أثار تخفيض البنك المركزى المتتالى لسعر الفائدة فى البنوك، جدلا واسعا بين الخبراء، الذين اعتبر بعضهم هذه التخفيضات تزيد الفجوة اتساعا بين متوسط فائدة أذون الخزانة «11.5»، المضمونة من الدولة والتى تطرح دوريا لمدة 91 يوما لسد عجز الموازنة العامة للدولة، وبين متوسط الفائدة البنكية التى وصلت إلى 9%، وهو ما اعتبره البعض خللا فى هيكل أسعار الفائدة، يجب تقليله حتى لا يزيد الدين المحلى. وقال الدكتور فخرى الفقى، خبير اقتصادى: «إن تزايد عجز موازنة الدولة يؤدى إلى زيادة طرح الحكومة لأذون الخزانة، وفى المقابل تسعى المؤسسات غير المصرفية التى تشترى الأذون الى زيادة الفائدة حتى نقبل على شرائها». وأضاف:« أن هيكل سعر الفائدة لابد أن يتجانس»، مطالبا بإعادة هيكلة سعر الفائدة، خصوصا أن سعر الخصم على أذون الخزانة، لا يستقيم مع باقى أسعار الفائدة فى السوق النقدية، موضحا أنه مثلما نجح البنك المركزى فى تقليل الفجوة بين أسعار الفائدة الدائنة والمدينة، فإنه فى حاجة ماسة إلى تضييق الفجوة بين أسعار الفائدة على أذون الخزانة والبنوك، خاصة أن ارتفاعها يكلف الحكومة أموالا إضافية وزيادة فى الدين الداخلى. وأكد أن استمرار الوضع بهذا الشكل يعنى ارتفاع الدين العام المحلى، الذى تعدى النسب المتعارف عليها عالميا ووصل حاليا إلى 80% من إجمالى الناتج القومى، مشيرا إلى أن ارتفاع العائد على أذون الخزانة سيشجع الشركات غير المصرفية كالتأمين، على تفضيل هذا النوع من الاستثمار المضمون وعالى الفائدة، والإحجام عن التعامل مع البنوك. وشدد الفقى على أن هذه الفجوة تؤكد وجود خلل فى هيكل سعر الفائدة، وأن البنك المركزى ليس مسؤولا عن ذلك ولكنها مسؤولية وزارة المالية التى يجب أن تعمل على تخفيض عجز الموازنة . من جانبه قال محمد سامح، الباحث فى أكاديمية السادات، إنه نتج عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر خلل هيكلى، حيث أصبحت البنوك تقبل الودائع قصيرة الأجل بسعر فائدة 9% ولديها خيار أن تشترى أذون خزانة بسعر فائدة 11.5 وهو ما يحقق لها عوائد مرتفعة جدا دون ادنى مخاطر تذكر. وأضاف: «أن ذلك أدى إلى اتجاه البنوك التى تعانى اصلا مشكلة ارتفاع السيولة إلى عدم لعب دورها الاساسى فى الاقتصاد وهو دور الوسيط بين القطاع العائلى وبين طالبى الاقتراض وهم المستثمرون، والاتجاه فى المقابل إلى الاستثمار فى أذون الخزانة، ما نتج عنه تعقيد فى عملية الإقراض مما يقلص قدرة الاقتصاد المصرى على النمو مستقبلا». وفى المقابل قال أحمد سليم، نائب رئيس البنك العربى الافريقى، :»إن طرح الحكومة أذون خزانة سببه الحاجة إلى تمويل محدد فى وقت معين، وبسعر فائدة متغير وليس ثابتا مما يعنى أن سعر الفائدة على أذون الخزانة قابل للنزول». واعتبر أن هذا التفاوت فى هيكل أسعار الفائدة لا يمثل أى خلل فى السياسة النقدية والمالية، وأن هناك عرفا منذ عشرات السنين بأن الحكومة ضامنة لجميع البنوك، مما يعنى أن المخاطرة شبه معدومة. وقال شريف سامى، خبير استثمار،:«إن ارتفاع الفائدة على أذون الخزانة، لا يعنى إحجام المودعين عن التعامل مع البنوك، التى تتميز بالمرونة فى تسييل الودائع، كما أنها مضمونة من قبل البنك المركزى، مضيفا أن الأذون أدوات مالية تلجأ إليها جميع الحكومات، لسحب السيولة من السوق ».