أعطى الموقع الجغرافى لمصر أهمية كبرى لدورها فى المنطقة المحيطة بها، بل للعالم أجمع، ونتيجة لموقعها الجغرافى وحضارتها الضاربة فى عمق التاريخ كانت مكانتها ودورها فى المنطقة والعالم من حولها.. كان موقعها الجغرافى مقدمة لدورها السياسى فى العالمين العربى والإسلامى، فمصر هى التى دافعت عن الأخطار التى أحدقت بالأمة العربية والإسلامية المتمثلة فى الخطرين الصليبى والمغولى التترى والانتصار عليهما فى موقعتى حطين وعين جالوت، كما صدت الغزو الفرنسى والإنجليزى والإيطالى والإسبانى فى العصر الحديث، ووقفت بجانب الدول العربية والإسلامية، وكل حركات التحرر فى العالم الثالث، كما شاركت فى تأسيس منظمة دول عدم الانحياز.. منذ فجر التاريخ كانت مصر هى حائط الصد، والسد المنيع الذى يقف ضد الهمجية.. هذه هى مصر المكان والدور والمكانة.. ولعلكم تتساءلون لماذا كتبت كل هذه المقدمة الطويلة عن مصر ومكانتها؟ السبب أننى اندهشت لما تقوم به وسائل الإعلام المصرية - خاصة الحكومية - من تهليل وطبل وزمر لأن الرئيس الأمريكى أوباما قرر أن يخاطب العالم الإسلامى من مصر! وكأن مصر قبل زيارة أوباما كانت نكرة، وبزيارته سيصبح لها دور ومكانة بين الأمم! وسينالها التشريف وستصير دولة كبرى وسط الدول!.. يا إخوانى أليس هذا التهليل والطبل لزيارة أوباما لمصر تقزيما لمصر المكان والمكانة؟ لقد تبارى كل فريق فى التكهن من أى مكان سيلقى أوباما خطابه وتبرع كل واحد باقتراح المكان إما جامعة الأزهر أو جامعة القاهرة أو من عند الأهرامات!. أعتقد أن أوباما سيلقى خطابه القادم فى مصر من جامعة الأزهر، وذلك لأنه يريد بدء علاقة حميمية بين أمريكا والشعوب الإسلامية بالإضافة لما فى ذلك من اعتذار رسمى عن فترة أمريكا بوش التى كيلت فيها الاتهامات للمسلمين، ولا يوجد مكان خير من جامعة الأزهر.. كما أن اختياره للأزهر الشريف دلالة واضحة بأنه أى الأزهر كان فى يوم من الأيام حائط الصد ضد التغلغل الشيعى للمنطقة، وهذا ما يحتاجه أوباما فى الفترة القادمة! عثمان محمود مكاوى - ديروط