قام البنك المركزى بتخفيض سعر الفائدة ست مرات خلال العام الحالى، وهو ما أثار جدلا واسعا حول تأثر المودعين، الذين تضرروا بشكل أساسى، خاصة مع استمرار ارتفاع الأسعار. لم تخفض أغلبية البنوك الفائدة على الودائع لأقل من سنة، لتبقى عند مستوى 5.5%، فى المتوسط، سنويا وذلك برغم قرار البنك المركزى منذ عشرة أيام بخفص سعر الفائدة الأساسية بواقع 0.25%. فمن بين 6 بنوك سألتهم «الشروق»، من ضمنهم بنكا مصر والأهلى، قال 5 منهم إنهم ثبتوا الفائدة على الودائع فى حين خفض واحد فقط بنحو 5.2٪. «البنوك تبحث فى النهاية عن مصالحها، فتخفيضات المركزى كانت كثيرة وسريعة جدا الفترة الماضية، وإذا استجابت البنوك، فسوف تخسر العديد من المودعين»، كما قال أحمد سليم، مدير بالبنك العربى الأفريقى. وفى هذا السياق، أشارت سلوى العنترى، مدير عام قطاع البحوث فى البنك الأهلى المصرى سابقا، إلى أن «نسبة كبيرة من المودعين اضطروا إما إلى تسييل بعض الأصول التى لديهم، أو الاتجاه إلى أشكال أخرى لاستثمار أموالهم فيها، مثل الأراضى أو شركات توظيف الأموال، بعد أن وجدوا مدخراتهم تتآكل، وأضيروا ضررا كبيرا من التخفيضات المتتالية للعائدات على الودائع». كان البنك المركزى قد قام بتخفيض الفائدة ست مرات متتالية خلال 2009، كان آخرها الشهر الحالى، عندما خفضها 0.25%، لتصبح 8.25% على الودائع، و9.75% على الإقراض، مسجلة أدنى مستوى لها منذ أكتوبر 2006، وذلك بعد أن كان قد قام برفعها ست مرات خلال العام الماضى. ويمثل القطاع العائلى الأغلبية العظمى من المودعين، وهو القطاع الذى يعتمد على الفائدة بشكل كبير فى معيشته، تبعا لسليم، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتعرض بعض الأفراد خلال الفترة الماضية إما إلى فقد وظائفهم أو تخفيض الأجور. ويذكر أن الفائدة الحقيقية، التى يتم حسابها بخصم التضخم من سعر الفائدة، سالبة منذ يناير 2008، عندما كانت الفائدة تبلغ 9%، فى حين أن التضخم كان معدله 10.5% وقتها. وبحسب العنترى، التخفيضات المتتالية للفائدة خلال الفترة الأخيرة، قد انعكست على معدل نمو الودائع بالعملة المحلية، الذى انخفض إلى 8% فى العام المالى 2008/2009، مقابل 19% فى العام المالى السابق عليه، أى بأكثر من النصف. الادخارية أقل من سنة، فإنه قام بهذا الإجراء على الأوعية التى تزيد على سنة، بنسبة 25%، «وهو ما يعنى أن التخفيض لن يسرى إلا على نسبة قليلة من أصحاب الأوعية الادخارية فى البنك» تبعا لطارق عامر، رئيس البنك، الذى أشار إلى أن إجمالى الأوعية بالجنيه المصرى فى البنك تصل إلى 171 مليار جنيه. وأكد عامر أن هذا الاتجاه لن يؤثر على معظم المودعين فى البنك، مرجعا ذلك إلى أن التخفيض لن يسرى على أصحاب حسابات التوفير بالبنك، والتى تصل قيمتها إلى 47 مليار جنيه، ولا على أصحاب شهادات الاستثمار البلاتينية، التى تصل مدتها إلى ثلاث سنوات، فسوف يظل أصحابها يحصلون على فائدة تتراوح مابين 10% إلى 12% حسب سنة الربط، وتصل قيمة هذه الشهادات إلى 75 مليار جنيه. كما أن التخفيض لن يسرى أيضا على الودائع لأجل، وهى أقل من سنة، وتبلغ 28 مليار جنيه، طبقا لما أكده عامر. وقد انتقد سليم «السلطة النقدية، التى تغض النظر عن البعد الاجتماعى، وتطبق أسس علم الاقتصاد فقط»، بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن «الحكومة هى وراء هذه التخفيضات، التى تسعى إلى تخفيف عبء سداد فوائد ديونها». وتوافقه الرأى العنترى، التى ترى أنه «إذا كان المركزى يهدف من تخفيض الفائدة تشجيع رجال الأعمال على الاقتراض، لدفع النمو، فإن المستفيد الأساسى من التخفيضات السابقة هو الحكومة، وليس القطاع الخاص»، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أن التخفيض الأكبر كان للفائدة التى تدفعها الحكومة على أذون الخزانة والسندات الحكومية، أما الفائدة على القروض الخاصة فلم يحدث بها انخفاض ملموس. وكانت الاستثمارات العامة قد زادت بنحو 18 مليار جنيه خلال العام المالى 2008/ 2009، فى حين انخفضت استثمارات القطاع الخاص بمقدار 20 مليار جنيه خلال نفس العام، تبعا لبيانات وزارة التنمية الاقتصادية. وتوقع كل من العنترى وسليم استمرار خفض المركزى للفائدة فى الاجتماعات القادمة، لمساندة الحكومة فى التوسع فى استثماراتها، «السياسة النقدية سوف تظل توفر تمويلا رخيصا للحكومة»، على حد تعبير العنترى. وحول إمكانية استمرار صمود البنوك لفترة طويلة بعدم تخفيضها للفائدة على الودائع، خلال المرات القادمة، استبعد سليم إمكانية تحقيق ذلك، «المركزى قد يتخذ خطوات لدفع البنوك للتخفيض»، كما توقع المدير.