عليا الوفد: تحديد جلسة في 26 أكتوبر الجاري لانتخاب رئيس "برلمانية الوفد "    البنك الأهلي المصري يوقع بروتوكول تعاون مع المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة «ابدأ»    إيطاليا تستدعى سفير إسرائيل بعد إطلاق الاحتلال النار على اليونيفيل بلبنان    أحمد سليمان ليلا كورة: لم نتلق أي خطاب رسمي بشأن إيجابية عينة بنتايك أمام الأهلي    نجم الأهلي السابق: الأحمر لن يخسر بطولتين بشكل متتالي    بث مباشر مباراة الاتحاد وسبورتنج في البطولة العربية للسلة    تفاصيل التحقيق في اتهام مدرس بالتحرش بطالبة في الإعدادية داخل مركز تعليمي    حالة الطقس غدا الجمعة 11-10-2024 في محافظة الفيوم    موعد شهر رمضان 2025.. والعطلات الرسمية خلاله    فيلم بنسيون دلال يحقق 145 ألف جنيه في أول أيام عرضه    عزاء والد الفنان لؤى عمران مساء السبت المقبل بمدينة نصر    الدعاء يوم الجمعة: عبادة مباركة وفرصة لتحقيق الأمنيات    «الإفتاء» تحذر من التحايل للاستيلاء على السيارات المخصصة لذوي الهمم: خيانة أمانة    «الأورمان» تنظم معرضا مجانيا للملابس وقوافل طبية ضمن حملة «إيد واحدة»    قافلة طبية مجانية في قرية المصيلحة بشبين الكوم    محافظ أسوان يتفقد سير العملية التعليمية بمدرستي اليابانية وكلابشة    مواعيد امتحانات وإجازة نصف العام الدراسي بالمعاهد الأزهرية 2025    جامعة المستقبل في مصر تحقق إنجازاً عالمياً جديداً في التصنيفات التعليمية    شباب جنوب سيناء تطلق ماراثون دراجات ويوم رياضي بمدينة دهب    اتحاد الكرة يعلن فتح باب الترشح للانتخابات 10 نوفمبر    رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    ندوات توعوية عن تمكين المرأة الريفية اجتماعيا واقتصاديا ضمن "بداية" بالداخلة    شومان: الوحدة واليقظة والوعى سلاحنا لمواجهة أى عدو    سقوط عاطل متهم بالنصب على عدد من الأشخاص فى الهرم    بروكسل تتعهد بمنح مولدوفا حزمة مساعدات اقتصادية بقيمة 1.8 مليار يورو    إطلاق الرصاص على شركة إسرائيلية في السويد    «زواج وعلاقات».. لمن ينجذب رجل برج الحمل؟    «المصير» الأبرز.. 11 فيلمًا في مشوار محمد منير كممثلا    إيمان العاصي تكشف كواليس "خناقة" عز ونور الشريف في مسجون ترانزيت: أنت أحق    مغردون: حميدتي ظهر في خطابه مرتبكا ومقرا بالهزيمة    عقر دار حزب الله وبنك أهداف ثمين للاحتلال، معلومات عن "حارة حريك" موقع اغتيال نصر الله    باحث سياسي: نتنياهو يسعى لإعادة تشكيل الشرق الأوسط    خبير عسكري: صواريخ حزب الله الخطر الأكبر على إسرائيل    رئيس الوزراء: مصر قطعت شوطًا طويلًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية    شيخ الأزهر يستقبل رئيس معهد «ديا ماليلا» الإندونيسي    لقاءات للتوعية بالحفاظ علي النيل لقصور الثقافة ب دوري المكتبات في دورته الثانية    تشييع جثمان أم أبناء الدكتور حسام موافي (صور)    مركز مصر للدراسات: الدولة تولى اهتماما بملف تأمين السلع والمخزون الاستراتيجى    وزيرة البيئة توجه بتكثيف الحملات التفتيشية على محاور منظومة مواجهة نوبات تلوث الهواء الحادة    عفت نصار: الزمالك رغم المعاناة يظل أكبر قلعة رياضية في مصر    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة غدآ.. تعرف عليها    حملة مرورية مكبرة تضبط 11 ألف مخالفة تجاوز سرعة مقررة    تسليم 2218 شهادة استبيان تراخيص إقامة مباني داخل الحيز العمراني بالشرقية    صحة مطروح: تقديم 480 خدمة طبية خلال القافلة الخدمية الشاملة بواحة سيوة    إجراء 1274 جراحة مجانية ضمن مبادرة "القضاء على قوائم الانتظار" بالمنيا    الكشف عن قائد منتخب إنجلترا في غياب هاري كين    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    ضبط عنصرين إجراميين في أسيوط بتهمة الاتجار بالأسلحة النارية والذخائر    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    إعلامي يكشف عن النادي الجديد للقندوسي بعد قرار الأهلي ببيعه    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    سياسيون: الحوار الوطني مناخ صحي ديمقراطي تشهده مصر تحت رعاية الرئيس السيسي    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    مدحت صالح نجم افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    إصابة 11 شخص إثر حادث تصادم بالطريق الإقليمي في الشرقية    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب الرصيف.. جنس ودين وسياسة وفضائح

كتاب الرصيف جزء لا ينفصل عن واقع نشر الكتاب فى مصر، وإن كان يمثل الجزء الخفى والمسكوت عنه فى حركة النشر.. هو كتاب الطبعات الشعبية، لكنها غير شرعية، لأن ناشره لا يراعى- فى الغالب- حقوق النشر والترجمة إذ يدعى ناشروه أنهم يرتكبون سرقاتهم لنشر الثقافة بين الناس، ومن اجل تلبية رغباتهم.
سوق الرصيف تنهار فيها كل القيم المعروفة عن صناعة الكتاب، والقيمة الواحدة المتبقية هى استمرار البيع.. على حد تعبير أحد العاملين فى إنتاج كتاب الرصيف.
محمود هريدى صاحب دار «المصرية» يوضح ذلك بقوله: «لا نطبع كتباً أجنبية، أغلب المؤلفين الذين نتعامل معهم مصريون». لا يحمل «هريدى» كراهية للكتّاب غير المصريين، وإنما يريد أن ينفى عن نفسه تهمة يمارسها ناشرون آخرون، ويتضح ذلك من قوله: «نحن لا نطبع كتباً مثلا لأجاثا كريستى، دون ذكر اسم المترجم».
اللافت أن عناوين أجاثا كريستى، التى سألنا هريدى عنها، لا تنسب إلى مترجم. يبرر «هريدى» ذلك بقوله: «هذه الكتب تصدر عن بيروت، وعلاقتنا بها تقتصر على التوزيع، وهى كتب مقتبسة بتصرف، حيث يتم اختصارها، من الأعمال الأصلية». وعندما سألنا هريدى عن المؤلفين- المصريين- الذين يتعامل معهم ذكر أسماء تختلف عن أسماء المؤلفين التى وضعت على أغلفة إصدارات دار النشر التى يمتلكها، إذ يبدو أن المؤلف فى سوق كتاب الرصيف يحمل أكثر من اسم.
أغلب العاملين بنشر هذه الكتب عملوا ببيع الكتاب، ثم انتقلوا إلى صناعة الكتاب ونشره. هناك خبرة يجب تكوينها قبل دخول هذا العالم، وهذا ما يؤكده محمود عطية صاحب دار «الحياة»، الذى انتقل من بيع الكتب إلى صناعتها إذ عمل لأكثر من 20 سنة فى سور الأزبكية، ومن قبله سور جامعة الأزهر، حتى أسس دار «الحياة» منذ 5 سنوات. الدار تعمل فى إصدار الكتاب وتوزيعه على أرصفة وفرشات القاهرة.
يرى «عطية» أن النشر فى الأصل رسالة، لكن لابد من مراعاة «متطلبات السوق»، ويبرر ذلك بقوله: «حتى لا نصدر كتباً ونكومها بالمخازن، ولا تباع».
تصدر دار «الحياة» روايات الكاتبة البريطانية «أجاثا كريستى» باعتبارها من أعلى المبيعات فى العالم، وتتضمن سلسلة الروايات البوليسية المشهورة ترجمات خليل حنا تادرس - تصل إلى 20 رواية- و24 رواية مترجمة أخرى دون ذكر اسم المترجم .. ويقول «عطية»: «هى ترجمات مقتبسة. لا نأخذ حقوقاً، هى كتب عالمية وترجمتها ونشرها رسالة نريد تقديمها للجمهور»!.. هكذا تصدر «الحياة» نسخاً مقرصنة من أعمال «كريستى» بسعر لا يتجاوز 5 جنيهات.
مؤمن محمدى كتب عدة مؤلفات من كتب الرصيف، وإن كان «محمدى» يفضل أن يعتبر ما يقوم به «إعداد مادة خام لموضوعات يطلبها منه ناشرو الرصيف» على حد تعبيره.
قبل ثلاث سنوات، دخل مؤمن محمدى هذا العالم، وأنتج ما يزيد على ال100 كتاب حتى الآن. الحكاية بدأت بكتاب «فضائح هالة سرحان» مع دار «إبداع»، وصدر على خلفية اتهام المذيعة المشهورة بتلفيق موضوعات برنامجها، وحقق الكتاب مبيعات مرتفعة. توالت الطبعات، ومن ساعتها، صار اسم مؤمن محمدى مطروحاً فى هذه السوق كمؤلف: «إذا سألتنى لماذا كتبت؟ سأجيبك بصراحة من أجل الفلوس. حينما نشرت كتاب هالة سرحان كان أغلب الجرائد مهتما بالموضوع، لماذا نعتبر أنها موضوعات مسموحة للجرائد ومرفوضة لكتاب الرصيف!».
«كل سوق فيها مستويان من الإنتاج.. مستوى يلقى فيه المنتج عناية ورعاية كاملة من صناع المنتج الثقافى، أى اهتمام ينعكس على كل المشاركين فى العمل. وهناك مستوى آخر لا تتوافر له هذه المقومات، لكن اليد البطالة نجسة».. هكذا يوضح «محمدى» فلسفة هذه النوعية من الكتب، وآلية عملها فى الوقت نفسه. أصحاب الدور يريدون أن يعملوا حتى «لا يكونوا عاطلين عن العمل».. أى إننا نتحدث عن ناشر يعمل بالحد الأدنى لمعايير النشر.
يوضح «محمدى» صفات القارئ الذى يخاطبه بقوله: «قارئ الرصيف فى أدنى المستويات الثقافية والفكرية، فهو قارئ يريد كتاب نميمة مثلاً، أو معلومات بسيطة عن الصحة فى كتاب طبى، أو قصيدتين لنزار قبانى. مستهلك طموحه من الكتاب متدن، يقابله صانع يقدم له هذا المستوى المتدنى.. نحن نتكلم إذن عن طرفين يريدان الحد الأدنى.. القارئ والناشر».
تمثل هذه السوق تلبية لحاجات ورغبات الجمهور.. لتوضيح ذلك يصوغ «محمدى» مثالاً بالقارئ الذى يريد أن يقرأ قصائد نزار قبانى، سيكون عليه أن يقرأ الأعمال الكاملة الشرعية، والتى تباع بمبلغ ضخم، «هذا القارئ يريد أن يقرأ أشعار نزار بمبلغ أقل.. هكذا تتكون فكرة تقديم عمل عبارة عن دراسة لقصائد نزار، وتحتوى على معظم الأعمال.. يمكننا اعتبار ذلك تحايلا لتقديم طبعة شعبية من نزار قبانى».. وهكذا يكون الكتاب «يشبه» الدراسة، وفى الوقت نفسه يشبه الأعمال الكاملة.
كيف يتم إعداد الكتاب؟ نسأله ويوضح أن الحكاية لا تبدأ من جانبه كمؤلف، بل من جانب الناشر، الذى هو فى الأصل موزع يسيطر على فرشات القاهرة (العاصمة بها حوالى 50 فرشة)، كذلك هو مرتبط بالفرشات فى العالم العربى.. أى أن الموزع الناشر يعرف الموضوعات المطلوبة فى العالم العربى.. هكذا يتحول بائع الكتاب للفرشات إلى ناشر رصيف يعد طبعات تتناسب مع قدرة الزبائن على الشراء.
يقول «محمدى»: «إذا سأل الجمهور عن فوائد البصل، يصير تأليف كتاب عن البصل أمراً مطلوباً بشكل ملح.. وهكذا يصبح الكتاب المطلوب هو الكتاب القيم».
تتغير جميع مفاهيم النشر التى نعرفها، فيصير المؤلف الجيد هو المؤلف السريع، الذى يمكنه أن يعد كتاباً متماسكاً، فيه عناوين جذابة و«إيفيهات» حلوة، ليكون الكتاب فى الأسواق قبل انتهاء فترة الطلب على موضوعه.
وفى النهاية، يقول مؤمن محمدى: «أى محاولة تجديد أو تعديل فى هذا العالم غير ممكنة، هذا العالم قام واستقر على جهود موزعين، وهؤلاء لا يهمهم إلا البيع.. سنستمر فى هذا العمل، لأننا لا نمتلك خياراً آخر»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.