بجسده فى النيل ليذوب عضو أوزوريس الذكرى فى المياه ليعطى الخصوبة للمصريين، وبعد أن يكبر حورس ابن إيزيس وأوزوريس يقتل ست ويلقى بجسده فى النيل فيأكله السمك، فيحرم المصريون أكل سمك النيل على أنفسهم، ترى كيف سيتعامل المصريون مع أسماك البحر الأحمر؟
أولى خطوات تحويل قضية العبارة إلى أسطورة هو الفيلم الذى يتم إعداده الآن، ومحتمل أن تجد أغنية الفيلم تحمل معنى يقترب من "المركب بتغرق يا قبطان"، وليس ببعيد أن تكتب حول هذه الحادثة المروعة مسرحية شعرية مأساوية، تصور ممدوح إسماعيل كإله البحر المستبد الذى يغرق عبارات الحجاج الطيبين، ويميت الشباب المهاجرين إمعاناً فى الاستبداد، ومن الجائز أيضا أن تكون المسرحية هزلية، تثأر للضحايا وتُغرق الجناة، ويأتى الحكم ببراءتهم، وتجريم الأسماك التى التهمتهم، والحكم عليها بتقيؤ الجثث والالتزام بالمصاريف وأتعاب المحاماة، لتصبح جملة "المركب بتغرق يا قبطان" هى عرض حال شعب بأكمله، ويصبح اسم ممدوح إسماعيل عنواناً كبيراً لحالة فساد فى البر والبحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.